بعد مرور 35 عاما على الثورة الاسلامية الايرانية واعلان الجمهورية الجمهورية الاسلامية في ايران في العام 1979 , والايرانيون يسعون بكل ما يمتلكون من مقومات القوة والتصميم وحلم اعادة مجد فارس الى تصدير ثورتهم الى خارج حدود الجمهورية في لبنان وسوريا والعراق والبحرين وفي فلسطين واليمن وحتى في المنطقة الشرقية السعودية وربما توسع المد الايراني ليطال بعض الدول الاسلامية من خلال دعم احزاب وتنظيمات في تلك الدول تحت عناوين متنوعة وابرزها نصرة المظلومين واستعادة حقوقهم من الحكام الظلمة . وكل هذا التدخل يعبر عنه القادة الايرانيين بان طهران لا تتدخل في شؤون اي دولة ولا تتحرك الا بنيات طيبة ولمصلحة المسلمين اينما كانوا . واليوم فان ايران في مرحلة استكمال قطف ثمار تصدير ثورتها . فعدا عن لبنان وسوريا وغزة ياتي دور اليمن الذي يتلازم هجمة الحوثيين فيها والمدعومين من ايران مع تطورات الاوضاع العراقية . فصحيح ان نفوذ طهران في بلاد الرافدين واحتواء القرار العراقي تلقيا ضربة كبرى بعد فضيحة سقوط الموصل , وان سوريا الحليفة الطيعة لم تعد الباحة الامنة ولا نظامها قادر على الدفاع عن نفسه . لكن يبقى للمشروع الايراني زوايا اخرى وخرائط لم تعد من الاسرار وخيارات اخرى يمكن ان تعتمدها . فبعد سقوط الموصل بيد تنظيم داعش وتخلي الجيش العراقي عنها بلا مقاومة سقطت العاصمة اليمنية صنعاء ايضا بلامقاومة في ايدي الحوثيين ثم مدينة الحديدة على البحر الاحمر , وبات اليمن على حافة الانهيار , وهل من الاسرار علاقة الحوثيين بطهران او احتضانها قضية احد رموز الحراك اليمني الجنوبي علي سالم البيض الذي يسعى الى سلخ جنوب اليمن في دولة ديمقراطية عن الدولة الام وهو حلم قديم فشل في تحقيقه سابقا . فكما ان الجيش العراقي تخلى عن الموصل وتركها لمصيرها تسقط بيد داعش كذلك فان قادة الجيش اليمني تركوا صنعاء فريسة سهلة تسقط بايدي الحوثيين . لكن الفارق كبير بين جماعة الحوثي وجماعة الخليفة ابو بكر البغدادي, الاول يريد تطهير بلاد اليمن من الفساد والثاني يطمع بدولة خلافة اسلامية يطهرها من الكفار . والمفارقة اليوم انه لا قوة تصد عبدالملك الحوثي عن الاستمرار بالتمدد في بلاد اليمن الواسعة واحتلال مدنها الكبيرة حتى يتم ابتلاعها, كذلك فان قوة التحالف الدولي تقف عاجزة عن تقدم داعش الماضية في توسيع دولة الخلافة حتى وصلت الى مدينة عين العرب الكردية . وايران تدرك جيدا انه ما بعد داعش ليس كما قبله لذلك تتكيف مع قواعد لعبة جديدة على هوامش المفاوضات النووية عنوانها معادلة جديدة وهي مقايضة تقوم على تسهيل مهمة التحالف في مواجهة داعش مقابل تسهيل الغرب لاتفاق على تخصيب اليورانيوم بالمستوى الذي يخدم مصالحها الاقتصادية وربما مستقبلا العسكرية . ومع ادعاء ايران بفتح صفحة جديدة مع جيرانها في العواصم العربية وخصوصا مع الرياض تعتمد على المبادرة باظهار النيات الطيبة للدول العربية وخصوصا القريبة منها , هذه النيات التي حملها معه وزير الخارجية الايراني الى نظيره السعودي وقدمها له خلال لقائهما في نيويورك ,لكنه لم يمضي يومين على تقديم هذه النيات الطيبة حتى سقطت صنعاء بيد الحوثيين . وجدير بالاشارة التلميحات التى يطلقها بعض القادة الايرانيين من وقت لآخر حيث يبدو التناقض الكبير بين النيات الطيبة والمشروع الايراني القديم الجديد الهادف الى تصدير الثورة الايرانية , ومن هذه التلميحات ان اربع عواصم عربية اصبحت ملعبا للسياسة الايرانية وان النفوذ الايراني اصبح على المشارف الشرقية للبحر الابيض المتوسط , وهذا يعني ان النيات الايرانية الطيبة لا تحمل اي ملمح من ملامح الطيبة .