أسدل الستار مساء أمس على فصل جديد من الاستعراض المتواصل بين عناصر من حركة «فتح» من جهة وجماعة الناشط الإسلامي بلال البدر من جهة أخرى، من دون نتيجة حاسمة لأحد الطرفين. حصيلة الاشتباك المسلح الذي وقع في الشارع الفوقاني اقتصرت على 10 جرحى من المتقاتلين وتضرر محوّل الكهرباء الرئيسي الذي يغذي المخيم، ما أدى إلى انقطاع التيار عن معظم الأحياء.

شرارة عرض أمس كانت انتشار شائعة وفاة أحد عناصر البدر، علاء حجير، متأثراً بجراح أصيب بها قبل أيام إثر محاولة اغتياله من قبل مجهولين. لكن تبين أن حجير، رغم حالته الخطرة، لا يزال يقبع في مستشفى لبيب. لم تكن هذه الشائعة السبب الرئيسي في التوتر الذي عاشه المخيم أمس، إذ استنفر مقنّعون تابعون للبدر مرات عدة في الأيام الماضية. وبحسب المعلومات، أطلق مسلحو البدر النار على حارسين كانا يتمركزان عند مدخل مقر القوة الأمنية في الشارع الفوقاني، أحدهما محمد حجير المنتمي إلى الصاعقة والثاني أحمد الداوود أحد مرافقي قائد «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب. الهجوم سرعان ما استدعى رداً من عناصر فتحاوية تتبع على وجه الخصوص للعقيد طلال الأردني. بدورها، ردّت جماعة البدر على إطلاق النار وتطور الوضع وصولاً إلى اشتباك مسلح استخدمت فيه الأسلحة الرشاشة والصاروخية. إطلاق النار الكثيف الذي امتد من ساعات الظهر حتى المساء أدى إلى جرح عشرة أشخاص ومحاصرة نحو 200 طفل في روضة الشهيد غسان كنفاني، من بينهم ذوو احتياجات خاصة، قبل أن يتمكن متطوعون من إجلائهم عبر مدخل الحسبة، بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وعصراً، دعت مكبرات المآذن «الأهالي الصابرين والصامدين للخروج بتظاهرة تخترق ساحة الاشتباك لفرض وقف إطلاق النار على المتقاتلين لكيلا تدمر عاصمة الشتات كما دمر نهر البارد واليرموك». المسلحون تفرقوا على نحو تدريجي من درب التظاهرة التي انطلقت من أمام مسجد النور في الشارع التحتاني بجوار مكتب المبادرة الشعبية. وما ساهم في انسحاب المسلحين نبأ إصابة البدر نفسه ونقله إلى مستشفى الأقصى التابع لقائد كتيبة شهداء الأقصى اللواء منير المقدح.
من جهتها، شكلت «عصبة الأنصار» و«الحركة الاسلامية المجاهدة» قوة فصل بين المتقاتلين ونزل عدد من أنصارهما إلى الميدان، لكنهم سرعان ما تعرضوا لرصاص طائش أصاب ثلاثة من عناصر العصبة. أول الليل، أعلن عن تشكيل قوة أمنية جديدة تفصل بين المتقاتلين مؤلفة من عناصر من العصبة والحركة، انتشروا في سوق الخضر والشارع الفوقاني من مسجد الشهداء حتى مسجد الفاروق. مصادر مواكبة للوضع الأمني في المخيم أكدت لـ«الأخبار» أن عرض أمس سيتكرر وسط إصرار الطرفين على استكمال الثأر لحوادث الاغتيال التي طالت عناصر منهما، ومنها محاولة اغتيال حجير وقبلها اغتيال علي خليل المشتبه في تورطهما في اغتيال مسؤول جمعية المشاريع الخيرية في المخيم الشيخ عرسان سليمان. وقالت مصادر فتحاوية إن «الحركة لن تسكت في حال استهدافها مجدداً، وستقاتل هذه المجموعات لأنها أصبحت تمثّل مصدر تهديد لأمن المخيم». وأضافت أن «الهجوم على مركز القوى الأمنية المشتركة ومحاولة اقتحامها للمقر تطلّبا منا إعلان النفير في صفوف فتح، لمنع وصول الإمدادات والمجموعات السلفية المسلحة الى منطقة الاشتباك». وقالت مصادر عسكرية فتحاوية إن «أغلب المجموعات المتشددة في المخيم شاركت في إطلاق النار عليها».