عن سنّة العراق تحدّث المسؤول نفسه الذي يتابع موضوع العراق في "الإدارة" الأميركية الثالثة إياها، قال: "لقد حكيت لك عن الوضع السنّي. من جهة هناك إهمال شيعي لهم. ومن جهة أخرى هناك استنفار سنّي. دور السنّة مهمَّش. لكنه بدأ يظهر الآن". سألتُ: ماذا عن العراق وإيران وتركيا وهما الدولتان الكبيرتان المجاورتان له والأكثر تأثيراً فيه؟ وهل ستقوم في العراق دولة مركزية أو فيديرالية أو كونفيديرالية أو يُقسَّم رسمياً بعدما عاش تقسيماً واقعياً منذ إطاحة صدام قبل أكثر من عقد ولا يزال؟ أجاب: "الجواب عن هذا السؤال صعب ومعقَّد ومتشعِّب. إيران لها نفوذ في العراق بسبب الغالبية الشعبية الشيعية فيها وفيه، وربما أيضاً بسبب الأكراد الذين تربطهم بها علاقة جيدة. الشيعة العراقيون عرب. لكن الموضوع المذهبي هو الطاغي في هذه المرحلة، وقد يدوم سنوات. ظلمَهم السنّة أو هكذا يقولون وهُجِّروا إلى إيران فساعدتهم وأذلّتهم في مراحل معينة، لكنها درَّبتهم وموَّلتهم ومكَّنتهم من استعادة دورهم في العراق بعد الاحتلال الأميركي له ومن دون عقد أي اتفاق مع الأميركيين. والعرب الآن (والمقصود هنا السنّة) وفي مقدمهم السعوديون لم ينفتحوا على العراق وشيعته. ولما قال السيد عمّار الحكيم أحد زعماء الشيعة العراقيين ذلك للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز أجابه: "لم يحُن وقت ذلك بعد". يشعر شيعة العراق أن إيران هي عمقهم الاستراتيجي تماماً كما قُلتَ أنت. أما تركيا فهي تريد عراقاً موحَّداً وحكومة شيعية مع تمثيل فعلي للسنّة والآخرين. وهي لم تعد وبعد اخفاقاتها الإقليمية المعروفة مستعدة للأدوار الكبيرة لأنها اكتشفت نقاط ضعفها. إنها طبعاً حليفتنا ونحن معها ونحميها، لكننا مع خياراتها الجيدة".
ماذا في جعبة المسؤول عن متابعة الأوضاع في الدول العربية الخليجية في "الإدارة" الأميركية الثالثة المهمة نفسها؟
وجّهت له في بداية اللقاء سؤالاً عن نتائج زيارة الرئيس أوباما الأخيرة للسعودية وخصوصاً بعدما سمعت المطلعين في واشنطن منقسمين حولها، إذ أن بعضهم اعتبرها ناجحة في حين اعتبرها بعضهم الآخر فاشلة. أجاب: "بالتأكيد كانت ناجحة. أما الذين يتحدثون عن فشلها فربما يتحدثون عن تفاصيل لا يتناولها الرئيس عادة في محادثاته مع رؤساء الدول أو ملوكها. الزيارة ناجحة وأكّدت صداقة وتعاون، وجرى خلالها تأكيد استراتيجية التحالف والتعاون بين المملكة والولايات المتحدة. كما جرى عرض المشكلات والتهديدات وكذلك الخلافات في وجهات النظر، وتمّ التفاهم على استمرار التواصل من أجل إيجاد حلول لها. الاتصالات مستمرة بين الرياض وواشنطن على كل المستويات. طبعاً لن يتعاطى أوباما بالتفاصيل المتعلقة بالخلافات حول أمور عدة منها تزويد ثوار سوريا بالأسلحة. طبعاً هناك تباين بين الموقفين الأميركي والسعودي حيال الموضوع المذكور وموضوعات أخرى مثل المعارضة السورية السياسية لنظام الأسد. لكن الولايات المتحدة ليست في وارد الحل العسكري المباشر للأزمة في سوريا. وهي تسعى إلى حل سياسي لها بالتعاون مع الجميع. لكن هذا التباين لا يؤذي الاستراتيجية الواحدة للدولتين الهادفة إلى مواجهة التهديدات التي ترى السعودية أنها آتية من إيران، وعلى العكس من ذلك فإنه يرسِّخها. هناك مساعدات مالية يتلقاها الثوار في سوريا، وما نخشاه نحن هو أن تذهب أو أن تصل إلى المتطرفين. لكننا نعرف أن المملكة تعمل وقد نجحت حتى الآن في تجفيف منابع تمويل المتطرفين. ونعرف أن الملك عبدالله استطاع أن يُحدث تغييرات مهمة في المملكة وإصلاحات وإن جزئية خلال توليه الحكم قبل نحو عشر سنوات. وهو يقود مرحلة تغيير ويُعدُّ لمرحلة ما بعده. هناك الجيل الجديد. طبعاً ربما هناك تنافس بين أبناء هذا الجيل على السلطة، وهذا أمر طبيعي. لكن التحضير للخلافة يقوم به الملك عبدالله بكل جدية. وهو لا يقتصر على تعيين أبنائه في مراكز مهمة بل يشمل تعيين أبناء الآخرين من أشقائه (الأحفاد). المهم استمرار الاستقرار في السعودية، وعدم حصول شيء ما في المنطقة الشرقية".
سألتُ: هل يُقلقك الوضع في دولة الكويت؟ أجاب: "كلا. من الناحية السياسية هناك شيء من عدم الاستقرار والمسؤولون يحاولون الآن ترتيبه. أما أمنياً وإرهابياً فلا أرى أي داعٍ للقلق". علّقتُ: سمعت من آخرين في واشنطن أن الكويت قد تشهد تفجيرات وأعمالاً إرهابية. ماذا أجاب؟