لم تطفئ ثلوج اليوم نيران الأمس..ولن...

فهطلت ثلوج الشمال بحرارة على قلوبٍ ثكلها الإرهاب والتطرّف بفعل فاعل، ولم تطفئ جمراتٍ أحرقت ما تبقى من عيشٍ مشترك. فما بين لاعنٍ للإرهابيين ومتذمّرٍ من الدولة وشاتم لحزب الله، تشوّهت الحقائق وانقلبت خيبات أملٍ لا تنبئ بالخير عن مستقبل منطقةٍ كل ذنبها أنها محاذيةً جغرافياً للبركان السوري الذي لم ينأَ عنه من يمتلكون قرارها السياسي في ظل دولةٍ أقل ما يُقال فيها أنها غائبةً عن الوعي...

ففي جولةٍ سريعة قام بها موقع لبنان الجديد على سبيل استطلاع آراء أو بالأحرى "جراح" أهالي الهرمل بُعيد التفجير الآثم الذي طالها السبت الماضي وأسفر عن ثلاثة شهداء و28 جريح بينهم أطفال، تبين لنا أن الجرح أكبر من أن تستطيع الكلمات التعبير عنه والحقيقة أضعف من أن تقال، فجفّت مآقي الحقيقة في حلوقهم وانبعثت لعائن وشتائم ترتّل واقعاً أشبه ما يكون بمسلسل رعبٍ لا نهاية لفصوله الدامية.

فهذا الحاج أبو علي 64 عاماً رأى ما خفي عن معظم شباب الهرمل اللذين تلتهب صدورهم بالشعارات الطائفية والسياسية، قالها وباختصار: "حدا بجيب الدب عكرمو؟؟ حزب الله جاب جبهة النصرة عالهرمل" وفي سؤالنا له مستوضحين منه وكيف تم ذلك؟ تابع أبو علي موضحاً: "لو لم يذهب حزب الله للقتال بسوريا لما جاء الإرهابيين إلى عُقر دارنا وقتلوا أبناءنا".

أمّا حسين 17 عاماً ما إن عرف إننا من قبل الصحافة حتى راح يهتف بأعلى صوته: "لبيكِ يا زينب..لبيك يا نصر الله..كلنا حزب الله..كلنا مقاومة" .

وزينب 27 عاماً شقيقة أحد الجرحى الذين سقطو بالتفجير قالت وصوتها يرتجف وفي صدرها غصّةٌ أكبر من أن تبوح بها: "كلنا فدا السيّد حسن، كلنا فدا المقاومة، وجرح خيي فخر لإلو ولإلنا عند فاطمة الزهراء عليها السلام، والله يخليلنا حزب الله اللي عم يدافع عنا".

أما أم عباس 53 عاماً رأت أن ما يحدث هو من علامات الظهور ويدل على اقتراب قيام الساعة وراحت تتذمّر من الدولة التي لا تستطيع حماية المدنيين من الإرهاب العاصف بهم.

وجهاد 38 عام شابٌ مثقف راح يلعن الدولة ويقول: "نحنا عشاير ومنعرف كيف نحمي حالنا إذا الدولة مش قادرة تحمينا تقلنا ونحنا منحمي حالنا". وبتول 22 عاماً زوجة أحد المجاهدين في حزب الله عبّرت عن خوفها على مستقبل زوجها وخوفها على ابنتها الصغيرة من أن تخسر أباها في إحدى ساحات الحرب السورية، وقالت بحرقة: "لولا ال500 دولار اللي عم يقبضون آخر الشهر ما كنت خليتو يروح معون، بس ما في شغل شو منموت من الجوع".

وغيرها الكثير من الآراء الملتهبة تحت الرماد...فهل ستكون التفجيرات التي تسارعت مؤخرّاً ونالت من أمن الطائفة الشيعية بشكل خاص سبباً كافياً لعودة حزب الله من حلبة الصراع السوري إلى أحضان الوطن أم أنها ستكون دافعاً عكسياً لاستشراسه في الحرب السورية أكثر وأكثر..؟؟؟!!