في لبنان اختناقٌ سياسي يستولد هجمات وتفجيرات إرهابية، وانتظار حكومي لم نجنِ منه إلا خيبات الأمل. في سوريا دماء حارّة تُعالج في جينيف بمفاوضات باردة. في مصر إرهاب متنقّل يحصد ما يحصد من أرواح الأبرياء. في العراق غوص تراوحيّ في دائرة الدماء. وفي اليمن سعي لتحقيق دولة اتحادية. في السعودية خشية من تنامي بذور الاتفاق الإيراني الأمريكي، وفي إيران قلق من إبعادها عن موائد جينيف-2.

هكذا يعيش الشرق زلزالاً بحدّين كلاهما مرّ، حدّ المعاناة من الحاضر المؤلم وحدّ التخوّف من الآتي المجهول. فأين نقع نحن في وسط هذا الزلزال، ومن أقدر من الوزير السابق غسان سلامة على أن يحدّد لنا أين نحن...؟؟ وأين سنكون...؟؟ فكان له إطلالة تلفزيونية عبر برنامج "بموضوعية" تلا من خلالها علينا ما غاب عنّا بين السطور.

أكد الوزير السابق الدكتور غسان سلامة أن المرحلة المقبلة ستكون مهمة جداً بالنسبة إلى إيران وهي أمام تحدٍ كبير بعدما عزلتها العقوبات. وأشارإلى أن الهلع السعودي من الاتفاق الأميركي الإيراني كان مبالغاً فيه دافوس.لافتاً إلى أن القرار في السعودية هو في يد الملك والبلاد اليوم في مرحلة مراجعة.
واعتبر سلامة أن من ينظر إلى الدور الروسي في المنطقة من منظار الحرب الباردة فقد نسي أن هذه الحرب انتهت، ولكن روسيا قوة اقليمية في الشرق الاوسط.
وفي الموضوع السوري لفت سلامة إلى أن خطوط النار في سوريا لم تتغير منذ فترة، ولا نصر عسكرياً سريعاً لأحد مشيراً إلى أن بيان جنيف-1 هو النص الوحيد الذي اتفقت عليه الدول الخمس. وجينيف-2 هو مجرّد افتتاح سينمائي، مفاوضاته ستكون طويلة وقد تتعثّر ثم تعود وهكذا، متمنياً من اللبنانيين أن يتنبّهوا إلى أن الأزمة السورية لن تحلّ في القريب العاجل، وعليهم أن ينظّموا أمورهم على هذا الأساس، وإلّا ستأكلهم الحرب السورية حتى دون مؤامرة.

ولفت إلى أن كل أزمة في لبنان تكشف هشاشة مؤسساتنا، موضحاً أننا نؤلف حكومة لا نعرف عمرها ولذلك الجميع يعيد جميع حساباته، مشيراُ إلى أن روسيا وأميركا والأوروبيون يريدون تشكيل حكومة في لبنان، وإيران والسعودية من دون أن يتفاهما وصلا إلى نتيجة بتشكيل حكومة في لبنان.
ولفت سلامة إلى أن هناك حذر بتأليف الحكومة عند الأفرقاء المسحيين ، الذين هم أقل تأثراً بإيران والسعودية في شأن تشكيل الحكومة، داعياً إلى تأليف الحكومة وتمرير هذه المرحلة والنأي بالنفس قدر الإمكان، وإجراء الانتخابات الرئاسية وعدم التمديد.
وحذّر سلامة إلى أنه في حال لم يتفق اللبنانيون فليس هناك رئيس جمهورية ولا انتخابات نيابية، معتبراً أنه يجب عدم الإتكال على الدول الإقليمية الغارقة في صراعات دامية، متمنياً أن يتم تشكيل حكومة إنقاذ لأنها تعبير عن شعورنا بالمخاطر التي تهددنا. مؤكداً أنه إذا اتفق المسيحيون على رئيس قوي فإن المسلمين سيقبلون به.

هذا ورأى سلامة أن العزل بين المواضيع الإقليمية والموضوع النووي الإيراني لا يستطيع الإستمرار طويلاً، لأنه إذا فشل الاتفاق التمهيدي بين إيران والغرب فالأمور ستتجه إلى الأسوأ. فهناك ثمة ديمقراطية في إيران ولكن هناك مصدر آخر للشرعية، وهناك توجه جديد في إيران "المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي" يوافق عليه ولكنه يستطيع تغيير رأيه وأن يديره عن قرب، مؤكداً انه لم يكن الاتفاق النووي مع الغرب ليتم لولا موافقة خامنئي، كما أن إيران لما كانت تدخلت لحماية النظام السوري لولا موافقته.

ورأى سلامة أن القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان، هو الأكثر استعجالاً في المواضيع الإقليمية، مشيراً إلى أنه على صعيد الولايات المتحدة هناك تشوش بين تحالفات المنطقة،وليس كل ما تخطط له أميركا تنجح في تحقيقه.
موضحاً أن الموضوع السوري عند روسيا هو الأول أما بالنسبة لأميركا فهو الخامس، معتبراً أن روسيا قوة إقليمية في الشرق الأوسط ولكنها ليست قوة دولية في المنطقة.

أمّا بعد هذا السرد الدقيق لفواصل الأحداث الدولية والإقليمية ونقاطها لا يسعنا إلّا التساؤل: أيّ شرق أوسط جديد سيرتسم على أنقاض الشرق الأوسط القديم، وأيّ خرائط تنتظرنا، وكم نهراً من الدموع والدماء الإضافية ستحتاج لتنفيذها...؟؟!!