شهدت الأيام الماضية عدة تطورات وأحداث أعادت الاهتمام الدولي والسياسي والإعلامي بالقضية الفلسطينية، وكان من أهم هذه التطورات التوقيع على اتفاق جديد لتعزيز المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس والذي يتضمن نقاطاً عملية ومحددة وأبرزها تشكيل حكومة جديدة وإعادة البحث في وضع منظمة التحرير الفلسطينية، وقد ساهمت الحكومة المصرية بتسهيل التوقيع على الاتفاق عبر السماح لعضو المكتب السياسي في حركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق بالحضور إلى قطاع غزة للمشاركة في إدارة المفاوضات مع وفد حركة فتح، مما يعطي مؤشراً إيجابياً لإعادة الحرارة للعلاقة بين حماس ومصر ووقف التصعيد السياسي والإعلامي ضد الحركة والفلسطينيين في الأوساط المصرية.

وقد شنت الحكومتان الأميركية والصهيونية حملة قاسية ضد الاتفاق وهددتا باتخاذ إجراءات سلبية ضد السلطة الفلسطينية في حال استمرت بتنفيذ الاتفاق، وهذه الحملة تؤشر لأهمية الاتفاق وكونه يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ويتعارض مع المصالح الأميركية والصهيونية.

وقد تزامن مع توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية انعقاد منتدى الإعلام الدولي والعربي والإسلامي حول القضية الفلسطينية في اسطنبول بحضور حوالي 400 شخصية من مختلف الدول وتركز النقاش حول كيفية إعادة الاهتمام الدولي والعربي بالقضية الفلسطينية والبحث في اشكال التعاون بين المؤسسات الإعلامية والإعلاميين من أجل دعم القضية الفلسطينية، ورغم أن المنتدى شهد غياب بعض المؤسسات الإعلامية الفاعلة في دعم القضية الفلسطينية، فإن مجرد انعقاده يشكل رسالة مهمة حول الحاجة لإعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وعدم جعل الصراعات والأحداث التي تشهدها الدول العربية سبباً لتراجع هذا الاهتمام.

كما انعقد في الأردن مؤتمر تحت عنوان "الطريق إلى القدس" وهو يهدف لإبراز الأهمية الدينية  للمسجد الأقصى.

 وبموازة ذلك فإن التطورات والأحداث التي تشهدها الدول العربية والإسلامية وخصوصاً (سوريا ومصر وليبيا وتونس والبحرين والعراق...) إضافة لما يجري على الصعيد الدولي والإقليمي من أحداث ومتغيرات يجب أن تدفع الجميع لإعادة النظر في موقفها من التطورات  ودراسة بعمق ما يجري وكيفية إعادة الأولوية للصراع مع العدو الصهيوني وعدم جعل الصراعات والتطورات الداخلية في كل بلد سبباً للابتعاد عن الصراع الأساسي في المنطقة، وأن يكون الموقف من العدو الصهيوني وكيفية مواجهته هو المقياس لكيفية التعاطي مع الأحداث والتطورات.

كما ينبغي على كل الأطراف والقوى الأساسية في المنطقة ولا سيما القوى والحركات الإسلامية وقوى المقاومة في فلسطين إعادة تقييم أدائها خلال السنوات الثلاثة الماضية ودراسة الأخطاء التي حصلت والتي تركت انعكاسات سلبية على القضية الفلسطينية ودور قوى المقاومة بشكل أساسي، كما يجب البحث بعمق حول الثورات العربية وما أدت إليه من نتائج سلبية أو إيجابية ودراسة كيفية إعادة تصويب المسار والأداء وعدم الاستمرار في سياسة "لحس المبرد"  والتي تؤدي للمزيد من الخسائر دون تحقيق النتائج المطلوبة وخصوصاً على صعيد إقامة الديمقراطية الحقيقية ووقف الظلم وإزالة الديكتاتورية وتحقيق التنمية ومواجهة السيطرة الغربية والاحتلال الصهيوني، فإذا كانت هذه الأهداف المطلوبة اليوم، فعلينا تقييم ما جرى والبحث عن مدى تحقيق هذه الأهداف، ومن خلال ذلك نعيد فلسطين والقضية الفلسطينية إلى رأس الأولويات والاهتمامات.