بطرسبورغ.

ترجمها عن الروسية : دكتور خالد ممدوح العزي   

Омар Аль-Утейби بقلم   الكاتب: عمر الطيبي

 

الحادثة الاولى  منذ اندلاع الثورة السورية والتأييد الروسي الرسمي للنظام  ولاول مرة في تاريخ جهاز الاستخبارات الروسية يتم عمليات اعتقال بتهمة المرتزقة، لمجموعة حاولت تشكيل " الفرقة السلافية" علي الأراضي السورية، بأشراف شركة من مدينة سانت بطرسبورج، تم اجتجاز ادارتها في سجن ( ليفورتفا). وقد روي بعض الجنود المتطوعين عن اول واخر معارك ، وعن مشكلتهم بعد اختفاء قادتهم. ولم يعد امامهم قيادة يطالبونها بسداد الرواتب المتفق عليها والتي لم تسدد نظير مشاركتهم في العمليات المسلحة في سوريا.

من المعروف ان العديد من مواطني روسيا كانوا ينضمون إلي المعارضة السورية للقيام بعمليات ضد نظام الأسد، نتيجة قناعاتهم الدينية والعقائدية، لكن ظهور معلومات عن انضمام مرتزقة روس إلي قوات نظام الأسد، لم يعرف إلا في اكتوبر عام 2013 عندما نشرت جماعات معارضة سورية مسلحة عن تصفية الكسي ماليوتي من سكان كرسندار، خلال المعارك التي جرت في ضواحي حمص.ما كشف عن ان مواطنين روس يذهبون إلي سوريا كجنود مرتزقة بعقود مع شركة " الفرقة السلافية" Slavonic Corps Limited الواقعة في مدينة سانت بطرسبورغ،وقد تبين ان هذه الشركة ارسلت بضعة عشرات من شباب مدينة سانت بطرسبورغ لمقاتلين مع قوات النظام السوري ،الذين اعتبروا انهم محظوظون لأنهم عادوا من سوريا، وقد وقعوا علي تعهد في الاستخبارات الروسية بعدم الحديث مع الصحافة حتي لا يضر ذلك بالتحقيقات الجارية.

وافق بعضهم علي الحديث مع احدي الصحف الروسية ( جريدة فونتانك) ، حتي لايقع اخرون في نفس الخطأ بحسب تعبيرهم.

الأمر لم يكن سريا او صعبا، فقد ظهر اعلان علي المواقع الروسية المتخصصة في الأنترنيت يدعو الجنود والضباط السابقين، ومن لديهم خبرات قتالية لعمل في رحلات خارجية طويلة نظير مكافأت مالية. واستجاب لهذا الأعلان العديد من ضباط وعناصر القوات الخاصة المتقاعدين و جنود قوات مكافحة الشغب السابقين، الذين اصبحوا بدون عمل. واغلب هؤلاء لديهم خبرات قتالية من معارك شمال القوقاز وطاجكستان  وأفغانستان وغيرها من بؤر الثوتر الساخنة. وتلقي هؤلاء عرض براتب شهري قيمته 5000 دولار امريكي، وتعويض عن الأصابة بعاهة مستديمة يصل إلي 20000 دولار امريكي وفي حالة الوفاة تحصل آسرة المتوفي علي 40000 دولار. وبحسب اعترافات المرتزقة المتطوعين، فقد ابلغوا ان مهماتهم تقتصر علي حماية المنشأت الحيوية والنفطية.

وكان يتم اللقاء – بحسب الجريدة الروسية- مع "فيتش سلاف كلاشنيكوفي" وهو عقيد سابق في المخابرات الروسية،كان يقدم نفسه كجنرال،ويقدم العرض للراغبين في الألتحاق بالفرقة السلافية.ثم اجري لقاء اخر في مكتب صغير بمركز البلطيق بشارع "السكندر بلوك" – بناء رقم 5،حيث تم ملء الاستمارات وتقديم طلب الحصول علي جواز سفر. وتم استدعاءهم لموسكو وابلاغهم بأن الرحلة العمل ستكون إلي سوريا.وما ان عاد هؤلاء المرتزقة إلي سانت بيتربورغ حتي تم استدعاءهم في سبتمبر 2013 بشكل عاجل للسفر إلي سوريا، وتم التأكيد عليهم بأن لا يحتفظوا بأي مستندات او وثائق عادية او عسكرية باستثناء جواز السفر.

