الانتخابات البلدية تستعر في جمهورية الفوضى , والكل يسعى لحصة في جبنة عفنة

 

السفير :

في معظم اللقاءات الدولية والإقليمية، ينبري من يؤكد على أهمية أن ينتخب اللبنانيون رئيسهم بأسرع وقت صونا لاستقرارهم ومؤسساتهم الدستورية. وليس غريبا أن يشدد الرئيس سعد الحريري على ذلك، حينا مع القيصر الروسي فلاديمير بوتين، وحينا آخر مع السلطان رجب طيب أردوغان. ولن يكون غريبا أن يبادر كل من الرئيسين نبيه بري وتمام سلام في كل مناسبة محلية أو خارجية الى طرح الأمر.. لعل هناك من يرد التحية بأحسن منها.. رئاسيا، لكن من دون جدوى.
وقد يكون مفهوما أن يتبنى البعض محليا، ولو بخفر، قضية الرئاسة الانتقالية لسنتين، لكن المستغرب أن لا يجد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، برغم كل ما تواجه سلطته من تحديات، موضوعا أهم من الموضوع اللبناني، لاثارته في محادثاته الأخيرة في موسكو مع نظيره الروسي، حيث انبرى للدعوة الى تبني مرشح توافقي ثالث بديل لكل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.
وليس خافيا على أحد من يقصد «أبو مازن»، حتى أنه فاتح بالأمر نفسه القيادة السورية، ولكنه لم يجد آذانا صاغية!
تصوروا أن قضية الرئاسة في لبنان باتت تتعدى عند «السلطة» مشهد الدم اليومي النازف وقضايا بناء المستوطنات واللاجئين والمعتقلين ورواتب الموظفين، وحتى المؤتمر الدولي للسلام الذي كان مقررا عقده في الثلاثين من أيار في العاصمة الفرنسية، قبل أن يرفضه الاسرائيليون، وبالتالي، يصبح موعده معلقا الى ما بعد تبلور المشهد الرئاسي الأميركي، الا اذا كانت «ارباحه» الداخلية الانتخابية الفرنسية كبيرة، وعندها يصبح مطلوبا لأسباب فرنسية وليست فلسطينية أو اسرائيلية!
حاول الفلسطينيون جس نبض الدول الكبرى قبل أن يحاولوا من خلال مصر، التي تحتل مقعد عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، تقديم مشروع الى مجلس الامن الدولي لادانة الاستيطان الاسرائيلي الفالت من عقاله. كان الجواب أن من شأن خيار كهذا أن يطيح المؤتمر الفرنسي للسلام وهذا أمر ليس من مصلحة الفلسطينيين، ناهيك عن الألغام التي يمكن أن تفجر اجتماع «الرباعية الدولية» وما سيصدر عنه قبل نهاية أيار المقبل.
واذا كانت حسابات الرئيس الفرنسي أن الاعتراف بدولة فلسطينية قد يزيد من شعبيته فرنسيا، فان حسابات الرئيس الأميركي باراك أوباما، لا تتصل به وحده، بل بمسار الانتخابات الأميركية، ولذلك، لن يقدم على أية خطوة استفزازية لاسرائيل في أي ملف اقليمي، قبل تبلور الصورة النهائية لسيد البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة.
ومن يراقب مشهد الدم الفلسطيني المسال يوميا، لن يكون غريبا عليه الاستنتاج أننا ذاهبون في الأسابيع المقبلة، نحو جولات وجبهات جديدة من البطش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين العزل.
بن سلمان.. ومنظومة المتضررين
ولعل النقطة الأخطر في ما أقدم عليه بنيامين نتنياهو بجمع حكومته في هضبة الجولان المحتلة، واعلانه أن هذه الأرض السورية المحتلة هي جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل، تتمثل في تناغمه، في خطوته هذه تحديدا، مع دول خليجية ومع تركيا التي تصر على نزع الشرعية عن الرئيس بشار الأسد، حتى لو كان الثمن تقسيم سوريا أو توزيع أراضيها، فيكون لنتنياهو حصة في الجولان، ولرجب طيب أردوغان حصة في الشمال السوري، ناهيك عن الحصة التي يمني أبو بكر البغدادي نفسه بها الى الأبد في الشرق السوري!
هذه هي سوريا التي يريد لها بعض العرب أن تكون نسخة جديدة عن فلسطين، من دون تجاوز جروح العرب المفتوحة في العراق واليمن وليبيا، ناهيك عن مصر التي تجيز رهن كرامتها وسيادتها لقاء حفنة من الدولارات.
