الطائفة السنية في مرمى النار :من  طرابلس الى صيدا مرورا بجريمة محمد شطح...  

 

 لا للاعتداء على الجيش، لا للإرهاب في صيدا وفي لبنان و بظل الانقسام الحاد الذي يعيشه لبنان. وسيطرت المذاهب على لغة الحوار، هل اصبحت مدينة صيدا بؤرة توتر جديدة بعد  طرابلس للإطباق على الدولة  من اجل ابراز الطائفة السنية طائفة خارجة عن قوانين الدولة. فهل اصبحت مدينة صيدا ولبنان بكل مناطقه والسنية خاصة، مكانا امنا للقاعدة ولعملها الجهادي بدون اي فتوى او تشريع ديني ،فهل تحولت ثقافة القاعدة واعتبار لبنان بلدا جهاديا بعد ان كان  بلدا للنصرة. واللافت للنظر بان مدينة صيدا تعيش هذه الايام حالة غير طبيعية، وبخاصة بعد الاعتداء على الجيش اللبناني من قبل مجموعات متطرفة. وبالرغم من  الاستنكار السريع للعملية البشعة من قبل فعليتها وأهلها ،الذين تضامنوا مع الجيش ورفضوا الاعتداء على المؤسسة الجامعة والمحافظة على الوطن، حاول البعض الباس المدينة قميصا ارهابيا. لكن صيدا وسكانها هم من رفعوا الغطاء عن مجموعة احمد الاسير في 23 يونيو\تموز الماضي. عندما تعرض الجيش  للاعتداء فيها مما ساعد  الجيش سريعا بإنهاء الحالة الاسيرية .  على  الرغم من  استخدم  حزب الله  هذه الثغرة  للسيطرة على المدينة من خلال مشاركته العسكرية ومرافقته للجيش في الهجوم على الاسير ، محاولا الامساك بالمدينة وتركعيها مجددا كما فعل في 7-8أيار\مايو 2008.

 للأسف تعرض الجيش اللبناني  في صيدا بتاريخ 14 ديسمبر 2013 لاعتداءين مباشرين في نفس الوقت حسب مصادر الجيش والقوى الاعلامية، لكن الفارق بينهما هو عدم الربط .

فالاعتداء الاول وقع عند مدخل صيدا الجنبي على حاجز الاولي اثر توقيف سيارة للتعرف على سائقها، بينما ترجل ثلاثة شباب من السيارة الثانية وفتح احدهم قنبلة وتم قتله من احدى العسكريين مما ادى الى انفجار القنبلة في يديه  وفر الاثنان باتجاه غير معروف .

في اليوم الثاني وحسب وكالات الاخبار ونقلا عن تلفزيون الجديد :" بان القتيل الذي هاجم الحاجز يدعى  ابو ايوب العراقي وكانت العملية نوع من التمويه لإفساح المجال امام السيارة التي تم توقيفها للهروب لكون سائقها كان السعودي ماجد الماجد مسؤول كتائب عبدا لله عزام المتواجدة في مخيم عين الحلوة  ،فالعجيب في الرواية بان الماجد يتنقل على الاراضي اللبنانية ويدخل المخيم المحاصر  في سيارة وبشكل طبيعي وهو مطلوب للقضاء وللأجهزة الامنية ، وقد تم التعرف عليه فورا دون ملاحقته.

اما الاعتداء الثاني تمت مهاجمة حاجز الجيش في منطقة مجدليون شرق صيدا من عناصر متطرفة مما ادى بالاشتباك الى استشهاد الرقيب اول في الجيش اللبناني سامر رزق ومقتل ثلاثة اشخاص اثنين من لبنانيان والأخر فلسطيني .وفي تقرير للقوى الامنية بان المهاجمين ينتمون الي" جامعة الشيخ احمد الاسير الفار من وجه العدالة "، والعملية التي تمت انهت محاولة لتنفيذ عملية ارهابية كبيرة ،وقد تم العثور على مواد متفجرة في السيارة . مما دفع بالجيش اللبناني وحسب بيان مدرية التوجيه في 19 ديسمبر الماضي 2013  "القيم بعمليات تفتيش واسعة في احراج منطقة "عبرا مجدليون بقسطا  الرميلة علمان " وصولا الى تخوم احراج مدينة جزين.  وحسب مصادر القوى الامنية التي تقول بأنها اعتقلت 5 مشتبه بهم وهم من انصار الاسير وان هذه المنطقة تحول بعض المجموعات  من استخدامها لشن عمليات ارهابية على المنطقة.

فالجميع يحاول تصوير المدينة بأنها حامية للإرهاب وتصوير الطائفة السنية طائفة حاضنة للإرهاب وهذا ما اعلانه السيد حسن في خطابه في 20 ديسمبر 2014 والذي يحمل جماعة 14 اذار مسؤولية الرعاية لهذه الجماعات.

