بعد أن كان الحديث عن أي تقارب بين حزب الله والقوات اللبنانية مجرد "دعابة" يتناقلها اللبنانيون للتعبير عن استحالة حصول شيء ما، أصبح اليوم بعد اجتماع الطرفين على إيصال حليف مشترك إلى رئاسة الجمهورية، فرضية أقرب إلى التحقق، إذ هيّأت إشارات "الغزل" المتبادل بطريقة أو بأخرى لبيئة حاضنة لتفاهم أو حوارٍ ما، تشير المعلومات إلى أن التحضيرات لبداياته باتت قاب قوسين أو أدنى.

مصادر مطلعة على مسير العلاقة القواتية مع حارة حريك، تؤكد بأن حزب الله بعد أن كان يرفض رفضاً قاطعاً الحديث عن أي تفاهم أو حوار بينه وبين القوات اللبنانية (رغم مبادرات القوات الكثيرة السابقة تجاه الحزب) عدّل سياسته تجاه القوات مؤخراً، "لا سيما وأن شيئًا لم يتغير بالذريعتين اللتين كان يضعهما الحزب حاجزاً أمام أي تفاهم مع القوات، وهما قضية الدبلوماسيين الأربعة، والوقوف على خاطر حلفائه في الشمال آل كرامة وآل فرنجية".

وتضع أوساط سياسية لـ"ليبانون ديبايت" تبدل موقف حزب الله في إطار الرد الإيجابي على سحب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشحه، لصالح ترشيح حليف حزب الله الاستراتيجي ومرشح 8 آذار الأول لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون. الأمر الذي صنع نقطة فرق بالنسبة لحزب الله الذي "بدأ يفكر بتقليص عدد خصومه في الداخل"، خصوصا بعد اقتراب القوات من خطّه عبر تبنّي ترشيح الجنرال.

وفي هذا السياق يكشف السياسي والإعلامي علي حمادة في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" بأن هناك تحضيرات جدية لبداية حوار بين الطرفين (حزب والقوات) ، وهذا التفاهم بات ممكناً اليوم بعد أن بدأ التشنج بين الطرفين بالتلاشي في المرحلة الأخيرة، وهو ما رأيناه واضحاً في تقاطع الطرفين بالتحالف مع التيار الوطني الحر، والكلام الإيجابي الصادر من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تجاه القوات عندما وصفها بـ"مكوّن مسيحي وطني ووازن". 

وفي قراءة المشهد "هذه الإشارة تحديداً تعني الكثير بما أنها صادرة عن نصر الله". وما تبعها من إشارات إيجابية وحسن نية من وتجاه كلا طرفين. فـ"لوحظ مؤخرا تراجع التشنج القواتي تجاه حزب الله، وإنخفاض وتيرة الانتقادات المتبادلة بين الطرفين، وهنا يمكن الركون إلى ما قاله جعجع منذ ما يقارب الأسبوع بأنه لا مانع لدى القوات بأن يتلقّى لبنان هبات ومساعدات من دول الشرق والغرب وحتى من إيران بكلّ ترحيب".

يجزم حمادة بأنه مع كل إشارات التقارب تلك بين الحزبين في موضوع الرئاسة، الحكومة، البيان الوزاري، والتعاطي بالشؤون العامة، لا شيء يمنع اليوم خلق عهد جديد من العلاقات بينهما، مع اختفاظ كل فريق بمبادئه وخطوطه الحمر وتحفظه على مبادئ الطرف الآخر. وهو ما أسماه حمادة بـ"تفاهم مع تجميد النقاط الخلافية التي لم ولن تحل" مثل سلاح حزب الله، تدخل حزب الله في سوريا، وقضية الدبلوماسيين الأربعة والتي لا يمكن أن تٌطوى صفحتها إلا بقرار من حزب الله وإيران.

ولفهم موقف حزب الله من هذا التقارب، تؤكد مصادر مقربة منه لـ"ليبانون ديبايت" بأن العلاقة، حتى الآن، بينه وبين القوات اللبنانية محصورة في أماكن ثلاثة، وهي "طاولة الحوار في حال عُقدت، طاولة مجلس الوزراء وإيعاذ لوزراء الحزب بالتعاون مع وزراء القوات على طاولة الحكومة، اما مجلس النواب فهو أمر قائم من قبْل بتفويض من الحزب للتعاون بين نواب كتلته ونواب كتلة القوات بما يخص الشأن العام". علماً أن آخر لقاء جانبي بين الطرفين حصل خارج هذه الأماكن الثلاثة، حصل بين النائب شانت جانجنيان والنائب علي فياض في مطعم الساحة على طريق المطار، ووضعه حزب الله في إطار توقيع كتاب.

وتشير معلومات خاصة حصل عليها موقعنا أن حزب الله لديه ورقة شروط يعتبرها ممراً لأي خطوة إعدادية قبل الذهاب مع القوات في أي حوار، تتضمن: 
1.    وقف الحملات الإعلامية أو ما أسموه بـ"حملات التجنّي" على حزب الله عبر حسابات مواقع التواصل وما له علاقة بموقع القوات اللبنانية الإلكتروني.
2.    خلق بيئة سلمية تفتح كوة في جدار العلاقة على مستوى الطلاب الجامعي تمهد لحوار طلابي – طلابي.
3.    الإعتراف بدور حزب الله وشهداءه في تحرير الجنوب اللبناني. 

هذه الشروط التي يصفها المتابعون بـ"المخففة" نسبة للشروط التي كان يضعها حزب الله معياراً قبل أي تفاهم والتي كانت ترتكز على "تقديم القوات اللبنانية موقف واضح من سلاح حزب الله، وحل مسألة الدبلوماسيين الأربعة مع إيران". تطور الأمور إلى مستوى النقاط الثلاثة أمر يؤكد إمكانية توفير أرضية تؤدي إلى حوار سليم، لا نقول أنه سيحصل إلى مستوى عقد تفاهم بل على الأقل ضبط العلاقة بين الطرفين وإخراجها من خانة العداوة مع تجميد النقاط الخلافية.

 

 

 


 ليبانون ديبايت