أين فلسطين مما يجري في العالم العربي والإسلامي؟

من مقدمة المقتطف الاسلامي الصادر عن مؤسسة الفكر الاسلامي المعاصر

لا تزال الأحداث والتطورات في العالم العربي والإسلامي تتفاقم دون معرفة الاتجاه الذي ستتجه إليه عليه في المرحلة المقبلة.

 وباستثناء تونس التي شكلت نموذجاً إيجابياً على صعيد استكمال المرحلة الانتقالية وإنجاز الدستور الجديد وتشكيل حكومة جديدة وتحقيق ما يسمى "تداول السلطة"، فإن معظم الدول العربية لا تزال تعيش أجواء من التوتر والقلق والعنف الشديد، وما يجري في مصر واليمن والعراق ولبنان وليبيا والبحرين وسوريا نموذجاً لهذا الواقع.

لكن الجانب الأخطر في صورة الواقع العربي والإسلامي، تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والصراع العربي ــ الإسرائيلي، رغم أن هذه القضية تمر اليوم بأخطر مراحلها، حيث تسعى الإدارة الأميركية لإنجاز اتفاق نهائي بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية يؤدي للاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني ويلغي حق العودة ويضع القدس تحت إشراف دولي ــ إقليمي متعدد ويثبّت البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويضع مناطق فلسطينية مهمة (كغور الأردن) تحت إشراف عسكري دولي (من قوات الناتو والولايات المتحدة الأميركية) وحصول تبادل في الأراضي والسكان.

وفي موازة ذلك يستمر الكيان الصهيوني بتهويد القدس وزيادة الاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية المحتلة ويمارس سياسة القمع والقتل بحق الفلسطينيين والمجاهدين.

من جهة أخرى، لم نعد نلحظ أي اهتمام جدي بالقضية الفلسطينية لدى الحركات الإسلامية والقومية واليسارية، بل أن بعض قوى المعارضة العربية لم تجد أية غضاضة في التعاون العملاني مع الكيان الصهيوني من خلال إرسال جرحاها إلى مستشفيات هذا الكيان أو تبادل المعلومات والمساعدات معه.

كما أن عدداً من الدول العربية أصبحت تستقبل المسؤولين الصهاينة في مؤتمراتها ويتحاور المسؤولون العرب مع الحكام الصهاينة ويتبادلون معهم التحيات والسلامات دون أي حرج أو حياء.

ورغم أن قوى المقاومة الإسلامية ولا سيما في لبنان وفلسطين لا تزال تؤكد على استمرار استعداداتها لمواجهة الاحتلال الصهيوني والتصدي لعدوانهم، فإن هذه القوى تواجه عقبات وظروف سياسية وميدانية صعبة حيال الصراعات التي تشهدها الدول العربية.

إزاء كل ذلك لا بد أن نسأل اليوم، أين أصبحت فلسطين والقضية الفلسطينية والصراع مع الكيان الصهيوني في الواقع العربي والإسلامي؟ وهل ستؤدي التطورات المتسارعة في المنطقة إلى تحول الكيان الصهيوني إلى واقع نهائي وتصبح التسوية معه أمراً طبيعياً؟ وكيف ستتعاطى القوى والحركات الإسلامية مع اتفاق التسوية الذي يتم التحضير له.

أسئلة كثيرة تطرح وكلنا أمل أن تبقى الشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم واعية لخطورة هذا الكيان الصهيوني، وأن لا تؤدي التطورات في العالم العربي والإسلامي إلى نسيان القضية الفلسطينية والقبول بالكيان الصهيوني ككيان طبيعي في هذه المنطقة.

 

 

 

والله ولي التوفيق

مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث