ما جدوى الرئيس القوى إذا كانت الجمهورية ضعيفة؟ ما جدوى الرئيس القوى إذا كنت الدولة تحكمها الأحزاب والميليشيات؟
 

أولاً: الرؤساء الأقوياء...
بعد وصول رئيس "قوي" إلى قصر بعبدا، ويشهد له تاريخه بالقوة والعنفوان في وجه "المحتل السوري" قصفاً وتدميراً، وما لبث أن انقضّ على القوات اللبنانية محاولاً إزالتها عن أحداث الحرب الأهلية، وذلك قبل القضاء على سائر الميليشيات، وتمكّن، بعد عون الله طبعاً، من اجتياز الحواجز السورية التي لا تُقهر، ووصل إلى برّ الأمان في السفارة الفرنسية، كذلك رُزق لبنان مع وصول الرئيس عون إلى قصر بعبدا، برئيس حكومة قوي هو الآخر، ولا يقل جبروتاً عن الرئيس عون، وكان هذا الأخير قد قطع له تذكرة ذهاب دون إياب عام ١٩١٠، فإذ به يعود مُكلّلاً بغار رئاسة الحكومة، ويتحكّم بمجريات المؤسسات الدستورية كافة ويتلاعب بها، وأثناء تأليف الحكومة العتيدة، تبيّن أن ٢٤ وزيراً ليس كافياً لحكم هذا البلد العظيم، لذا توسّعت الحكومة إلى ثلاثين وزيراً، لضمان عزّتها وقوتها وقدرتها على تحمُّل الصعاب، وحمل اللبنانيين جميعاً للوثوق بالعهد الجديد وقيامة لبنان من جديد بفضل حكومة "إعادة الثقة".

إقرأ أيضًا: ١٥ أيار القادم... عُرقوب يخجل من هذه الطبقة السياسية
ثانياً: الأجهزة الأمنية "الضعيفة"...
بعد أن التئم عقد المؤسسات الدستورية، وتربّع الجنرال في سدة الرئاسة الأولى، وبسط الرئيس الحريري جناحه على السراي الحكومي (وهو بالمناسبة إمتداد لبيت الوسط)، وولّت حكومة تمام سلام الضعيفة و"المتخاذلة" إلى غير رجعة، وتولى الوزراء الجدد مسؤوليّاتهم، وباشروا أعمالهم، وقاموا بالتعيينات الأمنية اللازمة، فأُقيمت الأفراح والليالي الملاح، وإرتفعت صورُ القادة الجدد بوقارها وهيبتها معاً، وإستبشر المواطنون عزّاً بعد فاقة، فقد جاءهم الأمير علّاقة، لكن، كان لأصحاب الشاحنات والكسارات (ومن ورائهم من السياسيين الذين خاضوا غمار المقاولات) رأيٌ آخر، فسدّوا الطرقات، وأقاموا الحواجز بآلياتهم الضخمة، ولم تسلم منطقة من شرّهم، ووزير الداخلية كأنّهُ في القطب الشمالي، على ما ذكر السيد وليد جنبلاط متهكماً، إلاّ أنّ المضحك المبكي بالأمس تهديده بفتح الطرق بالقوة!، عن أي قوة تتحدث، والهراوة بيد من؟!، إن كنت لا تعلم فالمصيبةُ أعظمُ، واتّصل برئيس الجمهورية! وفي هذا افتئات على الرئاسة الثانية، كان يجب أن يتّصل بدولة الرئيس بري، لعلّ مفتاح الحلول عنده وبين يديه، وبدل اللجوء للقوة، قد تمرُّ الأمور بسلام، وعندها يردّد ما جاء في المقامة الحريرية المشهورة: الحمد للّه الذي مسخك كلباً وكفانا حرباً. 
تبيّن أنّ الأجهزة تكون ضعيفة عندما يكون المسؤولون السياسيون أقوياء.