كشف في روسيا عن قضية هامة تداولتها وسائل الاعلام وهي عن الاموال المكدسة التي تم العثور عليها في مطار "شيريميتوفا" ولم يحدد هوية صاحب هذه الاموال التي تقدر بالمليارات من اليورو.

وكانت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" قد اشارت  الى أن جمارك مطار الدولي"شيريميتوفا" في موسكو، تحتجز كميات هائلة من الأوراق النقدية الأوروبية تزن 200 طنّ بقيمة إجمالية مقدارها 20 مليار يورو، وأن الوثائق تفيد بأن هذه النقود وصلت إلى موسكو على متن طائرة قدمت من مدينة فرانكفورت الألمانية في 7 أغسطس/اب 2007. ولا تحدد الوثائق مَن يجب أن يستلم هذه النقود، ولذلك تمتنع جمارك المطار عن تسليمها إلى أحد. ومن جهة أخرى لا تستطيع السلطات الروسية مصادرة هذه النقود لأن الوثائق تحدد مالكها وهو الإيراني كروريان مطلق فرزين. وقد يكون "صدام حسين" هو المالك الحقيقي لهذه الأموال حسب إحدى الفرضيات.

لقد استطاع الاعلام الروسي من استخدام هذا الموضوع للتأثير على الاوساط الحكومية، مما دفع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اصدار قانون رئاسي  نشر في كافة الوسائل الاعلامية المكتوبة والمرئية والممسموعة بتاريخ 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، والذي يأمر فيه السلطات المختصة بالبحث عن أموال مهربة من مصر وتونس واليمن وليبيا وسورية  في ظل سياسة موسكو الداعية حاليا لإقامة علاقات جيدة  مع الدول العربية  وخاصة بظل دعمها المفرط للنظام السوري  والتي تحاول تبرير  ذلك بأنها تسعى الى اقامة علاقات مع كل الاطراف الساعية لحل الازمة السورية عن طريق الحوار بين الاطراف المتصارعة  .

وقد اشار الاعلام  الروسي بوسائله كافة  الى أن رئيس الدولة فلاديمير بوتين وجه رسالة  الى الجهات الحكومية المختصة الروسية بوضع خطة العمل لإعادة أموال التي "سرقتها أنظمة سابقة في الدول العربية وأطراف شراكة دوفيل". ويعتبر  هذا الجهد هو جهد دولي أطلقته مجموعة دول الثماني في اجتماع قادتها في دوفيل بفرنسا عام 2011 من أجل مساندة دول العالم العربي التي تمر بمرحلة تحول نحو إقامة مجتمعات حرة وديموقراطية ومتسامحة.لكن المشكلة التي يسلط عليها الضوء الاعلام الروسي والتي تداركها الرئيس فورا كي لا تتحول روسيا مكانا امنا لأموال الدكتاتوريين، وان تصبح البنوك الروسية مكاناً لتبيض هذه الاموال المسروقة ،وبخاصة ان روسيا التي رفعت شعاراً اساسياً منذ بدء الثورات العربية بأنها تحافظ على القانون الدولي وعدم خلخلة سيادة الدول الصغيرة المستقلة، وان التغير ياتي اليها من داخلها وليس من الخارج .وطبعا تأتي قضية الاموال المهربة بظل حراك دبلوماسي روسي يحاول اعادة دور روسيا المفقود الى الساحة الدولية كلاعب سياسي دولي قوي وليس كحام لدكتاتوريات الدول و"مبيض" اموالها،  وبخاصة ان موسكو متهمة بالدفاع عن هذه الانظمة التي وقعت اسيرة حركة التغير التي عرفت بحركة الربيع العربي  . 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد العقوبات الدولية التي فرضت على روسيا وموظفيها ،هل يمكن للإعلام الروسي والإعلام العالمي والبنوك الدولية الكشف عن ثروة الرئيس فلاديمير بوتين التي اصبحت  مطروحة في بازار التداول الروسي العام .

لكن على الاعلام الروسي  الكشف عن اموال الرئيس بشار  الاسد ونظامه الذين اتخذوا من روسيا وبنوكها  مكانا لتهريب اموالهم المسروقة من سورية وشعبها  ،بالوقت التي تقاتل روسيا بشراسة  يوميا للدفاع عن هذا النظام الدكتاتوري القمعي .

فهل يفجر للإعلام الروسي فضيحة كبرى في عملية التستر عن هذه الاموال المهربة من الشعب السوري كما حال باقي اموال الدكتاتوريين المتواجدة في روسيا والعديد من قادة احزابها .

د.خالد ممدوح العزي .

كاتب اعلامي وباحث  بالشؤون الروسية ودول اوروبا الشرقية.