هذه دول عربية تعود عقودا من الزمن الى الوراء، وفي المقابل، ينبري حاكم السعودية محمد بن سلمان، محاولا جعل مملكته تسابق الزمن، الى عقود وعهود جديدة. يستفز منظومات الحماية كلها وبعضها في أصل النشأة. يستفز المؤسسة الوهابية والحد من نفوذها التاريخي التعاقدي مع آل سعود. هذه المؤسسة الدينية المتشددة بكل ما أفرزته من ظواهر قديمة وحديثة، تتعرض لصدمة غير مسبوقة. يسري الأمر نفسه على المنظومة العائلية التي أحيل مئات الأمراء فيها الى التقاعد القسري.. على طريق انعقاد النصاب لوصول محمد بن سلمان وحده الى العرش، مستفيدا من صورة «البطل» أو «الشخصية الوطنية» التي يجسدها عند أبناء جيله. الركن الثالث الذي يهتز هو النفط ومعه منظومة الحماية الاجتماعية التي وفرها آل سعود لشعب تعيش نسبة كبيرة منه عند خط الفقر، وهو شعب ارتضى نظامه بكل عوراته، في ضوء التعاقد أو التفاهم غير المعلن بين الولاء الأعمى من جهة وبين الحماية الاجتماعية من جهة ثانية.
أما الركن الرابع، فهو الحماية التي كانت توفرها الولايات المتحدة للعرش. هذه الحماية لم تعد مضمونة مع باراك أوباما.. وبعده على الأرجح.
بمن سيستعين محمد بن سلمان لمنع تشكيل جبهة من كل هؤلاء «المتضررين» (المؤسسة الوهابية والأسرة ومنظومة النفط والحماية الاجتماعية والولايات المتحدة الأميركية)؟
لعل الشق الأخطر في هذا الجواب هو ما يتكشف يوما بعد يوم في الاعلام الاسرائيلي والغربي (تحديدا البريطاني) عن ارتفاع منسوب التنسيق الاسرائيلي ـ السعودي، سياسيا وعسكريا وأمنيا واستخباريا، وهو مسار متصاعد الى العلن منذ حرب تموز 2006 (اجتماعات أمنية واستخبارية ورحلات جوية وعلاقات تجارية ومصافحات واشادات ومقابلات لأمراء سعوديين مع صحف اسرائيلية)، برغم وجود سياقات سرية له قبل هذا التاريخ بعقود من الزمن.
ايران العدو.. وليست اسرائيل
الى أين يمضي السعوديون ومعهم دول الخليج؟
«الى مواجهة الخطر الايراني». عبارة يرددها قادة خليجيون ولا تقف المقاربة عند هذا الحد. يقول وزير خارجية البحرين خالد بن احمد آل خليفة ان ايران تهدد دول الخليج والاستقرار في الشرق الاوسط «أكثر من اسرائيل». أما الديبلوماسي السعودي السابق عبدالله الشمّار فيقول لـ «وول ستريت جورنال»: لو كنت أنا من يتخذ القرارات لما ترددت للحظة بالتعاون مع إسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة النووية الايرانية!
حتى المسألة السورية، يقاربها الأميركيون والخليجيون والأتراك من زوايا مختلفة لكنهم يتفقون على نقطة مركزية لعلها تفسر الكثير من تطورات الميدان السوري في الأسابيع الأخيرة.
أراد الروس معركة تدمر في عز حوارهم السياسي «الجنيفي» مع الأميركيين. سقطت المدينة بكل رمزيتها بأسرع مما توقعت الدوائر العسكرية والاستخبارية الأميركية. فجأة ارتسمت خطوط حمراء جديدة أمام الجيش السوري. ممنوع المضي في المعركة شرقا نحو الحدود العراقية. لماذا؟ الجواب واضح: ممنوع الربط البري بين طهران وبيروت عبر الحدود العراقية ـ السورية.
توقفت الاندفاعة الروسية ـ السورية ـ الايرانية وتقدمت معركة حلب بكل ما تحمله في طياتها من رسائل خصوصا لجهة دفن المشروع التركي في سوريا.
لا تشمل الهدنة الجديدة حلب ولن تشملها. حمام الدم هناك سيبقى مفتوحا.. والهدنة في باقي المناطق لن تصمد طويلا. اقتنع الروس مجددا بالأولويات السورية والايرانية التي أتقن قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني التعبير عنها خلال زيارته الأخيرة لموسكو في منتصف نيسان 2016.
أميركا الى الرقة وروسيا الى حلب. هذه هي المعادلة. ثمة مفاوضات جعلت عبارة روسية تصدر من خارج هذه المعادلة مع اعلان مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة أليكسي بورودافكين، أمس، أن الجيش السوري، وبدعم من القوات الجوية الروسية، «يخطط لشن عمليات هجومية باتجاه الرقة ودير الزور»!

