قبل يومين على نهاية مهلة الثلاثين يوماً نجح مجلس الوزراء في التوصل إلى صيغةٍ غير جامعة للبيان الوزاري في الحكومة الجديدة، أبعدت البلد عن الانهيار في الفراغ.وأوقعته في انهيار الآمال. وسط حال من الاستنفار في اللحظة الاخيرة وكثافة الاتصالات على كل المستويات.

وكأنهم من بعد جدلٍ بيزنطي طال على مسامعنا فسّروا الماءَ بعد الجهدِ بالماء، فلم تنجح الصيغة الجديدة التي ما زالت مرتهنة في "عقدة المقاومة" أن تكون جامعة، وتزامنت خيبة قوى الرابع عشر من آذار، الذين ما توقفوا يوماً عن رفض قاطع لتضمين كلمة المقاومة في البيان الوزاري الجديد، مع إحياء الذكرى التاسعة لانتفاضة ١٤ آذار ٢٠٠٥.

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي تنم عن خيبة واضحة لدى جمهور ١٤ آذار من الصيغة التي اعتمدت في البيان الوزاري، تماماً كالتعليقات التي شهدتها مواقع التواصل الإجتماعي عند تشكيل الحكومة السلامية، ولكن اليوم الأدوار مقلوبة، فالحكومة التي أسعدت 14 آذار وأحبطت 8 آذار أحبطت 14 ببيانها الوزاري وأسعدت 8.

واستعان الوزراء اللبنانيون بسيباويه ليلعبوا على تعابير اللغة العربية المطاطة ، لكن حتى اللغة العربية لم تنجح في اقناع حزب الكتائب بالمساومة على عبارة "دولة" فبقيت العقدة لديه رغم الاتصالات المكثفة التي اجراها عدد من المسؤولين بمنسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل.

فأتت الصيغة النهائية للبيان كالتالي: تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر بشتى الوسائل المشروعة مع التأكيد على الحق للبنانيين في المقاومة للاحتلال ورد اعتداءاته واسترجاع اراضيه المحتلة.

هذا وكان لافتاً غياب رئيس حزب الكتائب أمين الجميل عن مهرجان ذكرى 14 آذار في "البيال" أمس، وينتظر أعضاء المكتب السياسي عودته من سويسرا للاجتماع عند السادسة من مساء اليوم في البيت المركزي في الصيفي. وتترقب الاوساط السياسية القرار الذي سيتخذه الحزب، بعد اعتراض وزرائه على صيغة البيان الوزاري التي أقرها مجلس الوزراء.

إلا أن هناك مصادر كتائبية أكدت أن كل ما يحكى في الإعلام عن استقالة وزراء الكتائب من الحكومة رداً على البيان الجديد غير صحيح. فالحزب يعي حجم الأزمة التي يمر بها لبنان ، ويدرك أن البلد لا يتحمل نكسات حكومية إضافية بعد كل الذي حصل. من هنا فإنه سيتعاطى بمسؤولية مع واقع الأمور.

وهذا ما يبعد الإستقالة من الأجواء، ويدل على رضوخِ دولةٍ لمقاومة أو رضوخ الدولة للمقاومة. واللافت أن تنازل الثامن من آذار في تشكيل الحكومة أثمر في البيان الوزاري، فهل تنازل الرابع عشر من آذار في البيان الوزاري سيُثمر في الاستحقاق الرئاسي؟؟

وسؤالٌ آخر يطرح نفسه على الحكومة الجديدة هل يحق للمواطن أو اللبناني مقاومة العدو خارج أراضيه واللعب على تعابير اللغة العربية المطاطية واستبدال اسم المكان شبعا باسم المكان يبرود مثلاً أم لا...!!!؟؟؟

نهلا ناصر الدين