بعد أن سقطت مدن عراقية بيد داعش، خلال الأسبوع الماضي، القى العديد من السياسيين في الداخل والخارج باللائمة على نوري مالكي ووجهوا انتقادات شديدة لسياساته التي وصفوها بالطائفية وأنها سببت في إزعاج القسم الكبير من أهل السنة.

إن الإستياء من تجربة المالكي الحكومية قبيل هجوم داعش لم يكن حكراً على السنة في العراق وبل أغلبية الأحزاب الشيعية كانوا يريدون الخلاص من المالكي وكانوا يفتشون عن بديل له ولو من داخل حزبه – حزب الدعوة- كما المرجع الشيعي الأبرز السيد السيستاني ألمح قبيل الإنتخابات النيابية بعدم رضاه عن المالكي عند ما دعى الشعب العراقي للمشاركة الواسعة إلى الإنتخابات وبذل الدقة والتمحيص من أجل تمييز الصالحين عن الفاسدين، وقد اتحذ موقفه الرافض لتصرفات المالكي منذ أكثر من عام، عند ما أغلق أبواب منزله أمام السياسيين العراقيين تعبيراً عن امتعاضه من الفساد المستشري بينهم.

موقف السيستاني الرافض للمالكي قبيل الإنتخابات، لم يبق دون رد من قبل الأخير حيث أنه تهجم على بعض المراجع الدينيين من غير العراقيين واصفاً تدخلاتهم في الشؤون الداخلية بأنها غير مقبولة، رغم احترامه لهم.

ولم يمض إلا أشهر قليلة حتى أعرب المالكي عن شكره وتقديره للسيد السيستاني عند ما أصدر حكم الجهاد مقابل داعش.

وخلافاً لاتجاه العملية السياسية في العراق حتى قبل عشرة أيام، كان جميع الأحزاب، يفرض على المالكي، التنحي وعدم الترشح لولاية جديدة، يختلف الوضع الآن تماماً ويتجه نحو بقاء المالكي في منصب رئاسة الوزراء.

وفيما يتصل بموقف إيران من الأحداث في العراق، يبدو أن الإيرانيين مصرون على بقاء المالكي  كما أصروا منذ بداية الثورة السورية على بقاء الأسد.

تقول صحيفة كيهان التي تعكس أقرب المواقف من موقف المرشد الأعلى، إن الأميركيين فشلوا في سوريا وسيفشلون في العراق، وسيبقى المالكي كما بقى الأسد.

ويقول علي أكبر ولايتي، إن المالكي هو أفضل السياسيين العراقيين الموجودين في العراق للحكومة. فإنني لديّ تجربة في العمل مع جميع الذين يديرون العراق حاليا منذ قبل الثورة الإيرانية، وأنا أعرف بأنه باستثناء المالكي، ليس هناك أي رجل سياسي في العراق يدعمه الأغلبية الشيعية والتي تشكل 65 في المائة من السكان.

وردا على سؤال فيما إذا هناك سبب لثقة إيران بالمالكي يقول ولايتي إن القضايا السياسية ليست قضايا مطلقة بل هي قضايا نسبية، وهنا ينبغي أن المقارنة بين أشخاص مؤهلين لإدارة الحكم في العراق. أما أنا اعتبر بأن المالكي هو أقدر رجل يتمكن من إدارة العراق.

وأضاف ولايتي بأن هناك رئيسان سابقان للحكومة العراقية وهما الدكتور الجعفري وأياد علاوي، لم يكن أي منهما قادر على إدارة العراق، بقدر المالكي.

ونصح ولايتي جميع الأطياف السنية والشيعية بدعم المالكي فإنه في الظروف الفوضوية، سيفشل الجميع.

وهناك اتجاه مغاير عند حكومة الرئيس روحاني، فهي لا تصر على بقاء المالكي وفق ما أفاد موقع "دبلوماسي إيراني" القريب من الحكومة، حيث أنها لا تنوي إدارة ملفين معقدين – أي السوري والعراقي- في ظروف مضطربة.

لكن يبدو أن لا صوت فوق صوت الحرس الثوري الذي يعكس اتجاه المرشد الأعلى خامنئي، وفي الأجواء الحربية التي تشهدها المنطقة، لا مجال للنهج السلمي الذي انتحهجته حكومة المعتدلين في إيران.