النهار :

مع بدء عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي والذي يتزامن غدا وعيد العمل في الاول من ايار، تحط السياسة رحالها بضعة أيام قبل الانطلاق في مواجهة شهر من الاستحقاقات والمحطات المتعاقبة التي تتسم بأهمية خاصة نظراً الى طبيعة كل محطة. ذلك ان أيار سيشكل موعدا مبدئيا مع استحقاق تغييري يفترض ان تحمله الانتخابات البلدية والاختيارية التي تتوزع على أربع مراحل بدءاً من الثامن من ايار في بيروت والبقاع. واذا كانت صورة المشهد الانتخابي والتنافسي في المناطق المرشحة لان تشهد معارك جادة تنتظر الايام القريبة فان الاستحقاق الانتخابي لن يختصر وحده المحطات البارزة خلال الشهر المقبل بل ان موعد الخامس والعشرين منه سيرخي بظلال ثقيلة جدا على مجمل الواقع اللبناني بحيث سيحيي اللبنانيون ذكرى طي السنة الثانية من أزمة الفراغ الرئاسي وبدء السنة الثالثة منها بما يعني تجاوز هذه الازمة الرقم القياسي في كل ازمات الشغور التي عرفتها الرئاسة الاولى قبل الحرب وبعدها. ولا غلو في القول إن هذه المحطة ستشكل أحد أقسى الاستحقاقات الدستورية والوطنية والسياسية نظراً الى ما ستثيره من ابعاد ودلالات بالغة السلبية وشديدة الوطأة على لبنان وصورة نظامه وواقع قواه السياسية وقت ينذر الانسداد الشامل في أفق الجهود لانتخاب رئيس للجمهورية بمزيد من تراكم الازمات الداخلية.
ولعله لن يكون خافياً على أحد ان الاقتراب من ذكرى مرور سنتين على الفراغ الرئاسي سيجعل موعد الجلسة الـ39 لانتخاب رئيس الجمهورية في 10 أيار اشبه ببكائية اضافية حيال هذه الازمة المتمادية، كما ان موعد الجولة الجديدة من الحوار الوطني في 18 أيار لن يكون أقل قتامة وسط عقم المشاورات والمناقشات التي تدور في حلقة العجز عن أي اختراق سياسي. ولا حاجة والحال هذه الى ترقب نتائج عجائبية من مسلسل جديد – قديم سيبدأ الثلثاء المقبل مع جلسات اللجان النيابية المشتركة للشروع في عملية معقدة يراد منها تقليص الانقسامات والتباينات حيال 17 مشروعاً واقتراحاً لقانون الانتخاب على أمل حصرها ببضعة مشاريع فيما تحوط شكوك كثيفة بهذا المسعى وفرصه في النجاح اقله في المدى المنظور.

