أشاحت بوجهها , وعلا على وجنتيها حمرة خجلا من كلمات قاضٍ , لم تسمع مثلها من قبل , ولم تدرِ أغزل قصد القاضي  , أم ثارت شهوته فطغت على عقله , أم إعتاد على مساومة المطلقات , كما هو السائد في المحاكم الشرعية الجعفرية , فأدارت وجهها بعد برهة من الزمن نحوه مستغربة قائلة : لم أفهم ! .

 هي مريم التي إلتجأت الى محكمة الشرع  , تستعطفها بعد ما غابت عاطفة الأب القاسي عن  فلذات أكباده , فرمى بهم لأمٍ لا حول لها ولا قوة , فوقعت تلك الام بين يدي ذئب , نزا على مقعد القضاء الشرعي , كنزو القردة , بدعم من زعيم سياسي لا يعرف من الشرع إلا رجل إلتحف جبة , وإعتمر عمة , وإنحنى أمامه من أجل منصبٍ ليس له بأهل .

واقعة حصلت مع مريم " اسم مستعار " , في المحكمة الشرعية الجعفرية , عندما قصدت مريم المحكمة لتقديم دعوى على زوجها من أجل تحصيل نفقة اولادها , الذي طلقها منذ فترة , وترك لها 3 أولاد , أكبرهم يبلغ من العمر 7 سنوات , وأصغرهم 3 سنوات .

مريم التي لا تعرف شيئا من خبايا الدنيا , قصدت المحكمة لأنها تعتقد أن المحكمة سوف تحصّل لها حقها وحق أولادها , وهذا هو شأن المحاكم , ودور القضاء , إلا أنها تفاجأت بعد زيارة المحكمة لأكثر من 5 مرات , بأن القاضي لم يبت بقضيتها بعد , وقد مرّ أشهر على دعوتها وما زالت كما هي , وكل ما دخلت عليه رأت في عينيه شهوة ثائرة , حسب قولها , فلم تلتفت الى هذا الامر , إلا عندما نطق القاضي بتلك الكلمات التي لم تسمع مثلها من قبل , فهمس إليها موظف في المحكمة بأن القاضي يريد أن يحدثك حديثا خاصا , لأن قضيتك معقدة , فأعادت قولها من جديد ... لم أفهم ! .

كرر الموظف عليها قوله , إن قضيتك معقدة لأن زوجك مدعوم سياسيا , وأضاف الموظف , ولكن سماحة القاضي قادر على حلها بشرط , أن تسمعي وتستجيبي لمطلبه , إنه أغرم بك , " وفهمك زيادي " , فسكتت عن الكلام وإكتفت بالنظرات , محاولة مع الموظف أن تستبدل شهوة القاضي بحفنة من المال , وهذا ما حصل , قبل القاضي إلا أن المبلغ الذي طلبه لم يكن موجودا .

فما زالت القضية عالقة بين شهوة جنسية , وبين شهوة المال , ككثير من القضايا في المحاكم الشرعية , والاولاد يئنون وجعا والما, من فعل أبيهم الذي زاد عليه القاضي وجعا جديدا , ومريم تنتظر حلا لا يكلفها مالا كثيرا ولا جنسا دنيئا .