وليد جنبلاط هادئ ومنعزل اليوم عن صراع فريقيّ 8 و14 آذار تقول مصادر مقربة منه، بحيث لم يعد يميل الى اي منهما منذ سنوات، لان التسوية غائبة عن الساحة السياسية كما يردّد دائماً، لذا يساهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في لعب الدور الوسطي على جميع المحاور بحسب ما يردّد . من هذا المنطلق قد يكون دقيقاً وصف جنبلاط بأكثر السياسيين قدرةً على قراءة عناوين المرحلة، بعد ان دخل تجربة ثالثة في السياسة هي خط الوساطات، فشكّل فريقاً سياسياً مع الرئيس السابق ميشال سليمان والرئيس بري وبعض المعتدلين على أثر التشنجات السياسية القائمة في البلد ، فارأد من خلال ذلك ضبط الواقع السياسي بين فريقين يتقاتلان يومياً، لذا يعمل زعيم «الاشتراكي» تقول المصادر على تبيّيض صفحته السياسية مع البعض، بعد ان تعب من اثقال الماضي الاليم بسبب تنقله على جبهات سياسية عدة. لكن اليوم وبسبب سيطرة مرحلة من الغموض على الساحة اللبنانية والمرشحة للاستمرار الى حين إجراء الانتخابات الرئاسية ، يضع جنبلاط نفسه في معسكر وسطي لإدارة المعركة الرئاسية، فكان إسم النائب هنري حلو من كتلته خير تأكيد بأنه يتحّكم بالرئاسة كما يريد بحسب ما تعتبر مصادر مسيحية في 8 آذار.
لكن وعلى هذا الخط تؤكد مصادر مطلعة على علاقة جنبلاط ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بأن الخلافات بين العماد ميشال عون وجنبلاط ستشهد فترة إستراحة قريباً، بعد ان تلقى الاول نصيحة من رئيس المجلس النيابي بالإنفتاح على الثاني للوصول الى ما يريد اي كرسي بعبدا، لان إرضاء جنبلاط مطلوب اليوم بشدة، وإن كانت مساعي عون ستلاقي الجهد الكبير لان إقناع جنبلاط بهذه التسوية مكلف للغاية بحسب المصادر، خصوصاً ان ماضي النزاعات على خط «التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي» لا يبشّر بالخير، اذ سار على الالغام المتنقلة بدءاً بملف التعيينات وقانون الانتخابات وغيرها من الملفات التي زادت من حدّة الانقسام السياسي في البلد، فكانت الكيمياء غائبة دائماً بين الرابية والمختارة، وتحديداً منذ عودة العماد عون الى لبنان في ايار 2005 حين وصفه جنبلاط بالتسونامي العائد، ومن حينها الى اليوم إستمرت الانتقادات اللاذعة والخفية لتصبح سيّدة الساحة السياسية بين الرجلين على مدى سنوات، ما ادى الى ردود قاسية في وسائل الاعلام، فكانت المبارزة في الانتقادات تكبر كل يوم لان المطالب متضاربة ومعاكسة، وعلى أثر تلك المناكفات بقيت الخطوط السياسية حذرة ثم عادت لتشهد توتراً بسبب الملف الحكومي، فبدت حينها الالفة السياسية بعيدة في مسافاتها بين عون وجنبلاط، ولم تفلح بعض الجهات السياسية مرة في تقريب وجهات النظر بشكل فعّال، خصوصاً ان العلاقة بينهما مرّت كثيراً في «طلعات ونزلات». 
الى ذلك وفي ظل الخلاف القديم - الجديد ، بقيت أجواء التوتر سائدة من خلال الهجوم العوني- الجنبلاطي المستمر والمترافق مع رسائل سياسية عدة والى كل الاتجاهات بحسب المصادر، على أثر انفتاح الاخير على خصوم عون ومنهم الرئيس السابق ميشال سليمان، اذ تخوّف عون حينها من إمتداد مفاوضات جنبلاط مع سليمان من الملف الحكومي الى الملف الرئاسي، ومن ان يحصل ذلك على حسابه من ناحية اي تنازل تقدّمه اطراف 8 آذار في اطار التوافق على الرئيس المقبل بعيداً عن رأيه، وتقول المصادر ووسط حماوة هذا الاستحقاق يعمل اليوم ووفق نصائح تلقاها ايضاَ من مقرّبين منه في «التيار الوطني الحر» على فتح كل الجبهات السياسية الرئاسية، فقام بفتح الجبهة الاصعب منذ ايام اي عين التينة، فزارها معلناً بأن البحث تناول قضايا مهمة تحتاج الى تفاهم من أجل انتظام الأمور في القريب العاجل، اهمها انتخاب الرئيس وعمل الحكومة وعمل مجلس النواب، وقال: إسألوا بري إن كان يرشحني»، مما يعني ان عون «يدوزن» علاقته اليوم مع بري بطريقة مدروسة.
وتقول مصادر 14 آذار ان علاقات الجنرال عون تعتريها دائماً الشوائب والثغرات في ظل نقاط خلافية كثيرة خرجت الى العلن، لكن جسور الرئاسة تستأهل إعادة الانفتاح حتى على مَن لا يتوافقون عليه كرئيس، بعد ان اصبح على يقين بأن حلفاءه لا يريدونه في قصر بعبدا اكثر من خصومه، لذا يستعد لتنفيذ النصيحة بالإنفتاح على جنبلاط بالطرق الدبلوماسية لان المركز الاول في الدولة يتطلب التضحية.

صونيا رزق