الحريري في اسطنبول
وسط هذا المشهد المعقد اكتسبت زيارة الرئيس سعد الحريري أمس لقصر يلدز في اسطنبول ولقاؤه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان دلالات بارزة لجهة استكمال الحريري تحركاً خارجياً بدأه بزيارة موسكو قبل أسابيع. وأفادت موفدة "النهار" الى اسطنبول هدى شديد ان الحريري أراد من زيارة اسطنبول استكمال هذا الحراك الخارجي بمواكبة التحرك الذي يجريه في الداخل لايجاد ديناميكية تساعد على وضع حد للفراغ الرئاسي الذي أوصل مؤسسات الدولة بعد سنتين من الفراغ الى حال من الشلل والاهتراء.
واذ برزت حفاوة لافتة في استقبال اردوغان للحريري حيث عقدا اجتماعا منفردا مطولاً حرص الحريري على التأكيد انه لم يأت الى تركيا بعد روسيا لطلب المساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية ولا لتسويق مرشحه الرئاسي بل لشرح مخاطر الفراغ الرئاسي وصعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها لبنان بالاضافة الى عبء اللاجئين السوريين. كما نفى علمه بوجود طرح لانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين مستدركاً ان "الدستور اللبناني واضح ومدة رئيس الجمهورية ست سنوات" مشدداً على ان "علينا ألا نلجأ الى حلول جزئية". وتحدث عن دور كبير لتركيا يمكن ان تضطلع به لاحلال الاستقرار في المنطقة، وأضاف: "تحدثت عن سلبية الدور الايراني وتدخلاته في دول المنطقة". وافادت المعلومات ان اردوغان اعرب أمام الحريري عن قلقه من استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان منذ فترة طويلة نظراً الى اخطار هذا الفراغ على الوضع اللبناني برمته.

 

الانتخابات
اما في ملف الانتخابات البلدية والاختيارية، فبدأت الحماوة الانتخابية تتصاعد في عدد من المناطق البقاعية على رغم استئثار معركة زحلة بمعظم الاهتمامات. وأعلنت امس في بعلبك لائحة ائتلاف الثنائي " أمل " و"حزب الله " مع "الأحزاب والقوى الوطنية والاسلامية " وسميت "لائحة التنمية والوفاء " في مهرجان اقيم في باحة مطعم النورس في المدينة في حضور عدد من نواب المنطقة، فيما اعلن ثلاثة مرشحين سحب ترشيحاتهم لمصلحة هذه اللائحة. أما في زحلة فينتظر تصاعد المعركة مع اعلان رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف لائحة الكتلة لتتوالى بعدها ولادات لائحة أخرى برئاسة موسى فتوش ولائحة اسعد زغيب المدعومة من الاحزاب المسيحية "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " والكتائب. وأكد النائب السابق سليم عون ان اللائحة باتت جاهزة للاعلان نافياً كل ما تردد عن خلافات بين اطرافها.
وبعيداً من الاجواء البقاعية، تقترب معركة جونية من منافسة محصورة بين لائحتين بدل ثلاث، اذ تشير المعطيات الى تقدم المساعي نحو توافق بين لائحة فادي فياض المدعومة من رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام ولائحة نائب رئيس البلدية الحالي فؤاد بواري المدعومة من النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن كما يدعم هذه اللائحة الموحدة حزبا "القوات اللبنانية" والكتائب وعائلات في مواجهة لائحة جوان حبيش التي يدعمها "التيار الوطني الحر". وتردد ان اللائحة الاولى الائتلافية ستعلن خلال ايام.

 

المستقبل :

