تحت عرش (مظلة) مزيّنة بأصناف الفاكهة زاهية الألوان، جلست عائلة إبراهيم عطا الكاهن، من الطائفة السامرية في مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، بانتظار الزائرين والمهنئين بعيد العُرش، بعدما وضعت ربة البيت أصناف الحلويات في صالة الاستقبال.

وتحتفل الطائفة السامرية هذه الأيام، بعيد العُرش، الذي بدأ السبت الماضي، (وفق تقويمهم) ويمتد لسبعة أيام، تتخللها طقوس ومظاهر فرح، تبدأ بحج أفراد الطائفة السامرية لقمة جبل جرزيم، اعتقاداً منهم بأنها بوابة السماء.

مرتدياً "الصاية" (عباءة طويلة لونها أزرق)، والطربوش ذا اللون الأحمر، وهو اللباس التقليدي للرجال السامريين في أعيادهم، يتحدث إبراهيم عن طقوس عيد العرش لدى أبناء طائفته، قائلاً: "عندما تاه بنو إسرائيل في صحراء سيناء في قديم الزمان، كان الله يرسل لهم ظلاً يحميهم من أشعة الشمس".


ويضيف "أمر الله بني إسرائيل أن يصنعوا عُرشاً من الفاكهة في منازلهم في مثل هذا الوقت من كل عام، وأن يجلس أفراد العائلة تحته يأكلون ويشربون سبعة أيام، ليتذكروا ما مرّ به بنو إسرائيل في ذلك الزمان".

في منزل آخر بحي السامريين، تقف ربة المنزل نجوى الكاهن، في استقبال وفود المهنئين بالعيد من الأقارب والأصدقاء، وتقول "أجمل ما في العيد هو زيارة الأقارب والأحبة، يجلسون تحت العرش في صالة الاستقبال، ويتناولون الحلوى".

واعتنت نجوى وعائلتها بتزيين العرش المعلق على سقف الصالة ممتداً لثلاثة أمتار في منزلهم بطريقة فنية دقيقة، ورتبت حبات الرمان والليمون والفلفل، وغيرها من أنواع الفاكهة. 
ويشارك المسلمون أبناء الطائفة السامرية في تهنئتهم بالعيد، فيتبادلون الزيارات والتهاني، فيما تحرص بعض العائلات السامرية على توزيع الفاكهة المعلقة في عرش العيد، على أصدقائها المسلمين بعد انتهاء أيام العيد.


أما على قمة الجبل أو "بوابة السماء" بحسب المعتقدات السامرية، فاصطف عدد من الكهنة لأداء طقوس الحج في ساعات الصباح الباكر.

الكاهن عبد المعين السامري، أنهى تراتيل التوراة، موضحاً اقتصار مراسم الحج لهذا العيد على عدد قليل من الكهنة، لأن أول أيام العيد صادف يوم سبت، الذي يعد يوماً مقدساً لديهم أكثر من أي يوم آخر، فلا يقومون خلاله بأي عمل، فيتم تعويض الحج في يوم آخر خلال العيد، حسب قوله.

ويضيف أن "أول يوم بعيد العرش نصلي لسلامة العالم وندعو الله أن يرسل لنا المطر في وقته". ويشير الكاهن السامري إلى أن طائفته تحج ثلاث مرات خلال العام على قمة جبل جرزيم، "فهي تقوم بالشعائر الدينية الصحيحة، كما جاءت بالتوراة".

وفي أجواء الحج، وعلى أصوات التراتيل باللغة العبرية القديمة للكهنة عند "بوابة السماء" يقول الكاهن عزيز يعقوب إن "الطائفة السامرية جزء من بني إسرائيل من سلالة يعقوب، نؤمن بالتوراة ونبينا موسى، قبلتنا وجبلنا المقدس هو جبل جرزيم، والكتاب المقدس هو توراة سيدنا موسى".

ويمثل عيد العُرش لدى السامريين فرحة بني إسرائيل بخروجهم من عبودية الفراعنة بمصر، إذ أقاموا المعرشات وزينوها بالفاكهة، بحسب الكاهن عزيز. ويضيف "من هنا نقوم بتزيين منازلنا في هذا العيد بأغصان الشجر والفاكهة البهية كالليمون والرمان، قدوة ببني إسرائيل الذين خرجوا من مصر".
وينتسب أبناء الطائفة السامرية لبني إسرائيل إلا أنهم لا يعدون أنفسهم من اليهود، ويعتبرون أن ديانتهم هي "ديانة بني إسرائيل الحقيقية"، وأن توراتهم هي الصحيحة غير المحرفة. 
ويبلغ عدد السامريين 785 فرداً، يسكن قسم منهم على قمة جبل جرزيم، والقسم الآخر في منطقة حولون في الأراضي المحتلة.

(الأناضول)