تحتفل المرأة اللبنانية هذا العام في يومها العالمي كما في كلّ عام وفي قلبها غصّة أكبر من أن تعبّر عنها بالكلمات نتيجة ما تتعرّض له من أعمال العنف اليومي المستتر بغطاء الدين من جهة والتقاليد البالية والقوانين المهترئة من جهة ثانية.

هذا وتزايدت أعداد الضحايا من النساء خلال العام المنصرم. أمثال رولا يعقوب، منال عاصي وكريستال أبو شقرا... وغيرهن الكثيرات ممن يتعرّضن يومياً لأبشع أنواع العنف من "الذكر"، سواء كان زوجاً أخّاً أو أبّاً، والذي لم يرَ طريقاً لإثبات رجولته غير العنف.

فمن يأخذ بحق دماء ضحيّات العنف الأسري ومن يمسح دموعهن التي تحكي عن شقاء سنواتٍ طوالٍ من القهر والكبت فضلاً عن أنّ هناك نساء كثيرات يُعنَّفنَ، لكنّهن لا يَبُحنَ بذلك لأنّهنّ لسنَ مستقلات إقتصادياً، ما يدفعهنّ في معظم الأحيان إلى السكوت.

فمن المسؤول عن هذا التمادي في الجريمة التي تمارس علناً ضد المرأة، هل هي قوانين الغاب التي تشرّع باسم الدولة، أم لباس الدين المطاط الذي يحاول الرجل أن يخفي جريمته خلف لحيته المغطّسة بدماء الجريمة. فمع الأسف هناك الكثير ممن يستغلون ويستخدمون الدين كغطاء لتنفيذ جرائمهم ضد المرأة، في دولةٍ أكل الدهر وشرب على قوانينها البالية.

قضية العنف ضد المرأة يجب أن تكون قضية اجتماعية وليست فقط قضية بعض النساء اللواتي تعرّضن لصفعات المجتمع القاسية، وهي قضية يجب ألّا  تبقى سجينة  الخصوصيات العائلية المسيّجة بالعادات والتقاليد بل يجب أن تكون قضيتكَ أنت أيضاً أيها الرجل فالضحيّة إن لم تكن أمّك أختك جارتك صديقتك ستكون ابنتك في المستقبل.

أمّا بالعودة إلى الدولة اللبنانية وموقفها الأصمّ من هذه القضية، فهي تسعة أشهر التي مرّت منذ أن مدّد المجلس النيابي لنفسه، والذي لم يلتئم  حتى اليوم لإقرار قانون يعترف أوّلاً بالعنف الممارس على النساء، ويشرّع ثانياً آليّات واضحة لحمايتها وتعزيز فرص نجاتها من موت محتمل.

وبالتزامن مع اليوم المرأة العالمي المصادف يوم غد السبت، في الثامن من آذار الجاري، تسير نساء لبنان من المتحف حتّى قصر العدل مرددات شعار "إذا بدها شارع للتشريع...نازلين".وذلك برعاية جمعية "كفى عنف واستغلال" في حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري وهذه الحركة فريدة من نوعها في تاريخ المرأة اللبنانية، وهي تحرّك شعبي كبير يُراد منه تشكيل أداة ضغط على رئيس مجلس النواب نبيه بري وبقية نوّاب لبنان بإيلاء هذا القانون أهمية قصوى وأن يكون من أولوية المشاريع على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.

فهل ستصل صرخات اللبنانيات غداً إلى مسامع الرئيس برّي ويشرّع قانون حماية المرأة من العنف الأسري، أم أنه سيدير لهن الأذن الطرشاء..؟؟ فغداً سنعرف يا دولة الرئيس إن كنت رجلاً أم مجرّد ذكر..!!!

نهلا ناصر الدين