في الجمعة العظيمة وفق التقويم الشرقي للطوائف المسيحية، قداديس وصلوات تتضرع من أجل قيامة تنهض بالوطن والمنطقة ليعم النور بعد الظلام فيتصاعد الرجاء من بين ركام الحروب والأزمات المندلعة في الإقليم. ولكي «يبقى لبنان حاضراً على الساحة ويعرف الجميع أن البلد يعاني على أكثر من صعيد» يواصل الرئيس سعد الحريري جولاته الخارجية ناقلاً الهموم المحلية والمآسي الإقليمية إلى اسطنبول هذه المرة حيث التقى أمس الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واستعرض معه تأثيرات الفراغ الرئاسي على الأوضاع اللبنانية وتداعيات الأزمة السورية، معرباً عن ثقته بقدرة تركيا على لعب دور كبير في إحلال الاستقرار في المنطقة، مع إشارته في ما يتعلق بدور طهران الإقليمي إلى أنّ سلبيتها هي التي تحول دون العلاقة الإيجابية معها قائلاً: «نحن نريد علاقات جيدة مع إيران ولكن تدخلاتها في دول المنطقة بشكل سلبي هو الذي يؤدي إلى عدم حصول هذا النوع من العلاقات الجيدة معها».
الحريري، وبعد اجتماع مطوّل عقده مع اردوغان في قصر يلدز على مدى قرابة الساعة ونصف الساعة، أوضح أنهما اتفقا على التعاون لحث المجتمع الدولي على المساعدة أكثر في موضوع اللجوء السوري إلى دول الجوار. أما في ما خصّ الملف الرئاسي اللبناني، فنفى الحريري أن يكون بصدد تسويق أي مرشح للرئاسة خلال زياراته الدولية والإقليمية، لافتاً الانتباه رداً على أسئلة الصحافيين إلى أنّ طرح انتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين لم يفاتحه به أحد، علماً أنّ أي طرح من هذا القبيل يحتاج إلى تعديل دستوري، وأضاف: «علينا ألا نلجأ إلى حلول جزئية بل إلى حلول دائمة تُعالج مشاكل البلد. اليوم لبنان بلا رئيس منذ حوالى السنتين وقد عانى البلد ما عاناه خلال هذه الفترة، وإذا انتخبنا رئيساً لمدة سنتين كأننا نعيد فتح المشكل نفسه بعد سنتين».
دريان: بيروت وفية
داخلياً، برز خلال الساعات الأخيرة تشديد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على كون «الحفاظ على بيروت أمانة كبرى»، معرباً عن ثقته بوفاء بيروت وأهلها يوم الانتخابات البلدية والاختيارية في 8 أيار وقال: «أهل بيروت يعرفون الوفاء كيف يكون، وسنكون معكم بالنزول إلى صناديق الاقتراع»، مضيفاً: «التصويت عليكم ولكم يا أهل بيروت، انتخبوا الأهداف التنموية لمدينتكم، وهذه أمانة بين أيديكم وفي أعناقكم لتكون بيروت التعدّد والتنوع».
عيتاني
تزامناً، أبدى رئيس «لائحة البيارتة» المهندس جمال عيتاني إيمانه وثقته بترجمة الزخم الذي يبديه أبناء العاصمة إزاء الاستحقاق البلدي في صناديق الاقتراع في الثامن من أيار المقبل، لا سيما وأن منسوب تفاعل البيارتة مع العناوين الإنمائية المدرجة في برنامج اللائحة يرتفع أكثر فأكثر يومياً، كاشفاً في هذا السياق لـ«المستقبل» أنّ «فريق عمل متخصص يتولى حالياً درس ووضع خطة علمية وعملية لإنهاء أزمة الكهرباء في بيروت». 

الديار :

لم يعد سراً ان الاجهزة المتطورة لدى الجيش تحصي انفاس المسلحين في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع. والمشكلة اللوجستية، والعملانية التي يواجهها هؤلاء المسلحون انهم لا يستطيعون التواصل الا عبر الاجهزة اللاسلكية، او عبر الهواتف الخلوية، ما يجعل كل اسرارهم في قبضة من يلتقطون تلك الاتصالات.
هذا يُفقد مقاتلي «تنظيم الدولة الاسلامية» وجبهة «النصرة» حرية التحرك، كما يُفقدهم نصف المعركة، وتشير المعلومات الى ان التنظيم الذي لا يكترث، عادة، بقتلاه باعتبار انهم انتقلوا الى النعيم، اصيب بصدمة جراء مصرع فايز الشعلان في العملية «الهوليوودية» التي نفذها الجيش اللبناني...
ويقول مرجع معني لـ«الديار» ان صيحات الثأر ارتفعت في الجرود لدى معرفة سقوط «ابو الفوز» ونشر صورته وهو مضرج بالدماء، وهو الذي يضطلع بأدوار حساسة، ومنها ضابط الارتباط، وعلى مستوى عملاني وتنظيمي وتنسيقي، بين الجرود والمخيمات...
في بلدة عرسال اصوات تصفه بـ«الرجل الذي يخنقنا»، اذ كان يبعث بتهديداته الى كل من تقع عليه الشبهة، ولعل من أهم «مآثره» انه هو صاحب نظرية «التعايش» مع الشيخ مصطفى الحجيري (ابو طاقية) الذي يعتبر أحد ركائز جبهة «النصرة» في البلدة.
طوال ليل اول امس، سجلت تحركات غير طبيعية لمقاتلي «داعش» في الجرود، وبدا كما لو أن هذه التحركات ترمي الى محاولة تنفيذ عملية أو عمليات ثأرية ضد الجيش الذي بادر الى قصف المواقع التي من الممكن ان تنطلق منها مجموعات مسلحة باتجاه المراكـز العسـكرية.
نهار أمس، كان بعض اهالي عرسال الذين يرصدون ما يتردد في المخيمات يقولون ان اول امس كان «يوما فجائعيا» لدى «داعش» بالنظر لحساسية المهمات المنوطة بالشعلان.
واذ بات معلوماً ان التطورات العسكرية على الارض السورية تنعكس على مسلحي الجـرود، فـإن معـارك حلـب (وثمة مؤشرات كثيرة تدل على ان النظام عاقد العـزم على استعادة الاجزاء التي يحتلها المسلحون من المدينة) تنعكس، بصورة خاصة، على مقاتلي جبهة «النصرة» في جرود عرسال، وعلى الخلايا داخل المخيـمات.
وما ينطبق على الجرود والمخيمات في عرسال ومحيطها ينطبق على مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وحـيث للمجموعات المتشددة القريبة عقائدياً وهيكـلياً مـن «النصرة»، واذ لم تستبعد المراجـع العسـكرية والامنـية حصول ردات فعل منسقة، او يقوم بها اصحاب الرؤسس الحامية، اتخذ الجيش والاجهزة الامنية اجراءات استثنائية لمنع حصول أي خرق أمني خطير في اكثر من منطقة في لبنان، وعلى صعيد الجرود والمخيمات على أنواعها.
في هذا الوقت يقول مصدر ديبلوماسي عربي، لم تنـزلق بلاده الى المشاركة في القتال داخل سوريا، ان معركة حلب تحدد المسار التفاوضي، كما المسار التسووي، في سوريا.
واعتبر المصدر ان تحركات مقتدى الصدر في العراق مبرمجة، وقد تم توقيتها مع الاستعدادات الخـاصة باخـراج «داعش» من مدينة الموصل، اما الهدف، فهو تأخير تحرير الموصل الى ما بعد تحرير حلب، وربما الرقة ايضاً، اذ ان خروج الموصل من يد ابي بكر البغدادي يعني توجه الاف المقاتلين من التنظيم الى سوريا التي ليست بعيدة على اي حال، وهو ما قد يؤثر على نحو كبير جداً على وضع بعض الجبهات الحساسة في سوريا بل وعلى الوضع برمته.
المصدر الديبلوماسي يصف الاسابيع القليلة المقبلة بالحساسة جداً، مشير الى «تقاطعات دولية مثيرة» حول ما يجري الان.
وهذا يفتح الحديث على الخطط العملاقة لاعادة اعمار سوريا، وانعكاس ذلك على لبنان، والطريف ان يقول احد الوزراء من اصحاب المشاريع ان الحرب في سوريا اذ أدت الى نزوح سوري في اتجاه لبنان، فان السلام في سوريا سيؤدي الى نزوح لبناني الى سوريا...

