رغم قسوة صورة الأوضاع العربية والإسلامية بسبب الصراعات الممتدة في دول المنطقة، فإننا بدأنا نشهد مؤخراً في العديد من العواصم العربية والإسلامية تحركات وأنشطة ومؤتمرات وندوات وإطلاق مبادرات عملية لمواجهة الأزمة القائمة والبحث عن خيارات جديدة للتواصل والحوار الإسلامي - الإسلامي والإسلامي - المسيحي والديني- العلماني والقومي - الإسلامي.

ونستطيع أن نسجل ونشير إلى عدة مؤتمرات ومبادرات عقدت أو أطلقت خلال المرحلة الأخيرة منها:

1- مؤتمر حول التعددية الدينية في جامعة الكوفة وبالتعاون مع معهد الدراسات العقلية في النجف الأشرف بحضور المئات من الشخصيات الفكرية والسياسية والدينية والعلمية وتضمن دعوات للتعاون بين النجف الأشرف والأزهر الشريف لمواجهة التطرف والتكفير.

2- إطلاق ملتقى الأديان والثقافة للتنمية والحوار في لبنان برعاية من العلامة السيد علي فضل الله ومشاركة حوالي 300 شخصية لبنانية وعربية وإسلامية والملتقى يسعى حالياً لإطلاق سلسلة مبادرات للتشجيع على الحوار ورفض العنف والتطرف.

3- انعقاد مؤتمر "الانتقال الديمقراطي في تونس" بدعوة من مركز الإسلام والديمقراطية بحضور حشد كبير من الشخصيات التونسية والعربية والإسلامية والعالمية وألقيت خلاله كلمات ومداخلات هامة حول الحوار والتعاون الإسلامي - العلماني وكيفية إدارة المرحلة الانتقالية بعد الثورات الشعبية وتطوير الخطاب الديني.

4- مؤتمر "مواجهة التكفير" والذي عقد مؤخرا  في القاهرة بدعوة من الأزهر الشريف بحضور حوالي مئة عالم دين من العديد من الدول العربية والإسلامية وتركز البحث فيه حول مواجهة التكفير.

5- سلسلة من المؤتمرات واللقاءات العلنية وغير العلنية تشهدها إسطنبول لتقييم تجربة الأخوان المسلمين في الحكم وكيفية مواجهة المرحلة المقبلة، إضافة للاستعداد لعقد مؤتمر إعلامي ضخم عن القضية الفلسطينية في الأسبوع الأخير من شهر نيسان.

كما شكلت الانتخابات البلدية التركية مظهراً مهماً للديمقراطية في بلد إسلامي - علماني، وشكلت النتائج التي حققها حزب العدالة والتنمية مؤشراً مهماً على ثقة الجمهور التركي بالتجربة الإسلامية في الحكم رغم العثرات التي تواجهها.

6- التحضير لعقد مؤتمر إسلامي ـ مسيحي في بيروت بدعوة من تجمع العلماء المسلمين من أجل بحث الواقع العربي والإسلامي وكيفية حماية الوجود المسيحي ومواجهة التطرف والتكفير.

كما تشهد بيروت سلسلة ندوات ومؤتمرات حول مختلف القضايا وهناك عدة مؤسسات عربية وإسلامية تنشط في هذا الإطار إضافة لإعادة الحوار بين القوميين والإسلاميين تمهيداً لعقد المؤتمر القومي ـ الإسلامي.

وهناك مبادرات حوارية متعددة من جهات مختلفة.

والإشارة لهذه الأنشطة لا تعني حصر ما يجري بها، لأنه لا يمكن إيراد كل المؤتمرات والندوات في العواصم العربية والإسلامية، لكن هذه إشارة لما يجري من نقاشات وحوارات واعتراف الجميع بالأزمة العميقة التي يواجهها العرب والمسلمون اليوم والتي تتطلب حراكاً فكرياً وسياسياً وشعبياً في مختلف الاتجاهات.

لكن المؤشر المهم الذي يستطيع المراقب استخلاصه، إن قادة الحركات الإسلامية والعلماء والمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية والنخب الثقافية تشعر بخطورة الأوضاع وهي تبحث بعمق حول أسباب ما وصلنا إليه وكيفية الخروج من المأزق الحالي.

إذاً نحن في بداية طريق طويل والمطلوب استكمال الحوارات والنقاشات وإطلاق مبادرات جديدة  وإن ما تتسم به الحوارات والنقاشات من العمق والصراحة والوضوح والاعتراف بالأخطاء والبحث عن حلول عملية، حتى لا تكرر الأخطاء نفسها دليل على السير نحو الامامِ ولا نظل واقفين حيث نحن.