بعد عودةٍ قوية للملف الأمني إلى الواجهة مع انتصار يبرود الذي أثقل كاهل لبنان بمزيدٍ من المخاوف التي تبلورت على شكل انفجاراتٍ وسيارات مفخخة وصواريخ جديدة غزت البقاع الشمالي في اليومين الماضيين، لا زال الملف الحكومي العائم على وجهه تتقاذفه أمواجٌ كتائبية على وقع مدٍّ مقاوميّ وجذرٍ رئاسيّ، لا يُعلم حتى الآن إن كان سيوصله إلى شاطئ الثقة أم تصريف الأعمال.

فعينٌ على الإضطراب الأمني الذي يشهده لبنان من عرسال إلى طرابلس والذي دعى الجيش إلى تكثيف إجراءاته على الحدود، واتخاذ مواقع جديدة إضافية على الطرق الترابية والمعابر عند السلسلة الشرقية، وتعزيز مراكزه السابقة، تحسّباً لتسلّل السيارات المفخّخة والمسلحين إلى الأراضي اللبنانية.

وعينٌ أخرى على جلسات مناقشة البيان الوزاري غداً الأربعاء وبعد غد الخميس، حيث ستشكّل هذه الجلسات أوّل اختبار فعليّ لمدى التضامن الحكومي المتقلّب على هوى مصالح الأفرقاء المتضامنين شكلاً والمتعارضين مضموناً.

وقبل 48 ساعة على موعد بدء المناقشات في مجلس النوّاب للبيان الوزاري، تكاثفت الإتصالات بشكل مباشر لتطويق ذيول التحفّظات الكتائبية، لتحضر الحكومة أمام مجلس النواب بكامل أعضائها. وعلى ما يبدو قد أفضت الإتصالات الكثيفة التي جرت مع حزب الكتائب الى فتح الطريق واسعاً أمام خطوة طيّ صفحة التهديد باستقالة وزراء الحزب الثلاثة.وكأن السقف الذي علّاه النائب سامي الجميل عاد وهدّه الرئيس أمين جميل ليصبح ملامساً أو مقارباً لسقف المقاومة، ولكن السؤال في حال تم تنازل الكتائب بخصوص تفعيل دور المقاومة في البيان الوزاري ما هو البديل الذي ستحصل عليه قوى الرابع عشر من آذار بشكل عام وحزب الكتائب بشكل خاص، وهل سيتطلّب الاستحقاق الرئاسي مزيداً من التنازلات الكتائبية التي تنتظر ما أسماه الرئيس جميّل بالإيضاحات بخصوص الحكومة الجديدة..؟؟ هذا وستكون حصيلة مشاورات القيادة الكتائبية على طاولة البحث في اجتماع استثنائيّ للمكتب السياسي يُعقد مساء اليوم لبَتّ الموقف من البقاء في الحكومة والمشاركة في جلسات الثقة غداً، بعد تقويم يُفترض أن يكون إيجابياً لنتائج الإتصالات والتطمينات التي أُعطِيت له.

في حين تبلغت اقطاب الحوار دعوة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان لانعقاد طاولة الحوار الوطني في 31 آذار الحالي في بعبدا.هذا وكان سليمان قد أبدى استعداده لمناقشة هواجس الكتائب، وشارك الحزب في موقفه من دور الدولة اللبنانية ومؤسّساتها، وعبّر عن الحاجة الى استكمال المشاورات بين اللبنانيين من خلال إحياء طاولة الحوار للبحث في الإستراتيجية الدفاعية التي أقرّ الجميع بالحاجة إليها على هامش المناقشات حول البيان الوزاري. فهل ستثمر طاولة الحوار الجديدة في إنتاج حوار لبناني متضامن وفعّال أم أنها ستكون جولةً حوارية من أجل الحوار لا أكثر ولا أقلّ، كسابقاتها من الجولات التي لم تسهم بأكثر من التقاط صورٍ تذكارية لأفرقاء السياسة في لبنان مع ما يسمى طاولة الحوار..!!؟؟؟

نهلا ناصر الدين