ـ التبادل الديموغرافي ـ

وهو يفسر ذلك بالقول ان عمليات اعادة الاعمار ستحتـاج الى أعداد هائلة من المهندسين والحرفيين والمستثمرين الذين قد تحط عائلاتهم في مناطق سورية ملائمة.
والوزير الذي يشير الى هجرة آلاف العائلات اللبنانية الى سوريا، لا سيما الى منطقة حوران، في نهايات العهد العثماني واستشراء المجاعة، يعتبر ان التبادل الديموغرافي بين لبنان وسوريا مسألة تقليدية، وهذا ما يسجل، بوجه خاص في البقاع ( بما في ذلك زحلة) وفي الشمال (بما في ذلك طرابلس).

ـ الالدورادو ـ

الوزير اياه يؤكد ان ما يقوله ليس «شطحة في الخيال» بل انه يستند الى وقائع والى آراء خبراء ومستثمرين عرب ودوليين، بالطبع لا يقول ان سوريا ستكون الالدورادو (طريق الذهب) بالنسبة الى اللبنانيين، لكنها ستعيد انعاش الاقتصاد اللبناني.
وهو يلاحظ ان الازمة السورية ادت الى التعبئة المذهبية، والى نشوء خلايا وشبكات تابعة لتنظيمات ارهابية في بعض مناطق الشمال اللبناني، اما التسوية السورية فستؤدي، حتماً، الى ظهور فورة اقتصادية تحد من طوفان الفقر في الشمال الذي تجمع جهات دولية معينة على ان تكون المنطقة اللوجيستية بالنسبة لاستراتيجية اعادة الاعمار في سوريا.
واذ تتبلور اللوائح الانتخابية، ومعها التحالفات المعقولة واللامعقولة، كان لافتاً ما تردده اوساط ديبلوماسية في بيروت حول الجمهورية العجيبة او الجمهورية العجائبية، يعجز اللبنانيون عن انتخاب رئيس للجمهورية، وان تبدو ذروة الهرطـقة الدســتوريـة والسياسية بالتمديد مرتين للمجلس النيابي، دون استبعاد المرة الثالثة، تجري الانتخابات البلدية التي يعني انجازها، وفي ظروف امنية مثالية كيف؟
حتى الاوساط اياها بدأت تقول «هذا هو لبنان». لا مجال للمنطق لا في السياسة ولا في الاقتصاد، وربما في اي شيء آخر.

ـ التسونامي البيروتي ـ

8 أيارمعركة بيروت والبقاع، اللائحة الائتلافية اخذت اسماً ذا بعد خاص، وذا دلالة خاصة «البيارتة» مع ان العاصمة مدينة كوسموبوليتية وكل سكانها هم مواطنوها. في تيار المستقبل يتحدثون عن التسونامي، ولا احد ينفي اهمية الخطوة التي اتخذها الرئيس الراحل رفيق الحريري، حيث كرّس المناصفة في المجلس البلدي بين المسلمين والمسيحيين.
في التيار ايضاً توصيف للوائح الاخرى بانها اما نخبوية جداً «ونحن لسنا في اوسلو او استوكهولم»، او شعبوية جداً «ولسنا في بيونغ يانع».
المحامي عماد الوزان يريد ان يكسر المعادلة بلائحة يتمثل فيها المسلمون بـ 15 عضواًَ والمسيحيون بـ 9 اعضاء، وعلى اساس الخارطة الديموغرافية.
اما في طرابلس، فالثابت ان تيار المستقبل الذي يحاول معالجة مشكلاته الداخلية، ولو بالمسكنات، فوجئ بوزير العدل المستقيل اشرف ريفي يقفز فوق الخط الاحمر الاخير، ويعلن اعتزامه تشكيل لائحة، اوساط طرابلسية، تتساءل ما اذا كان الهدف من الخطـوة قطع الطريق على تفاهم او توافق بين الرئيسـين سعد الحريري ونجيب ميقاتي او احداث خرق مدو في هذا التوافق! في كل الاحوال، طعنة اخرى في الظهر...