فإذا كانت صيدا تحتوي على بعض العناصر الارهابية،  فهذا ليس شكلها  ولا سمة اهلها. صيدا الذي يشهد التاريخ  على انها مدينة التعايش المشترك و النموذج اللبناني المصغر .صيدا مدينة "معروف سعد ورفيق الحريري وعادل عسيران والأب سليم الغزال وجورج كويثر والعلامة محمد حسن الأمين ،هي مدينة  الجوامع والكنائس  والعيش المشترك ، وبوابة الجنوب وطريق المقاومة الوطنية اللبنانية.  لا يمكن تصوير المدينة  نتيجة تصرف  فئة صغيرة بأنها مدينة الارهاب والحاضنة للإرهابيين وبالتالي هي بيئة حامية لهم. ولكن  لبد من السؤال لماذا يذهب شباب صيدا نحو التطرف الذي يتسلح به ويدخله الى  بيئته ، اليس هي ردة فعل على ممارسات حزب الله وتعامله مع المدينة بفوقية.اليس هذا الذي يجعل شبابها يذهبون نحو حركات متطرفة كما كان حال حركة الاسير، اليس الحركة كانت ردة فعل على تهميش المدينة واستباحتها قبل الحزب ،اليس التطرف من استدعى التطرف، فالفعل حسب قانون نيوتن يؤدي الى ردة فعل.  والجدير بالذكر بان  محمد الظريف الذي قتل في حادثة مجدليون هو مهندس ومعه جنسية كندية وهذا المهندس الثالث الذي يقتل من مدينة صيدا فهل يمكن الاجابة على هذه الظاهرة في كيفية تحول المتعلمين نحو التطرف  . لقد شددت الجماعة الاسلامية في بيانها الرافض للاعتداء على الجيش في صيدا وضواحيها مؤكدة على تاريخ صيدا ومواقفها وثقافتها الاعتدالية والتي لا تزال متمسكة بمشروع الدولة ومؤسستها الضامنة للجميع .

ومن جهته مفتي صيدا "سليم سوسان" شدد على رفض صيدا للاعتداء على الجيش و المدينة  تراهن على مشروع الدولة

لكن كلمة صيدا عبرا عنها اللقاء التشاوري الصيداوي برفضه للاعتداء على الجيش اللبناني والوقف دقيقة تضامن مع الجيش اللبناني .

لبد من التذكير بالتاريخ والعودة الى الماضي  بان اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية كانت شرارتها من  صيدا الذي تم وقتها اغتيل "معروف سعد" والذي اتهم الجيش اللبناني اثناءها بهذه الحادثة في محاولة لإدخال المدينة بصراع مع الجيش اللبناني وقتها لكن طبيعة صيدا وعقلانية اهلها لم تذهب بتنفيذ هذه الخطة .

فالعلاج ليس بالصدمة، كما عبرا اهل صيدا بان" الجيش اهلنا وإخوتنا"،وكذلك  أهل صيدا هم جزاء من لبنان والطائفة السنية التي تشكل الخزان الكبير والرافد الاساسي للجيش اللبناني، وهي مكون اساسي من مكونات لبنان ،الجيش حارب الارهاب في العام  2007 في مخيم البارد بدعم من  الطائفة السنية وشهدائها  هم من وقفوا ضد الارهاب ولم يسمحوا بسقط الجيش وقتها  . ولكن حسب بيان اهالي المقتولين في صيدا بأنهم طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من اجل التحقيق في عملية مجدليون وبالتالي اهلي المعتقلين الصيدواوين يطالبون المباشرة بمحاكمة ابنائهم المحتجزين في سجن جزين ويطالبون بتحسين معاملتهم لأنهم ليسوا متهمين وكما اكدوا بأنهم ضد الاعتداء على الجيش اللبناني في صيدا او في اي مكان وأنهم مع الدولة ومؤسساتها.

وهذا ما اكده  بيان هيئة علماء المسلمين في صيدا بتاريخ 18 ديسمبر والذي يؤكد فيه على ان هناك تناقض في المعلومات حول مقتل محمد الظريف، وتطالب الهيئة  بتحقيق محايد وشفاف.

اما الاعلامي الصيداوي فادي الشامية يقول بان:"يفترض أن يأخذ المواطن الخبر اليقين من الأجهزة الرسمية لدولته، لكن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني فقدت كثيراً من مصداقيتها عندما أخفت في بياناتها حقيقة يعرفها كل صيداوي ألا وهي مشاركة حزب الله بجانب الجيش في معركة عبرا ، ولهذا السب تحديدا لم تقع رواية الجيش عما جرى في الاولي ومجدليون في موقع قبول، وزاد الطين بلة اختلاف الروايات في بياني الجيش وتناقضهما مع ما أدلى به وزير الداخلية". 

فهل بات واضحا بان الهدف من هذا التوتر الامن هو ضرب الطائفة السنية وتخويف المذهب الاخرى للإطباق على البلد .

 طبعا هناك اسئلة كثيرة  تطرح في كيفية التعامل مع المدينة وخاصة حتى اليوم لم يتم الكشف عن هوية قاتل الجيش في عملية شرق صيدا في الصيف الماضي ولا كيف تم اخرج الشيخ الاسير من مربعه ولا كيف سيتم التعامل مع معتقليه او مع الظاهرة الاسلامية السنية بشكل عام .وربما لغز المشكلة كلها تكمن في الكشف عن هذه الاسئلة لتحل مشكلة صيدا وشطبها من خانة الارهاب والعداء للدولة  .  ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما هو الرابط بين الاعتداءين على الجيش اللبناني وحادثة اطلاق النار من قبل العسكري اللبناني في الناقورة ضد سيارة اسرائيلية   بنفس التوقيت، وبالمناسبة بان مطلق النار في الناقورة هو من حلبة عكار ومن الطائفة السنية .

 ولكن لابد من تذكير اللبنانيين والسياسيين والأعلام بأنه  لا يجوز التعميم بان الطائفة السنية حاضنة للإرهاب في مناطقها او الطائفة الشيعية مسؤولة عن تصرفات حزب الله  والخروج من وضع المكونات في مرمى النار.

ملاحظة : هذا الموضوع كتب قبل العملية المميزة التي نفذها الجيش اللبناني  والذي انتهت باعتقال المطلوب  ماجد الماجد .

د.خالد ممدوح العزي

كاتب لبناني ...