بعكس ما يسود في بعض الأجواء السياسية والإعلامية بأن فشل الانقلاب في تركيا ليس لمصلحة (حزب الله، ايران، سوريا)، فان جهات لبنانية مطلعة على أجواء «حزب الله» والقيادة الإيرانية، تؤكد «أن فشل الانقلاب هو لمصلحة ايران وروسيا وحلفائهما، سواء على المدى القريب أو البعيد»، موضحة «أنه برغم وجود بعض الخلافات مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حول الملف السوري، إلا أن بقاء اردوغان في السلطة ونجاحه في افشال الانقلاب سيترك انعكاسات ايجابية إن كان على صعيد معالجة الأزمة في سوريا أو العراق أو لجهة الحرب ضد داعش مستقبلا».
وتشير الأوساط إلى «أن عدم صدور أي موقف رسمي عن «حزب الله» حول ما جرى في تركيا، لا يعني القبول بالانقلاب، فالحزب يفضل الصمت في الحالة التركية بما تثيره من التباسات كثيرة، لكن في موازاة صمت الحزب، كانت المواقف الإيرانية والروسية واضحة وحاسمة لناحية إدانة الانقلاب والوقوف إلى جانب الحكومة التركية ورفض أية محاولة للإساءة إلى الاستقرار السياسي والأمني في تركيا.
وتذكر هذه الأوساط، أن العلاقات التركية ـ الإيرانية مرت خلال السنوات الماضية بأفضل مراحلها خلال حكم حزب «العدالة والتنمية». وبالرغم من بعض التباينات حول الملف السوري، إلا أن العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية كانت الأفضل، إذ كانت هناك توصية دائمة من السيد علي الخامنئي بضرورة التعاون والتنسيق الدائمين مع حكومات اردوغان، وان هناك تحديات مشتركة تواجه البلدين خصوصا على صعيد الملف الكردي ورفض تقسيم اي بلد عربي او اسلامي، وان البيان الذي صدر قبل أشهر بعد زيارة وفد تركي إلى إيران تضمن نقاطا مشتركة بين البلدين.
وبالنسبة للعلاقة التركية ـ الروسية، فقد استوعب البلدان التوترات التي نشبت بينهما حول الملف السوري، بعد إسقاط أنقرة لطائرة روسية، وذلك بعد اعتذار الجانب التركي عن إسقاط الطائرة، وهو ما فتح الباب أمام عودة العلاقات بين الطرفين إلى طبيعتها، وتكثيف الاتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واردوغان، وإن مسارعة بوتين للاتصال بالأخير بعد الانقلاب والاتفاق على متابعة التحضيرات لعقد لقاء مشترك بينهما في بطرسبورغ في التاسع من آب المقبل، يؤكد على استمرار هذه العلاقات واهميتها للطرفين.
وحول الملف السوري توضح الاوساط انه قبل حصول الانقلاب برزت إشارات عدة على بداية تحول في الموقف التركي وإمكان القبول ببقاء الرئيس بشار الاسد في الحكم والتعاون مع بقية الاطراف للوصول الى حل سياسي للازمة، وقد يؤدي الانقلاب الى مسارعة اردوغان في التعجيل في انهاء الازمة السورية من اجل التفرغ للقضايا الداخلية، من دون اغفال ما تم تسريبه عن فتح قنوات أمنية تركية سورية قبل أشهر قليلة، تمهيدا لقيام وفد أمني تركي بزيارة الى سوريا، قبل أن يتم تجميد هذه الخطوة بعد الانقلاب.
وحول الموقف من جماعة «فتح الله غولن»، تلفت الأوساط النظر إلى «أن الإيرانيين لا يرتاحون كثيرا لدور هذه الجماعة ومواقفها السياسية والدينية وعلاقتها بالاسرائيليين. وفي المقابل، فان العلاقة مع «حزب العدالة والتنمية» وكذلك مع «حزب السعادة» المنبثق عن «حزب الرفاه» الذي اسسه نجم الدين اربكان، اقوى واوضح نظرا للتقارب في المواقف من العديد من القضايا السياسية والفكرية».
وبحسب الأوساط نفسها، فإنه بالرغم من أنه «لدى «حزب الله» والقيادة الإيرانية العديد من الملاحظات على اردوغان و«حزب العدالة والتنمية»، لا سيما التقارب الأخير مع الكيان الصهيوني والدعم المستتر لتنظيم «داعش» وغيره من المجموعات الارهابية المسلحة في سوريا، إلا أن الحزب والقيادة الإيرانية يرحبان ببقاء اردوغان في الحكم، اذ إن المقارنة بين رئيس ضعيف وبين جيش يحكم بقبضة حديدية تعطي الجواب المناسب».