 

الجمهورية :

دخلت البلاد في عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، على وقع حماوة المعارك في حلب والهجمات الجوية التي يشنّها النظام السوري وحلفاؤه بهدف استعادة العاصمة التجارية والصناعية لسوريا من «داعش» وغيرها من الفصائل المسلحة. وفي الموازاة يستمر التأزّم في الساحة الداخلية مع غياب أيّ موعد واضح لانتخاب رئيس للجمهورية وسط استمرار بعض الكتل بمقاطعتها لجلسات الانتخاب وربط هذا الملف بالملفات الإقليمية. وفي هذه الأثناء استمرّت حماوة المعارك الانتخابية البلدية في الارتفاع، خصوصاً بعد فشلِ التوافق في مناطق عدة. في موازاة إرجاء مفاوضات جنيف في شأن الحل السوري إلى أيار، خطفَت التطورات الميدانية في سوريا، وخصوصاً في حلب الأضواء، في ظل الحديث عن اتفاق أميركي ـ روسي على هدنة في سوريا تستثني حلب التي شهدت أمس معارك عنيفة وقصفاً متبادلاً بين النظام والمعارضة أدّى إلى سقوط ما يزيد عن 30 قتيلاً.
وأعلن الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إيرنست أنّ الولايات المتحدة وروسيا تعملان لإحياء اتّفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا على رغم القصف العنيف الذي تتعرّض له المدينة. وتزامن ذلك، مع تأكيد مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، أنّ تصاعد وتيرة العنف قد يؤدي إلى مستويات جديدة من الرعب.
الحريري وأردوغان
أمّا داخلياً، فقد بدأت عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، معطوفةً على إجازة سياسية فرضَت تراجعاً في الحراك والملفات، لم ينسحب على الانتخابات البلدية والاختيارية التي بقيَت جبهتها ناشطة، في وقت تشخص الأنظار إلى الثالث من أيار موعد انطلاق عمل اللجان النيابية المشتركة لمناقشة قوانين الانتخابات النيابية الـ17.
وفي هذه الأثناء، تستمر قوى «14 آذار» في تحميل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي، فيما تُصرّ على مواجهة النفوذ الإيراني.
وقد خرقَ الجمودَ السياسي، الاجتماع الطويل الذي انعقد لمدة ساعة ونصف ساعة عصر أمس في قصر يلدز في اسطنبول، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس سعد الحريري، وتمّ خلاله عرض للأوضاع في لبنان من كل جوانبها، وتداعيات الأزمة السورية وآخر التطوّرات في المنطقة.
وأوضح الحريري أنه شرَح لأردوغان «مدى تأثير الفراغ الرئاسي على الوضع في لبنان، خصوصاً الحياة الاقتصادية والسياسية فيه». ولفتَ الى أنّ الحديث تناول الدور الإيراني في المنطقة، وقال: «نريد علاقات جيّدة مع إيران ولكنّ تدخّلاتها السلبية في دول المنطقة هي التي تؤدّي إلى عدم حصول هذا النوع من العلاقات الجيّدة معها».
وأكّد أنّه لم يزُر موسكو وتركيا لتسويق ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وقال: «لم يكن هناك أيّ تسويق لأشخاص، بل تركّز البحث على شرح ما يحصل في لبنان، فالجميع يعرف أنّ وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي بلغ مراحل خطيرة جداً».
ونفى الحريري أن يكون أحد قد تحدّث معه عن طرح انتخاب رئيس لمدة سنتين، وقال: «سمعتُ به عبر الإعلام»، مشدداً على أنّ «الدستور اللبناني واضح وهو ينصّ على أنّ مدة ولاية رئيس الجمهورية هي ستّ سنوات، وأيّ أمر آخر يحتاج إلى تعديل دستوري».
وأضاف: «علينا أن لا نلجأ إلى حلول جزئية، بل إلى حلول دائمة وتعالج مشكلات البلد. لبنان بلا رئيس منذ نحو سنتين وقد عانى ما عاناه خلال هذه الفترة، وإذا انتخَبنا رئيساً لمدة سنتين كأنّنا نعيد فتحَ المشكلة نفسها بعد سنتين».
ولفتَ الحريري الى أنّ البحث بينَه وبين أردوغان شمل أيضاً سبلَ معالجة ملف اللاجئين السوريين «واتّفقنا على التعاون لحضِّ المجتمع الدولي لكي يساعد أكثر في هذا المجال».
الجرّاح
وفي السياق، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجرّاح لـ«الجمهورية»، إنّ «الرئيس الحريري يقوم دائماً بنشاط اقليمي ودولي، ومصلحة لبنان هي الهدف الأساس في كل زياراته وعلاقاته الإقليمية والدولية.
وبالتأكيد تركيا دولة إقليمية مهمّة ومؤثّرة، خصوصاً في الوضع السوري الذي يَعنينا كثيراً نتيجة وجود اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية، وهي دولة إقليمية مؤثّرة في القرار الإقليمي ومجريات الأحداث الاقليمية».
ولفتَ إلى أنّ «الرئيس أردوغان الذي تربطه علاقة طيّبة بالرئيس الحريري، وبعد زيارته الى لبنان يهتمّ دائماً بالوضع اللبناني وبمساعدة لبنان، والهمّ المشترك بيننا وبينه هو موضوع اللاجئين السوريين»، معتبراً أنّ زيارة الحريري لتركيا «في هذا التوقيت واجتماعه مع المسؤولين الأتراك الكبار وعلى رأسهم الرئيس أردوغان تساعد الدول الاقليمية في تفهّم وضعِ لبنان ومعاناته من موضوع اللاجئين وضرورة حلّه».
لافتاً في هذا الإطار إلى «أنّ القمّة الأخيرة بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وأردوغان ونتائج القمّة الإسلامية في اسطنبول، فضلاً عن المواضيع التي تهمّنا كانت مدارَ بحث مع الرئيس التركي».
وعن طرح انتخاب رئيس جمهورية لسنتين، قال الجرّاح: «ليس له أحد ليتبنّاه لأنه طرحٌ غير واقعي ويحتاج الى تعديل دستوري، والتعديل يتطلّب حضورَ 86 نائباً، وإذا كنّا نستطيع جمعَ 86 نائباً فلننتخِب رئيس جمهورية لولاية ستّ سنوات».
رسالة إلى عون
وفي هذه الأجواء التي رافقَت الحراك الخاص بالاستحقاق الرئاسي والذي لم يؤدِّ إلى أيّ نتيجة ملموسة على رغم الخطوات التي تلاحقَت في الأيام الأخيرة ومنها تلك التي وسّعت من لائحة المرشّحين خارج الأقطاب الموارنة الأربعة، كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» عن مضمون رسالة هي الأخيرة التي أرسَلها الحريري إلى رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مطلعَ الأسبوع الجاري، قال فيها ما معناه «إنّ الرهان على المتغيّرات التي يُكثِر أصدقاؤه الحديثَ عنها، ليس في محلّه على الإطلاق.
فأياً كانت الظروف التي يمكن أن تؤدّي إليها التطورات في المنطقة، وفي سوريا تحديداً، لن تحمل أيّ تغيير في موقفه وموقف بعض حلفائه من انتخابه رئيساً للجمهورية.
وأنّ استمرار تكرارها إلى حين تحويلها وكأنّها من الثوابت التي لا نقاش فيها سيؤدّي حتماً إلى لحظة من الإحباط الذي عانت منه شخصيات وفئات قبل ذلك عندما بنَت خياراتها على فرضيّات مستحيلة».
وقد حَملت الرسالة التي نُقلت من الحريري مباشرةً وعبر وسيط نزيه إلى شخصية قريبة من عون، نصيحةً واضحة وبكلمات عدّة وصريحة تؤكّد «ضرورةَ وقف التبشير بهذه المتغيّرات في أسرع وقتٍ ممكن وإعادة النظر في الإستراتيجية المعتمدة، ودعوة إلى الالتقاء في منتصف الطريق للعبور إلى الاستحقاق لانتخاب رئيس يَجمع ولا يفرّق». 

