تحتفل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الأيام بمرور 35 عاماً على الثورة الشعبية والإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس)، والتي نجحت في إسقاط حكم الشاه محمد رضا بهلوي وإقامة دولة إسلامية معاصرة تجمع بين حكم ولاية الفقيه والسيادة الشعبية الديمقراطية.

ورغم كل التحديات والعقبات التي واجهتها الجمهورية الإسلامية (ومنها الحرب المفروضة من قبل صدام حسين والعقوبات الخارجية والمؤامرات المتعددة) فإنها نجحت في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وإقامة حكم المؤسسات وإشراك الشعب في اختيار قادته ومسؤوليه وتحقيق قدر كبير من الاكتفاء الاقتصادي الذاتي ومعدلات جيدة على صعيد التنمية والتطور العلمي والثقافي.

لكن ذلك لا يعني أن إيران الدولة لا تواجه تحديات وعقبات عددية ومنها عدم القدرة على إقامة نظام اقتصادي إسلامي مستقل عن النظام العالمي الربوي، ومواجهة العديد من المشكلات الاجتماعية الأخرى المتصلة بقضايا الشباب وتأمين فرص العمل وغير ذلك.

كما أن إيران تواجه بعض المشاكل في العلاقات مع بعض الدول العربية والإسلامية وخصوصاً دول الخليج والمملكة العربية السعودية ومصر والمغرب. وإن كانت إيران وخصوصاً بعد الاتفاق النووي الأخير قد بدأت تكسر العزلة الدولية ونظام العقوبات المالي والاقتصادي والعلمي، مما قد يساعدها في تجاوز الكثير من هذه التحديات والعقوبات.

وبعد الثورات الشعبية العربية كان هناك رهان لدى الكثيرين في أن تنجح الحركات الإسلامية العربية ولا سيما الإخوان المسلمون في إقامة تجربة إسلامية جديدة تستفيد من التجربتين الإيرانية والتركية في الحكم، لكن للأسف فإن التطورات المتسارعة في العالم العربي وخصوصاً في مصر أدت لإسقاط حكم الإخوان المسلمين، في حين أن حزب العدالة والتنمية في تركيا يواجه الكثير من العقبات والمشاكل، أم تجربة حركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب فهي لا تزال تحت المراقبة لمعرفة مدى النجاح الذي ستحققه.

وفي العراق لم تنجح الأحزاب الإسلامية العراقية في تقديم تجربة مميزة على صعيد المشاركة في الحكم، ويواجه العراق اليوم ضغوطاً داخلية وخارجية تساهم في إعاقة هذه التجربة في الوصول إلى نتائج مميزة.

على ضوء كل هذه الملاحظات ينبغي إعادة دراسة تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعمق لمعرفة أساب قدرة إيران على الصمود في مواجهة كل التحديات والمشكلات وقدرتها على إقامة نظام إسلامي يجمع بين نظرية ولاية الفقيه وحكم الشعب، وكيف استطاعت إقامة علاقات دولية متوازنة وإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية ودعم قوى المقاومة، مع دراسة البعد الإسلامي لهذه التجربة وماذا حققت من أهداف إسلامية حقيقية.

إنها تجربة تستحق الدراسة بموضوعية وبعيداً عن الصور النمطية المسبقة خصوصاً في ظل الحملة التي تشن تحت عنوان "فشل الإسلام السياسي في الحكم".