المراقب للواقع العربي والإسلامي يعيش دوماً في حالة من الخوف والقلق وعدم الاطمئنان، لما يشوب هذا الواقع من مشاهد وصور غير إيجابية، رغم المحاولات المستمرة والجهود المتواصلة لتحسين هذا الواقع ومعالجة المشكلات بالحوار والنضال المستمر سياسياً وإعلامياً وشعبياً.

ففي العراق أجريت في الأيام القليلة الماضية الانتخابات النيابية رغم كل الأجواء الأمنية الصعبة وسقوط المئات بين قتيل وجريح في عمليات أمنية وتفجيرات استهدفت مراكز الانتخابات وتجمعات المواطنين الأبرياء.

وهذه الانتخابات هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي العسكري من العراق، وهي خطوة إيجابية لتعزيز المسار الديمقراطي ودفع العملية السياسية نحو الأمام ولمواجهة الفساد وسوء الإدارة.

وبغض النظر عن تقييمنا لدور القوى السياسية والحزبية في العراق وما يعانيه العراق من مشاكل، فإن مجرد حصول الانتخابات يشكل رسالة إيجابية ينبغي الاستفادة منها على الصعيد العربي والإسلامي.

وبموازاة الانتخابات النيابية العراقية، فإن عدداً من الدول العربية تتحضر لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية، فيما أنجزت الجزائر انتخابات الرئاسة والتي أدت إلى عودة الرئيس عبد العزيز بوتلفيقة إلى موقع الرئاسة رغم ظروفه الصحية الصعبة.

أما في لبنان فالانتخابات الرئاسية معلقة لحين اتفاق الأطراف الداخلية الخارجية على مرشح توافقي، وفي سوريا انطلقت حملة الانتخابات الرئاسية رغم ما يعانيه هذا البلد من أجواء أمنية وعسكرية وشعبية صعبة وفي ظل فشل الحلول السياسية، وفي مصر تستمر الاستعدادات لإجراء الانتخابات الرئاسية في حين أن المحاكم المصرية تصدر أحكام الإعدام الجماعية ضد مناصري "الأخوان المسلمين" ويتم تعطيل عمل بعض الحركات السياسية بتهم متعددة، كما جرى مؤخراً مع "حركة 6 أبريل" وكما جرى سابقاً مع حركة "الأخوان المسلمين".

وفي تونس تستمر المناقشات لإقرار القانون الانتخابي الجديد تحضيراً للانتخابات التي يفترض أن تجري قبل نهاية العام الحالي حسب الدستور الجديد، لكن هناك تخوف في الأوساط التونسية من تأجيل هذا الاستحقاق.

وأما في ليبيا فقد اقتحم مسلحون مبنى البرلمان خلال مناقشات نيابية وسياسية، مما أدى لهرب المسؤولين والنواب.

إذاً حتى الآن لم تستقم مسيرة التغيير السياسي في الدول العربية، وليس المهم إجراء الانتخابات الرئاسية أو النيابية، بل المطلوب توفر كل مقومات الديمقراطية والمعطيات المناسبة لنجاح العمليات الانتخابية.

وفي المشهد الفلسطيني، ومع أن المصالحة الفلسطينية قد شكلت خطوة إيجابية على صعيد معالجة الأزمة الفلسطينية فإن المعطيات الميدانية لا تبشر بالخير، وقد شهدت العاصمة اللبنانية مؤخراً انعقاد "مؤتمر دعم الأسرى" في السجون الإسرائيلية وقد كشفت المداخلات التي قدمت عن حجم المأساة التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، مما يتطلب نضالاً وجهاداً مستمراً لتحريرهم من الأسرى.

وفي ظل هذه الأجواء السياسية الحامية على الصعيد العربي، وصلت بعض الأخبار والمعطيات من إندونيسيا وماليزيا حول بدء حملة سياسية وإعلامية وقانونية لاستهداف المسلمين الشيعة في هذين البلدين الأسيويين، ففي ماليزيا أصدرت الحكومة الماليزية قانوناً بتجريم كل من ينتمي لمذهب أهل البيت(ع) حيث يتم اعتقاله ومحاكمته، وفي إندونيسيا عقد مؤتمر تحت عنوان "التحالف ضد المسلمين الشيعة" والذي دعا إلى مواجهة المسلمين الشيعة وقتالهم، وقد بدأت حملة قاسية ضد الشيعة، مما قد يؤدي إلى فتنة مذهبية في هذين البلدين بعكس الصورة التي كانت تنقل عنهما من تجربة سياسية واقتصادية رائدة.

نحن إذاً أمام أحداث وتطورات متنقلة وغير مستقرة، والعالم العربي والإسلامي لم يصل حتى الآن إلى المستوى الذي يقدِّم فيه الصورة الراقية عن الإسلام ومبادئه ولذا نحتاج إلى جهود كبيرة لمواجهة القمع والإرهاب ومن أجل إقامة المجتمع الديمقراطي والذي يحقق العدالة والطمأنينة والرفاهية لكل أبنائه، وهي الدعوة التي دعا إليها الإسلام والرسول محمد(ص) وكل الأئمة والعلماء وأتباع هذا الدين الحق.