بدت الجهوزية اللبنانية مكتملة في انتظار «ساعة الصفر» التي تؤذن عند ساعات الفجر لحرية 16 عسكرياً لبنانياً وجثمان العسكري الشهيد محمد حمية، بعد 16 شهراً من الأسر في جرود عرسال ذاق خلالها الأسرى الأحياء لوعة البقاء معلقين على حافة الحياة والموت.. وانتظار لحظة حريتهم واللقاء بأحبتهم، فيما بقيت عائلة الشهيد حمية تنتظر عودة جثمانه لعلها تطفئ حرقة انتظار طويل ومرير برَّدها إلقاء القبض قبل أيام قليلة على قاتله الملقب «أبو عائشة»(علي أحمد لقيس)، أثناء محاولته مغادرة لبنان، مستخدماً جواز سفر مزوّراً.
وكان موعد جديد للحرية قد مضى أمس من دون أن تنجز صفقة التبادل بسبب إخلال الخاطفين بالمواعيد المقررة برعاية القطريين، إلا أن ذلك لم يثن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن المضي في المهمة التي أعطاها الأولوية على ما عداها طيلة الشهور الماضية، لأسباب وطنية وإنسانية، وهو أمل في اتصال أجرته معه «السفير» عند الواحدة فجراً أن تبلغ هذه القضية النهاية التي ينتظرها اللبنانيون منذ 16 شهراً حتى الآن.
يوم ثان من الانتظار الثقيل تميز بانتقال اللواء ابراهيم مباشرة الى جرود عرسال حيث تابع، طوال نهار وليل أمس، من خلال غرفة العمليات هناك، تفاصيل مفاوضات الساعات الأخيرة مع «النصرة» بحضور المفاوض القطري، فيما كانت قافلة المساعدات التموينية ترابط عند مدخل عرسال لليوم الثاني على التوالي، وفي الوقت نفسه، تستمر انتظارات السجناء التي تطالب «النصرة» بهم، الى حين تأتي «ساعة الصفر» تتويجاً لمفاوضات تمحورت حتى ساعات الفجر الأولى حول أمور إجرائية ولوجستية.
لم يتزحزح الموقف اللبناني قيد أنملة عن الثوابت او «الخطوط الحمراء» التي رسمتها خلية الأزمة الحكومية، ومنحت في ضوئها تفويضاً مطلق الصلاحية للواء ابراهيم لإدارة المفاوضات من أجل الوصول إلى «الخواتيم السعيدة».
ولم تنجح كل محاولات «النصرة» لإضافة مطالب تعجيزية، خصوصاً أن إصرار الجانب اللبناني على التصرف على مدى يومين كأن الصفقة منجزة أدى الى إحراج الخاطفين وتعريتهم أمام الوسطاء في بيروت وأنقرة.. وصولاً إلى إجبارهم على التنفيذ تبعاً لـ «الأجندة» اللبنانية التي تخللتها تعديلات من نوع السماح بإدخال المواد التموينية الى مخيمات النازحين في جرود عرسال «لأسباب إنسانية بحتة»، فيما تم تجاهل كل مطالب الخاطفين التي لم تكن واردة أصلاً في الصفقة التي كانت قد أُبرمت بصورة نهائية مساء يوم الســبت الماضي.
حوار عين التينة الرئاسي
سياسياً، وعشية الجلسة الرقم 32 لانتخاب رئيس الجمهورية، شكّلت الجلسة الـ 21 للحوار الثنائي بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» في عين التينة، بمشاركة حركة «أمل»، فرصة لتبلغ «الثنائي الشيعي» بشكل رسمي من «المستقبل» قراره تبني ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهو ما جعل انتخابات الرئاسة عنواناً وحيداً للحوار الثنائي، وهو الأمر الذي عبَّر عنه البيان الصادر عن المجتمعين بتطرقهم إلى «الاستحقاقات الدستورية تحديداً»، ومن ثم تأكيدهم «على الاستمرار بالحوارات القائمة للإسراع في الوصول الى التفاهمات الوطنية».
وبحسب المعلومات، فإنه تم الاتفاق بين المشاركين على أن يتولّى كل طرف السعي مع حلفائه «لإنجاز الاستحقاق الرئاسي»، من خلال القيام بمروحة اتصالات سريعة ومكثفة، من دون أن يعني ذلك أن «حزب الله» قد التزم أي طرح محدد سوى التزامه بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي حين اكتفى عضو «كتلة المستقبل» النائب سمير الجسر لـ «السفير» بتأكيد إيجابية الأجواء وجدية الطروحات «لكن لا شيء نهائياً بانتظار التواصل مع الحلفاء»، كانت لافتة للانتباه إطلالة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، في مقابلة متلفزة مسجلة مع قناة «روسيا اليوم» وقوله انه لم يتبلغ رسمياً بالاتفاق بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، متسائلاً: «ما هو أساس هذا الاتفاق؟.»
كما سأل: «لماذا سعد الحريري هو من سيختار سليمان فرنجيه؟»، وقال: «موقفي من ترشيح فرنجية إما يعقِّد او يحلحل الوضع». ورأى أن «رئاسة الحكومة لـ 14 آذار ورئاسة الجمهورية لـ 8 آذار هو حل منصف، لكن بشرط أن يقوم كل فريق باختيار رئيسه».
«المردة» يوضح ملابسات لقاء البترون
وأوضحت أوساط عونية أن موقف عون هو سابق للقاء الذي عُقد، أمس الأول، بين فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في منزل الأخير في البترون، اذ إن زعيم «المردة» أبلغ باسيل رسمياً بمضمون لقاء باريس بينه وبين الرئيس سعد الحريري وبكل المعطيات التي تخللته، وأبرزها تأييد زعيم «المستقبل» وصوله إلى رئاسة الجمهورية.
وعلمت «السفير» أن فرنجية ورداً على التسريبات التي رافقت انعقاد لقاء البترون، طلب من معاونيه إصدار بيان واضح باسم «المردة» بعنوان «هذا ما جرى في اللقاء مع باسيل» وتضمن تأكيداً بأن اللقاء «كان ودّياً وصريحاً من غير أي التزامات»، كما تضمن رداً حول ما قيل بأن فرنجية التزم مع الحريري بـ «قانون الستين» عبر التأكيد أن الحريري «طالب بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون، وقد تمّ التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة».
وأشار فرنجية إلى أنه خلال اللقاء أكد استمراره بدعم ترشيح العماد عون ومنح الموضوع مزيداً من الوقت إذا كان هناك من نيّة فعلية بالتوافق حول العماد عون «أما إذا استمرّ الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية فهذا موضوع آخر».
أما الفقرة الأخيرة من بيان «المردة» حول «الحديث عن رفض الأقطاب (المسيحيين) ترشيح فرنجية»، فشكلت رداً على ما بدر من عبارات على لسان باسيل خلال اللقاء، كانت عبارة عن تهديد مبطن لزعيم «المردة» إذا كان بمقدوره أن يتحمل انتخابه رئيساً للجمهورية في مواجهة اعتراض «الثلاثي الماروني» ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل، وهنا كان جواب فرنجية حاسماً بأنه ماض في خياره انسجاماً مع روحية ومضمون بين الأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي وليتحمل «التيار» مسؤولية قراره بمنع وصوله الى سدة رئاسة الجمهورية.
من جهة ثانية، علمت «السفير» أن النائب فرنجية قرر «الرد على تحية» النائب وليد جنبلاط بـ «مثلها» وذلك بزيارة هي الأولى له الى كليمنصو، غداً، يتخللها عشاء عائلي.