بدا "لقاء الجمهورية" في اجتماعه الذي حمل عنوان "تحصين الطائف ومناقشة الثغرات الدستورية" أشبه بدعوة الى تحصين موقع رئاسة الجمهورية في دعوتها الى تطبيق القوانين وتفعيل عمل المؤسسات. فقد سلطت ورشة العمل الدستورية برئاسة الرئيس ميشال سليمان الاضواء مجددا على اتفاق الطائف اذ اكدت الكلمات أهمية تطبيق الطائف حفاظا على صيغة لبنان. فاعتبر الرئيس امين الجميل ان تشتيت السلطة وتوزيع صلاحياتها من شأنه أن يبدد مفهوم السيادة، داعيا لطرح قانون يؤمن التمثيل الصحيح ويعيد الاعتبار الى صوت الناخب. فيما اشار الوزير محمد المشنوق ممثلا الرئيس تمام سلام الى ان من غير الجائز ان تكون روح وثيقة الوفاق الوطني موضع محاكمة اذ تم تجاهل العديد من البنود الاساسية. اما الرئيس فؤاد السنيورة ممثلا الرئيس سعد الحريري، فاوضح ان الوقائع والمعطيات والاحداث التي مرت على لبنان بيّنت ان لا احد من القوى السياسية يملك بديلا عن الطائف. ومثله دعا الرئيس نجيب ميقاتي الى تطبيق وثيقة الوفاق الوطني في شكل كامل ملاحظا ان لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.

اما على خط التأليف الحكومي، فقد خلص الاجتماع بين الوزير جبران باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا الى الاتفاق على "تعبيد الطريق الحكومية" خصوصا بعد الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي بلغت اذان بعبدا. وافادت مصادر متابعة "النهار" ان الاجواء تميل الى الايجابية وان الحلول ستطل برأسها قريبا اذ لايمكن الاستمرار في المراوحة والتعطيل الذي يضر بكل الافرقاء. لكن المصادر فضلت عدم اعطاء مواعيد للصيغة الحكومية اذ ان الامور رهن بأوقاتها، لكن النية صارت متوافرة لدى الجميع بالاتفاق على اخراج الحكومة الى الضوء.


واوضحت اوساط لـ"المركزية" ان لقاء باسيل – صفا ارتكز الى محورين اساسيين، الاول تنقية العلاقات من الشوائب التي اعترتها بعد الانتخاب، اذ اثار صفا هواجس الحزب من تغير المواقف بين الامس واليوم وخشية من الخروج عن الالتزامات والخيارات التي كانت انتهجتها الرابية، فسمع تأكيداً بالبقاء في الموقع ، لكن رئيس الجمهورية لا يمكن ان يكون طرفا بل رئيسا لكل لبنان واللبنانيين للنهوض بالوطن. اما الثاني، فتشكيل الحكومة الذي لم ترشح حوله معلومات دقيقة. واشارت الى ان الجانبين اكدا ضرورة تشكيل الحكومة في اسرع وقت، حفاظا على الزخم الذي انطلق به العهد وتمنى باسيل على صفا بذل كل ما يمكن في هذا الاتجاه، خصوصا ان ما يحول دون انجاز التشكيل لا يتعدى النزاع على حقيبة لا اكثر، فوعد الاخير بالتعاون.

اما البيان الرئاسي الذي اعتبر احد المداخل الى الحل في اعقاب لقاء باسيل- صفا، على رغم ان ما رشح من اوساط "المردة" لا يحمل على التفاؤل، فاعتبرت مصادر مواكبة انه لا يمكن الا ان يحدث بداية تغيير في المشهد الحكومي، خصوصا اذا ما استكملت الخطوة باتصال مباشر يبدد الهواجس التي تحدث عنها البيان. وتوقعت ان تتم زيارة النائب سليمان فرنجية الى بعبدا عما قريب لان فيها مصلحة للطرفين. واشارت الى ان تشكيل الحكومة سريعا بات نقطة التقاء لجميع القوى السياسية مما يرفع حظوظ ولادتها في وقت غير بعيد. ذلك ان المسافات التي كانت حتى الامس القريب بعيدة بين هذه القوى في ما يتصل بانجاز قانون انتخابي جديد ضاقت الى حد كبير يوحي بأن الاتفاق بات قاب قوسين، معتبرة ان ارتفاع وتيرة الحديث عن تمسك القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والمستقبل بالقانون المختلط خلّف موجة ارتياح كونه قطع الطريق على اي اعتقاد برغبة هؤلاء، لاسيما القوى المسيحية بالابقاء على قانون الستين، فالمختلط يريح الفريق الذي يتبناه كما سائر الافرقاء الذين يتطلعون نحو القانون النسبي كونه يتضمن جزءا لا بأس به من النسبية.

وتبعا لهذا التصور اعربت المصادر عن اعتقادها بأن ازمة التشكيل لن تطول، بحيث تولد الحكومة وتنجز سريعا بيانها الوزاري بالاستناد الى ثوابت خطاب القسم، تجنباً لاي اشكالات ومطبات سياسية تعوق مساره، حتى اذا ما ختم الملف الحكومي. تنبري القوى السياسية كافة الى الاتفاق على قانون الانتخابات واقراره ليجري استحقاق الـ2017 على اساسه.