توقيع العقود مع المرتزقة تم بالفعل في محطة قطارات ليننجراد،مع نحو عشرين متطوع قدموا إلي موسكو للذهاب إلي سوريا، ورفض ثلاثة فقط من هؤلاء المرتزقة توقيع العقود والعمل مع الشركة بعد ان علموا ان المهمة التي سينفذوها ستكون في سوريا بنيما وافق الباقون علي المخاطرة.وابلغ المرتزقة انه سيتم سداد مبلغ قدره 4000 دولار لكل واحد كدفعة مقدمة.

سافرت هذه المجموعة إلي بيروت،ثم انتقلت إلي دمشق برا،حيث تم نقلهم بالطائرة إلي اللاذقية،وإرسالهم إلي قاعدة عسكرية.تقع هذه القاعدة بين طرطوس واللاذقية،ويبدون انها كانت مضمار للخيل.واستقر المقام بهذه المجموعة في مبني يبدو انه كان يستخدم كاسطبل للخيول.وفي شهر اكتوبر بلغ عدد المرتزقة المتطوعين نحو 267 جندي،مجموعة جاءت من قوزاق منطقة كوبان،اما المجموعة الثانية فكانت من مختلف انحاء روسيا،ويقدر عدد المتطوعين من سانت بطرسبورغ نحو 12 جندي. وبحسب احد مؤسسي الشركة،كانت مؤسسة Moran Security Group التي تنظم العملية كلها تسعي إلي تشكيل فرقة سلافية تضم 2000 مقاتل مرتزق.

وبالأضافة لتسليم مقاتلي الفرقة السلافية مدافع رشاشة وذخائر،تسلمت الفرقة مدفع مضاد للطائرات من انتاج عام 1939، وقذائف هاون من انتاج عام 1943،وتم تشكيل 4 طواقم لقيادة الدبابات من طراز ت – 72، وتسلمت المجموعة عربات مدرعة. وكان من البديهي ان يتسأل المرتزقة عن طبيعة المهمة التي يتم تسليحهم بموجبها،بأعتبار ان هذه الأسلحة لا تنسجم مع عملهم في حماية المنشأت. فكانت الأجابة من "فاديم كوسييف" الذي عرف بأنه نائب مدير مؤسسة Moran Security Group انهم قدموا للقتال.

وبحسب شهادات الجنود المرتزقة اثار هذا الوضع ارباكا،بأعتبار ان الشركة كانت قد ابلغتهم في سانت بيتربورج انهم سيذهبون إلي سوريا بعقود مع الحكومة السورية، وان الأستخبارات الروسية علي دراية بهذه العقود،وهي تتم بمعرفة ورعاية الجانب الروسي،ولا توجد اي مخالفات امنية او قانونية.وعندما وصلوا إلي سوريا اكتشفوا ان هذه العقود مع شخص سوري يمكن ان يكون له صلات مع الحكومة وربما لا توجد لديه مثل هذه الصلات.وانهم بأختصار اصبحوا جنود في جيش خاص لمجموعة سورية غير حكومية.واذا ارادوا العودة إلي بلادهم فيجب ان يعملوا حتي يحصلوا علي الأموال اللازمة لشراء تذكرة العودة.

وكانت المهمة التي تم تكليفهم بها حماية المنشأت النفطية في دير الزور.وتبين لهم انه يجب ان تقطع هذه المجموعة نحو 500 كيلو متر في الصحراء حتي تصل إلي الموقع المطلوب حمايته. حيث توجد القوات الحكومية،وقوات المعارضة وحيث لا يوجد اي شيء واضح..