اللواء :

في الداخل، تشتد حماوة الانتخابات البلدية، وتتزايد التجاذبات بين لوائح غير مكتملة وناقصة وطموحات سياسية تهدف إلى إثبات وجود، وتصدعات في الثنائيات الطائفية، منها ما بطن ومنها ما خرج إلى العلن، تحت رقابة صارمة من سفارات كبرى معنية بالحراك البلدي.
وفي الخارج، تمضي الاتصالات بين الراعيين الدوليين الكبيرين لرؤية ما إذا كانت هناك إمكانية لسحب التوترات والقصف الطاحن للبشر والحجر في حلب التي كانت أقل عنفاً قبل الجولة الأخيرة لمفاوضات جنيف، والعودة إلى طاولة التفاوض بين النظام والمعارضة.
وبين انشغالات الداخل واهتمامات الخارج، اقفل نيسان على جمعة الآلام العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، في ما كان وضع لبنان، سواء في ما يتصل بالشغور الرئاسي أو الأزمة الاقتصادية الخانقة وانعدام النمو والركود في دائرة الاهتمام، الأمر الذي حمل وكالة «كابيتال انتلجانس» على إبقاء لبنان عند النقطة «ب»، وهو يعني نظرة مستقبلية سلبية بوضع البلد إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية والوضع الرئاسي والتدفق المستمر للنازحين السوريين، مما يُفاقم من أزمة البطالة ومعدلات الفقر، وفي ظل تدقيق دولي مستمر في الودائع المالية في المصارف والتحويلات التي تشكّل عصب القوة في استمرار الثقة الدولية في المؤسسات المالية والنقدية اللبنانية.
الحريري في اسطنبول
ففي اسطنبول، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمدة 90 دقيقة رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري الذي شرح مطولاً للرئيس التركي مخاطر استمرار الفراغ الرئاسي وانعكاساته على الحياة السياسية والاقتصادية والتدخلات الإيرانية ومخاطر النزوح، والدور الذي يمكن ان تلعبه تركيا في مساعدة لبنان للخروج من الحالة الصعبة التي ما يزال يراوح فيها.
وأكّد الرئيس الحريري بعد اللقاء انه لم يسوق أحداً، في المحادثات مع أردوغان، للرئاسة الأولى، مؤكداً ان الدستور نص على أن الرئاسة ست سنوات لرئاسة الجمهورية، ولم ير انه علينا ان نلجأ إلى حلول جزئية، بل حلول دائمة تعالج مشاكل البلد، رافضاً ان يكون تبلغ أي شيء بما عرف بـ«اقتراح» السنتين لرئاسة الجمهورية.
واليوم ينهي الرئيس الحريري زيارته التي استمرت يومين بلقاء مطوّل واجرائي مع رئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو.
«الفدرلة» الطائفية
في هذا الوقت، أكدت مصادر سياسية ذات وزن في 8 آذار ما كانت «اللواء» قد اشارت إليه قبل أيام، من ابعاد الاهتمام الدبلوماسي الغربي بالتحضيرات الجارية للانتخابات البلدية والاختيارية، ووصفت هذا الاهتمام بأنه «غير بريء»، كاشفة ان سفارات مهمة تعمد الى اعداد جداول واحصاءات كاملة عن اللوائح العائلية والسياسية والمختلطة بين العائلات والأحزاب.
وتساءلت هذه المصادر: لماذا يتم استدعاء شخصيات سياسية وعائلية وحزبية لاستمزاج رأيها حول إمكانية تحويل بعض البلديات إلى ما يشبه الكانتونات، تمهيداً لإقرار نوع من «الفدرلة» المقنعة تحت ستار مذهبي وطائفي ضيق؟ متوقفة عند نقطتين:
- اغراء عائلات شيعية صغيرة بالمال لمواجهة تحالف «أمل» و«حزب الله».
- استهداف التحالفات المسيحية وتهميشها، فضلاً عن استفزاز الجمهور المسيحي.
ونسبت هذه المصادر إلى أحد السفراء قوله في مجلس خاص: «ان الانتخابات البلدية تشكّل نموذجاً مصغراً لما يمكن ان ترسو عليه الانتخابات النيابية، ونحن بانتظار النتائج لاحراج بعض الحلفاء واجبارهم على السير بقانون انتخابي يتماشى مع رؤيتنا للخريطة السياسية الجديدة في المنطقة».
وفي السياق نفسه، نقلت مصادر نيابية عن شخصية لبنانية رفيعة تخوفها من إعادة فرز الوقائع السياسية اللبنانية عبر الاستفتاء البلدي المقبل، فيما يجري الفرز بقوة الحديد والنار والحرائق المتلهبة التي تلتهم حلب باطفالها ونسائها وشيبها وشيوخها، على قاعدة ان ولادة دولتي لبنان وسوريا جاءت في ظروف تاريخية متشابهة ومتزامنة، وأن مصير أي بلد منهما لا بدّ وأن يؤثر على الآخر.
قانون الإنتخاب
وإذا كانت عطلة الفصح وعيد العمال تنتهي الاثنين، فإن الثلاثاء، أول أيام العمل في أيار، سيشهد اجتماعاً للجان المشتركة برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري لإطلاق النقاش النيابي حول حزمة مشاريع واقتراحات قوانين الانتخاب، لإنضاج التوافق على واحد أو اثنين أو ثلاثة منها تُرفع إلى رئاسة المجلس ليُبنى على الشيء مقتضاه في ما خص أن يكون قانون الانتخاب بنداً أول على أول جلسة تشريعية يدعو إليها رئيس المجلس، ولو بعد أربعة أشهر.
وعشية التحضيرات لهذه الجلسة، على رغم العطلة، أكد عضو هيئة مكتب المجلس وعضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أحمد فتفت لـ«اللواء» أن نوايا الأفرقاء ستظهر في اللجان، وتكشف ما إذا كانت هناك من نوايا جدّية للوصول إلى نتيجة.
واقترح فتفت الانطلاق من التقرير الذي أعدته اللجنة المصغرة كأساس للوصول إلى توافق.
وأيّد زميله في مكتب المجلس عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا في تصريح لـ«اللواء» أيضاً هذا الاقتراح، واصفاً ما أنجزته اللجنة المصغرة بأنه كان تقدماً ضيّق الفروقات بين الاقتراحات الانتخابية، مشجعاً على السير بالقانون المختلط.
وأشار زهرا إلى أن العبرة تبقى في الاتفاق على نوع القانون (نسبي أو أكثري أو مختلط) وإذا ما تمّ حسم هذا الأمر يمكن الانتقال إلى توزيع الدوائر والنواب، معرباً عن اعتقاده أنه إذا صفت النيّات فالإمكانية متاحة للوصول إلى تسوية.
لكن عضو كتلة «الاصلاح والتغيير» النائب وليد خوري كان متشائماً، واستبعد في تصريح لـ«اللواء» الوصول الي نتيجة في اجتماع اللجان، معاكساً كلام زميله زهرا «فاللجنة المصغرة أخفقت في إحداث أي تقدم»، كاشفاً أن القانون الأرثوذكسي ومشروع النسبية والـ17 دائرة لم يحظ بأي قبول من الكتل الأخرى.
المشهد البلدي
{ في بيروت: تبدو الاستعدادات قائمة على قدم وساق، حيث تمضي «لائحة البيارتة» المدعومة من الرئيس الحريري وسائر الأحزاب الإسلامية والمسيحية في شرح برنامجها للناخب البيروتي، بعيداً عن الصخب، فيما تحاول لائحة «بيروت - مدينتي» السعي إلى إحداث خرق.
أما اللوائح الأخرى فهي تتحرك لتسجيل إثبات وجود، بعدما وسع الوزير السابق شربل نحاس دائرة تحركاته، وحط في مدينة بعلبك معلناً عن لائحة من ثلاث مرشحات.
كما تشكّلت في بيروت لوائح للمختارين ومجالس اختيارية في الباشورة والمصيطبة من دون توقع حدوث مفاجآت ملموسة.
{ طرابلس: وإلى هناك تتجه الأنظار، حيث يبدو المشهد الانتخابي ذو طابع «حربائي» (أي متلوّن)، وفقاً لتعبير مراقبين في طرابلس، حيث يخضع التوافق هناك إلى تجاذب بين الأقطاب الطرابلسيين ونواب المدينة مع الأحزاب الأخرى.
وبات بحكم المؤكد أن الأسماء الثلاثة لترؤس اللائحة التوافقية هم« عمر الحلاب والمهندس عبد الرحمن الثمين والدكتور عزام عويضة، وهم من خارج الانتماء الحزبي، لكنهم على علاقة جيدة مع الرئيسين الحريري ونجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي.