"كيف تعيّن "داعش" أميراً لها على لبنان وهي لا تملكه؟" سؤال تجدرعلى من اصطنع اميرا لـ"داعش" في لبنان الاجابة عنه. وفي وقت كان اللبنانيون يبحثون عن "داعش" في جمهوريتهم، باتوا يسألون عن صلاحيات أميرها في لبنان عبد السلام الأردني وهويته الحقيقية.

وفي سياق "الفوبيا الداعشية" التي تسيطر على اللبنانيين منذ مساء امس، برز سؤالٌ حول استباق جهة معينة "داعش" في الكشف عن أميرها في لبنان، بدلاً من أن تقوم "الدولة الإسلامية" بذلك، عبر بيان أو تسجيل صوتي كما هو معروف، فهل تخشى "داعش" الكشف عن اسم أميرها في لبنان؟ خصوصاً أنه معروف في الفقه الاسلامي أن تعيين الاشخاص يستدعي الاعلان والاشهار لتعرف الامارة بأكملها أميرها!
المضحك، أنه وبعد إعلان "داعش" قيام "الخلافة الاسلامية" ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين في كل مكان وعليه يلغى اسم العراق والشام من مسمى الدولة من التداولات والمعاملات الرسمية، ويقتصر على اسم الدولة الاسلامية"، سارع ما يسمى بـ"لواء أحرار السُنّة - بعلبك" إلى الاعلان عبر "تويتر" عن مبايعته "بكل فخر واعتزاز البغدادي كخليفة للمسلمين". هذا اللواء نفسه الذي تحدثت عنه "جبهة النصرة" في بيانها في آذار الماضي بعد تفجير النبي عثمان وقالت عن الحساب انه "استخباراتي يعتمد على الكذب والافتراء"، داعية الجميع إلى "الحذر" منه.

 

لا أمير في لبنان

الباحث الاسلامي والكاتب رضوان السيد يشكك في صحة تعيين أمير لـ"داعش في لبنان"، ويقول: "وفق الفقه الاسلامي لا يمكن تعيين امير على مقاطعة لا تملكها الجهة المعينة، وإذا أراد "داعش" أن يسيطر على لبنان فعليه أولاً أن يتقاتل مع "حزب الله" ويزيل سيطرته وبعدها يسيطر علينا وطالما لم يفعل ذلك فلا امير له في لبنان".
السيد يوضح أن "الأمير وفق الفقه الإسلامي هو الوالي، كمحافظ جبل لبنان مثلاً، يتم تعيينه من السلطة المركزية العليا، وأبو بكر البغدادي لا يملك السيطرة على لبنان بل هناك تنظيم أصولي آخر يملك السيطرة هو "حزب الله". ويشير إلى "امكانية أن يكون الأمير من غير جنسية المكان الذي سيكون والياً عليه، لأنها سلطة سياسية، كما أيضاً في التنظيم الداخلي اللبناني يشترط ألا يكون المحافظ من المحافظة نفسها".


الخلافة = اقتتال في سوريا والعراق

الأنظار تتجه نحو العراق وسوريا بعد اعلان قيام "الخلافة الإسلامية"، نظراً إلى "الفوبيا" التي زرعها الإعلام في نفوس المواطنين: "فهل ستدخل داعش لبنان؟ هل يعني أن دولتهم ستمتد إلينا؟"، أسئلة أجاب عنها السيد بالقول: "لا تأثير للخلافة الاسلامية على لبنان، فـ"داعش" يرسل الارهابيين ويشترك مع النظام السوري في هذا الامر بهدف احداث المشاكل في لبنان"، مشدداً على أن "لا تنظيم لـ"داعش" في لبنان، بل يرسلون أزلامهم لازعاج الساحة او يرسل السوريون اشخاصا ويقولون انهم من "فتح الاسلام".
السيد يرجح ارسال المزيد من الارهابيين إلى لبنان، ويقول ان "التأثير الأول للخلافة هو على العراق وسوريا، لأنه عندما يعلن البغدادي نفسه اميراً للمؤمنين فالامر يعني ان كل الموجودين في المناطق المتواجد "داعش" فيها عليهم ان يعلنوا البيعة والطاعة، وإلا يعتبرون عصاة ويقاتلهم، ما يعني أن الخلافة تؤدي إلى زيادة الانقسام والاقتتال في مناطق سيطرة الثوار في سوريا والعراق".

لا "داعش" في لبنان

ماذا عن امكانية ظهور "داعش" في لبنان؟ يجيب السيد: "لا امكانية لذلك، بل أرى ألاعيب. وقد يكون هناك من تعاطف مع "داعش" من الخارج او الداخل لكن ليس في مقدور احد أن يصل إلى لبنان إلا عن طريق النظام السوري"، متسائلاً: "كيف يتم تسريب العشرات من الانتحاريين إلى لبنان"، مؤكداً أن "داعش في لبنان من ألاعيب النظام السوري، لأن حدود لبنان مضبوطة جداً ويومياً تقصف الطائرات السورية هناك، فضلا عن وجود عناصر "حزب الله" من الناحية الاخرى وهناك الامن العام وباقي الأجهزة الأمنية".
ويشدد على أنه "لا يمكن ان يدخل أحد إلى لبنان وأن يقوم بأي حركة إلا إذا كان النظام السوري لديه علم به أو يخطط لذلك"، معتبراً أن "داعش لا تشكل خطراً على لبنان إلا إذا ارادها بشار الاسد أن تكون كذلك".

هكذا نحمي أنفسنا

ولنحمي أنفسنا من "داعش وأخواتها"، يرى السيد أن "الأمر يبدأ أولاً بتعاون الاجهزة الامنية التي تنسق فيما بينها. وطالما هناك تنسيق أمني بين النظام السوري والاجهزة اللبنانية فليقدموا على اخباره بألا يرسل الارهابيين إلى لبنان".
وبحسبه، فإن "المجتمع السني لا يمكن حمايته من "داعش" إلا بشكلين، الأول: أن يخفف ضغط ايران و"حزب الله" علينا وعلى سوريا والعراق، فالامر بدأ باغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 واحتلال بيروت عام 2008 ، وبات هناك شبان حساسون لا يصبرون على ذلك فاستعانوا بالخارج والداخل للتمرد على الحزب"، مؤكداً أن "تيار المستقبل تمكّن، باعتباره تياراً سياسياً ومدنياً، وضد هذه الاعمال، من ضبط الامور إلى حدود كبيرة وقمنا بذلك عبر مشاركة الحكومة معهم لتلطيف الاجواء"، أما ثانيا: "فمن واجب المجتمع السني أن يمنع ابنه من أن يكون انتحاريا"، ويضيف: "الأمين العام لـلحزب حسن نصر الله قال تعالوا نتقاتل في سوريا فهل نقلده؟ نحن لا نريد القتال لا في لبنان ولا سوريا لأن القتال لا يبني الاوطان". لكن السيد يرى أن "سياسات ايران ونصر الله ستبقي المرارة موجودة وتتصاعد ولا يمكن ان يستقيم النظام السياسي إلا إذا خرج "حزب الله" من هذه المعمعة وعاد فريقا سياسياً عادياُ في هذه البلاد، وارى ان هذا الامر بعيد المنال"

محمد نمر.