يكثر الحديث أو يسيطر على أحاديث جمهور الممانعة وإعلامها الكلام حول دعم المملكة العربية السعودية للإرهاب وعن مخططاتها المخابراتية الداعمة للتطرف والتعصّب ليس في لبنان وسوريا والعراق واليمن بل في العالم كلّه. أما الآن وبعد أن أعلن يوم أمس فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن هبةٍ سعودية بمقدار 3 مليار دولار دعماً للجيش اللبناني، وهي المساعدة الأكبر في تاريخ لبنان. بات صعباً توزيع الإتهامات جزافاً بحق المملكة فهي أثبتت وبجدارة عن محاربتها للإرهاب والتطرف بسيف الاعتدال، أقلّه في لبنان، فكانت هذه الهبة التاريخية للجيش اللبناني العتيد كفيلةً بإثبات براءة السعودية من كل ما طالها من اتهامات، ودليلاً قاطعاً على حرصها على لبنان واللبنانيين من مشروع التطرف وموقفها المضاد للتعصّب من خلال  دعم مجابه التطرّف والمتطرّفين الأول في لبنان وما تبقى لنا من الوطن "الجيش اللبناني".

وأفادت بعض المصادر بأن السعودية بهذه الخطوة جدّدت رهانها في المنطقة على العسكر، وليس على التطرف، والذي بدأ مع الفريق أوّل عبد الفتاح السيسي في مصر، وها هو الآن يتكرّر في لبنان. أما في تحديد هبتها بشرائها أسلحة فرنسية تحديداً، ففيه رسالة مزدوجة للولايات المتحدة الأميركية التي لطالما أرسلت خلال السنوات الماضية مساعدات بمبالغ تُعدّ زهيدة قياساً بحجم الهبة السعودية، وثانياً لأنّ باريس لن تعترض على شراء الجيش حاجته ما يلزم من اسلحة، على عكس موقف واشنطن الرافض أساساً أن يتسلّح الجيش بطائرات "إف ـ 16" أميركية أو بأجهزة رادارات متطوّرة مثلاً، تماهياً مع الرفض الاسرائيلي.

وما أن خرج رئيس الجمهورية وقال كلماته تلك شاكراً السعودية على كرمها ودعمها للجيش اللبناني، إلّا وانهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي المندّدة بفخامته، حتى وصلت لدرجة نعته بأنه باع وطنه ب 3 مليار دولار، فما كان على سليمان أن يفعل مقابل هذا السخاء السعودي هل يرفضه ولبنان وجيشه بأمس الحاجة لهذا المبلغ، أم يسب ويشتم السعودية لدعمها وحرصها على لبنان. ولطالما كان يخرج الرئيس السابق للبنان إميل لحود شاكرا النظام السوري على مالا أريد الدخول فيه حالياً، فلم تنعتوه ببيع وطنه.

أمركم غريب أيها اللبنانيون..وحقاً إنها سخرية القدر التي جمعت رئيساً مثل سليمان بشعبٍ تملّكته الطائفية إلى حدّ التعمية.