وبحسب احد عناصر طاقم المدرعات (من انتاج عام 1979) لم يتم العملية القتالية الأولي والأخيرة التي كانت ستنفذها هذه المجموعة في بداية الرحلة. واضطرت المجموعة لترك الدبابات ت-72 وت-62 التي لم تكن صالحة للاستخدام،وتحركت في 15 أكتوبر،واضطرت لاستخدام باصات من طراز هونداي وسيارات جيب،وضع علي نوافذها صور بشار الأسد وإعلام سوريا.

ويتابع المرتزقة انه كان يمكن الوصول إلي الموقع، لكن تحليق الطيران السوري والمروحيات العسكرية التي تحاول استكشاف قافلتهم تسبب في اعطال، اجبرتهم علي التوجة لمطار حمص العسكري.

وبعد ان قضت المجموعة يومين في المطار، اضطرت بشكل مفاجئ للتحرك بسرعة، بسبب انذار مفاجئ عن بدء هجوم من جانب المعارضة علي بلدة " سوخن" المجاورة للمطار.وكان يجب دعم انصار النظام في هذه البلدة.وبعد عدة ساعات وصلت الفرقة السلافية إلي موقع المعركة،واتجهت فرقة القوقازيين إلي اليسار واشتبكت مع مجموعات من المعارضة المسلحة،لكنها فشلت في دحر جماعات المعارضة ودعم القوات الحكومية.رغم انها استخدمت قذائف الهاون. ثم قصفت مدفعية الجيش السوري وطائرات سلاح الجو جماعات المعارضة، لكنهم كانوا عنيدين وتابعوا الأشتباك مع القوات الحكومية.ثم تحركت عناصرهم لفرض حصار علي الفرقة السلافية، فسارع المرتزقة الروسي إلي السيارات للأنسحاب من موقع الأشتباكات،في هذه اللحظة فقد الكسي ماليوتي حقيبته. واعتبر الجنود المرتزقة انهم كانوا محظوظين،لأن خسائرهم اقتصرت علي 6 جرحي، وقد انقذتهم عاصفة رملية اخفت اثاره خلال الأنسحاب،ولم يتمكن المعارضون من تعقبهم.لقد تم نقل الجرحي بسرعة من ارض المعركة،واعادة كافة جنود الفرقة السلافية إلي الوطن.

وعدت الفرقة إلي حمص ومنها إلي اللاذقية، لكن بات واضحا أن علاقة السوريين مع الروس قد تغيرت. وان "فاديم جوسيف" قد اختلف مع السوري الذي تعاقد معه حول ما حدث وحول الخطط المستقبلية.وسمع الجنود المرنزقة صراخ ومناقشات حادة،عن 4 ملايين دولار قيمة العمل الذي كان من المفترض تنفيذه.العديد من المرتزقة العائدين تحدث عن انه بدأ يشعر بعد هذه المعركة بنظرات غير ودية من السوريين. وقاموا بتسليم كل الاسلحة الثقيلة التي كانت بحوزتهم، وسمح لهم بالأحتفاظ بالمدافع الرشاشة.

ورغم ان عقود جنود الفرقة السلافية كانت لمدة 5 شهور يفترض ان تنفذ فيها مهمات قتالية في سوريا. لكن ما حدث هو انه تم نقلهم في طائرتين إلي موسكو،وفور نزولهم في مطار فنوكوفو، تم احتجازهم من جانب ضباط الأستخبارات الروسية وسحبت هواتفهم المحمولة وجوازات سفرهم،وتم استجوابهم كشهود،ثم اطلق سراحهم بعد ان وقعوا تعهد بعدم تسريب معلومات عن التحقيق. و تم القاء القبض علي فاديم جوسيف وموظف اخر في المؤسسة هو "يفغيني سيدرف" بتهمة جنائية وفق المادة 359 . 

وبات واضحا بالنسبة لهؤلاء المرتزقة انهم لن يحصلون علي اي اموال نظير خدماتهم،لأن المسؤولين عن العملية

 

اصبحوا خلف القضبان،اما بقية الأشخاص الذين التقوا معهم،فقد اعلنوا انه ليس لهم اي علاقة بمؤسسة

Moran Security Group.

المصدر :

https://www.fontanka.ru/2013/11/14/060