قالت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية، إن المعارك التي تخوضها الفصائل السورية المعارضة في دمشق، وللمرة الأولى منذ سنوات، تظهر جلياً عدم قدرة نظام الرئيس بشار الأسد على هزيمة المسلحين المعارضين.
 

وأوضحت الصحيفة أن الهجوم المفاجئ الذي شنّته فصائل المعارضة على دمشق أثار الذعر بين سكان العاصمة، التي لم تألف مثل هذه الهجمات، "على الرغم من أن تلك الهجمات فشلت حتى الآن في إحراز أي تقدّم بالعاصمة بسبب كثافة دفاعات النظام".

إلا أن تلك الهجمات أدّت إلى إغلاق العديد من الشوارع الرئيسة، والعديد من المحال التجارية، وتعطيل المدارس، حيث تجددت تلك الهجمات الثلاثاء الماضي، واندلعت مواجهات عند المدخل الشرقي لدمشق، بعدما استهدفت فصائل المعارضة عدداً من أحياء العاصمة بقذائف الهاون، ما أدى إلى اندلاع حرائق، وهي المرة الأولى التي يقترب منها القتال إلى وسط البلدة القديمة في دمشق.

وكانت دمشق قد شهدت في العام 2012 مواجهات بين فصائل سورية مسلّحة وقوات النظام، وهذه المرة الأولى منذ ذلك التاريخ التي تصل فيها هجمات المعارضة إلى العاصمة، الأمر الذي يعكس استمرار هشاشة سلطة الأسد رغم كل المكاسب المطّردة التي حقّقها النظام خلال العام ونصف العام الماضي، بمساعدة روسيا.

الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، آندرو تايلر، قال إنه على الرغم من أن المعارضة المسلّحة تفتقر إلى القدرة على إسقاط الأسد، فإن قوات الأسد أيضاً تفتقر إلى القدرة على هزيمة المسلحين.

وتابع: "المعارك قرب دمشق لا تعني أن النظام سيهزم. كلاهما -النظام والمعارضة- يقف في مكان واحد، كما هو الحال منذ سنوات".

الهجوم على مشارف دمشق أعاد الجدل من جديد حول دور روسيا وجهودها لتحقيق الاستقرار في البلاد عن طريق تسوية تفاوضية، وهو الهدف الذي ما زال على ما يبدو بعيد المنال، رغم كل محاولات نظام الأسد المتكرّرة لاستعادة السيطرة على البلد بأسره.

العديد من مساعي وقف إطلاق النار التي قادتها روسيا باءت بالفشل، حيث سبق الهجوم الذي قامت به المعارضة على دمشق عدة هجمات حكومية على معاقل المعارضة بمساندة جوية روسية، وخاصة في محافظة إدلب الشمالية، حيث قتل العشرات هناك.

وتهدف هجمات المعارضة على أطراف دمشق إلى الضغط على النظام من أجل الالتزام بوقف إطلاق النار، بحسب ما أعلنه وائل علوان، المتحدث باسم فيلق الرحمن، إحدى المجموعات المسلّحة التي تشارك بالهجوم على دمشق.

ويرى آرون لوند، الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، أن الخلافات بين الفصائل السورية المعارضة تمنعها من تحقيق الانتصار على النظام، مشيراً بحسب الصحيفة الأمريكية، إلى أن أحد أقوى الفصائل السورية المسلّحة، وهو "جيش الإسلام"، لم ينضمّ إلى الفصائل التي تخوض القتال الآن في دمشق، وهو مثال على حجم الانشقاقات بين صفوف المعارضة السورية المسلحة.

وأضاف: "إذا اتحدت الفصائل السورية المعارضة فإن ذلك يمكن أن يكون مشكلة حقيقية على النظام، ولكن لا يبدو أن ذلك ممكن حالياً، فما زال بين تلك الفصائل الكثير من المشاكل، والنظام نجح في خلق المشاكل وإثارة الصراعات بينها".

وشنّت فصائل سورية معارضة منذ أيام عدة هجمات على دمشق، وتحديداً على كراج العباسيين، وهو ما شكّل مفاجأة كبيرة لكل المتابعين للشأن السوري؛ لما شكّله الهجوم من تحدٍّ كبير لنظام الأسد بعد سنوات من الحرب الأهلية.

(واشنطن بوست ـ الخليج اونلاين)