في خضم التوترات الأمنية التي يعيشها لبنان وسط حالة الذعر من ظاهرة الانتحاريين التي ترخي بظلالها على البلاد, حذرت مصادر أمنية رفيعة من عودة مسلسل الاغتيالات السياسية إلى الساحة, في إطار مخطط للنظام السوري يهدف إلى نسب الجرائم للمتطرفين من تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) والمجموعات التي تدور في فلكه.

 

وفي هذا السياق, كشفت معلومات خاصة لـ”السياسة” عن أن المخطط يشمل تصفية نواب ومسؤولين حاليين وسابقين بهدف خلط الأوراق وإرباك الساحة السياسية, والإفادة من أجواء الرعب التي ينشرها “داعش” منذ بداية الشهر الماضي في المنطقة.

 

ووفقاً للمعلومات المستقاة من مصادر أمنية رفيعة في شمال لبنان, فإن المخطط كشف عنه أحد رجال الأعمال السوريين المقربين جداً من النظام, الذي انشق في الآونة الأخيرة ولجأ إلى لبنان ويقيم حالياً في منطقة ضهر العين بضواحي مدينة طرابلس.

 

وكشفت المصادر أن السوري (ط.أ) طلب موعداً من الوزير السابق فيصل كرامي والتقاه قبل نحو أسبوعين في مكتبه بطرابلس, وأبلغه بأن النظام السوري يخطط لاغتياله بواسطة مجموعة من “حزب الله” موالية له, وأن العملية من المقرر أن تنفذ في تاريخ محدد أثناء مشاركة كرامي في مناسبة اجتماعية.

 

وبحسب المعلومات, فإن الوزير السابق دهش من دقة المعطيات, نظراً لصحة التاريخ الذي سيشارك فيه بمناسبة اجتماعية, كما تبلغ من رجل الأعمال السوري اسم قائد المجموعة المكلفة باغتياله الذي ينتمي إلى “حزب الله”.

 

وأوضحت المصادر الأمنية أن (ط.أ) كشف لفيصل كرامي أن لائحة الاغتيالات تضم إضافة إليه كلاً من النائب سمير الجسر والنائب السابق مصطفى علوش ووزير الداخلية نهاد المشنوق, وجميعهم ينتمون إلى “تيار المستقبل” المناهض للنظام السوري وإيران و”حزب الله”.

 

إثر ذلك, علم النائب السابق مصطفى علوش بما جرى فاتصل برجل الأعمال السوري واستقبله في مكتبه بطرابلس, ثم نقله إلى فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي في بيروت, بسيارته التي قادها (م.ح), إلا أن المفاجأة كانت أن الجهاز الأمني أخذ أقوال (ط.أ) من دون توقيفه أو اتخاذ أي إجراءات بحقه.

 

وبحسب المصادر الأمنية, لم يتضح ما إذا كان فرع المعلومات أقفل الملف أم قرر متابعته بعيداً من الإعلام بهدف تحييد ضباطه وكبار مسؤوليه عن مخطط النظام السوري, سيما بعد اغتيال رئيسه السابق اللواء الشهيد وسام الحسن بتفجير سيارة في منطقة الأشرفية ببيروت في 19 أكتوبر من العام 2012.

 

وإذا كان مفهوماً أن يشمل مخطط النظام السوري استهداف مسؤولين وشخصيات من قوى “14 آذار” المناهضة له, إلا أن المستغرب أن يطال أيضاً شخصية محسوبة عليه كالوزير السابق فيصل كرامي.

 

وفي هذا السياق, أوضحت المصادر أن استهداف شخصية محسوبة على قوى “8 آذار” يهدف إلى إبعاد الشبهات عن النظام السوري وإلصاق الجريمة بتنظيم “داعش” والمجموعات التي تدور في فلكه, وذلك لتحقيق جملة أهداف أهمها: الإيحاء بأن “داعش” بات موجوداً في مدينة طرابلس وهو ما تسعى إلى تسويقه الماكينة الإعلامية لقوى “8 آذار”, وإرباك الأوضاع على الساحة السياسية في لبنان, والعودة إلى التلويح بورقة الاغتيالات لتحقيق مكاسب سياسية.

 

وأكدت المصادر أن الأجهزة الأمنية اللبنانية وجهت نصائح للكثير من الشخصيات السياسية بضرورة اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر, والحد من التنقلات, في ظل الأوضاع الأمنية المتردية.

 

من جهتها, قالت أوساط قريبة من وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ”السياسة” انه ليس لديها معلومات محددة عن مخطط لاستهداف وزراء ومسؤولين أو شخصيات سياسية, سواء من “8 و14 آذار”, بيد أنها أكدت أن العقل الإجرامي الذي يستهدف لبنان استأنف نشاطه, وبالتالي فإن وقوع تفجيرات أو اغتيالات أمر وارد, بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءه سواء النظام السوري أو التنظيمات المتطرفة كـ”داعش” أو “كتائب عبدالله عزام” وغيرها.

 

 

 

لكنها شددت على أن التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية (مخابرات الجيش وفرع المعلومات والأمن العام وأمن الدولة) قائم على أعلى المستويات وبشكل غير مسبوق, بهدف إحباط المخططات الإرهابية في مهدها, ومنع المجرمين من تحقيق أهدافهم وزعزعة الاستقرار, سيما في ظل الحرب المستعرة في سورية وبعد التطورات الدراماتيكية الأخيرة في العراق.