محمد أبو علي 

إلى عبد المجيد بعلبكي وفؤاد جوهر

 

يا حاديَ الليلِ ما في العمر مؤتَمَلُ

أغلى الأحبَّةِ في كانونَ قد رحلوا
بالأمسِِ كانوا هنا، واليومَ أين هُمُ؟
مِن بعضِهم عَبَقٌ، أشياؤهمْ طللُ
غابوا خِفافًا، هُبوبُ المسكِ ريحُهُمُ
راحوا معَ الريحِ، ما حنّوا ولا سألوا!
يا ليتَ شِعري، سقاني المرَّ بُعدُهمُ
حُمِّلتُ صبرًا كما لم تحملِ الإبِلُ
يا عَبْدُ بَلِّغْ فؤادًا بعضَ حُرقتِنا
ويا فؤادُ لعبدٍ دمعُنا هَطِلُ
إنْ يَشتَكِ اللونُ مُرَّ البعدِ لا عَجبُ
إلا بطُهرِكَ يا ذا اللونُ ما اغتسلوا
هُوَ الجنوبُ هَواهُم.. صِنوُ قِبلَتِهمْ
هَوى الجنوبِ إذا ما هَبَّ يشتعِلُ
صَيدونُ هاتي يديكِ... لَملِمي وَجَعًا
أضنى فؤادًا، فَهلْ أضناكَ يا جبلُ؟
آهٍ فؤادُ... أيا وجدًا ويا سَهَرًا
ويا زمانًا قضى إذْ سُدَّتِ السُّبُلُ
ويا عُدَيسَةُ كوني للنّوى مُزُنًا
وقولي... قولي جَوىً لَوْ تُسعِفِ الجُمَلُ
إنْ تبتغي قَمرًا... عبدُ الحميدِ بدا
في راحتيكِ بكى مِنْ شيبِهِ زُحلُ
وَشْمٌ على الروحِ ذِكراكُمْ وجُرحُ سَنىً
وكيفَ... كيفَ لجُرحِ الروحِ يَندَمِلُ؟
هو الفِراقُ يدُق البالَ.. يُشعِلُنا
وليس... ليسَ صفاءُ العمرِ يَكتَمِلُ!