كان يمكن أن يبدأ الخطاب بالتهنئة: مبروك للّبنانيين، بعد أيام سيكون لنا رئيس جمهورية هو العماد ميشال عون. لكنّه كان خطابٌ "ينشّف الريق"، ويستدعي شرب كوبٍ من الماء قبل الحديث عنه.

هكذا أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ألّا رئيس في جلسة 31 تشرين الأول...وإنّ الغَد لناظره قريب. فحين يكون الأمر منتهياً، لا ضرورة للحديث عن العوائق، ولا عهِدنا السيد نصرالله أن مستعرضًا للمشاكل حين يكون أمام "انتصار"، فعندما "ينتصر" يتحدّث بشكل مختلف. يستعرض الإنجاز، ويهلّل له، ويرفع الصوت مؤكداً أنّه كان على حقّ، ويحتفل ببلاغته الجميلة، ولغته الذكية.

خانته اللغة في "خطاب التأجيل". ولعلّ الأبرز كان زلّة لسان نصر الله، حين أشار إلى قدرته على تطيير الانتخابات بأن يرفض ترؤّس الرئيس سعد الحريري الحكومة. وربما يكون الأكثر تعبيراً عن مأزقه، حديثه عن "أيام أو أسابيع"، قبل انتخاب رئيس الجمهورية. فكيف "سيمسخ" نصرالله الأيام السبعة الفاصلة بين خطابه وبين جلسة 31 تشرين الأوّل؟ كيف سيحوّلها إلى "أسابيع"؟

ربح سعد الحريري رهانه. "شقّف" تحالف 8 آذار وفتّته. فها هو نصرالله يردّ على كلام النائب سليمان فرنجية عن "كثرة الأخلاق". ثم يفرد مساحة كبيرة ليشكو من "التفاوت" مع الرئيس نبيه بري. وبعدها يتحدّث عن أزمة الثقة بينه وبين قواعد التيار الوطني الحرّ.

هكذا يخرج الرئيس الحريري منها خروج الدهاة، ويقف رابحاً وحيدًا على ضفّة تأجيل الانتخاب، مزهوّاً بإنجازه الكبير: "أنا الصادق في وعدي، ونصرالله سيخذلكم أيّها المسيحيون. أنا الصادق في موقفي، وإيران لا تريد رئيساً الآن".