على الصعيد الرسمي تدعي تركيا بانها لا تدعم فريقاً معيناً وسط المعارضة السورية. لكن حركة الذهاب والإياب للمقاتلين الجهاديين عبر حدودها مع سوريا بدأ تشكل مصدر حرج لها. ورغم تشديد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو على أن بلاده لا تقدم أي دعم مباشر لجبهة النصرة ـ ولا الى اي فريق آخر، وان صلتها الاساسية هي مع الائتلاف الوطني السوري، فان وجود المقاتلين المتشددين في المستشفيات التركية للمعالجة وفي مخيمات اللاجئين بات ظاهراً للعيان. منذ بضعة اشهر بدأ اعضاء حلف شمال الأطلسي يستاءلون عن موقف أنقرة حيال الاتهامات الموجهة اليها بانها تغض النظر عن تحركات الجهاديين عبر حدودها وتدعم مواقعهم في الشمال السوري. وقد انتقدت الصحافة التركية توجهات حكومة أنقرة، ففي راي احد الصحافيين الأتراك ان ما يجري يشير الى حسابات خطأ، وتساءل هل تسعى السياسة الخارجية التركية الى خلق طالبان أخرى في سوريا؟ واضاف انه ليس مسموحاً لتركيا ان تطالب حلف شمال الأطلسي بحماية حدودها ببطاريات صواريخ بارتويت، وفي الوقت عينه تقديم المساعدة والدعم الى حركة النصرة. ويعتبر الأكراد الأتراك الاكثر انتقاداً لما يحدث. واستناداً الى زعيم حزب السلام والديمقراطية صلاح الدين دميرتاس المقرب من حزب العمال الكردستاني فان الحدود التركية باتت مفتوحة امام الجهاديين الذين من دون دعم تركيا لما استطاعوا الصمود أسبوعاً واحداً. ومن الاتهامات الموجهة الى حكومة أردوغان استخدام الجهاديين للوقوف في وجه مطالبة الأكراد بالحكم الذاتي في شمال سوريا. ويقوم انصار الدولة الإسلامية في العراق وشمال سوريا (داعش) في محاصرة الميليشيا التابعة لحزب العمال الكردستاني ويتنافسون معهم على السيطرة على المدن الحدودية. وفي رأي عدد من الشخصيات الكردية تستخدم تركيا العصابات المسلحة لخوض الحرب ضدهم. وما تجدر الاشارة اليه انه سبق ان استخدمت تركيا معبراً للجهاديين في منتصف التسعينيات عندما كان المتطوعون المتوجهون الى البوسنة او الشياشان يمرون في اسطنبول. في رأي سنان أولجين مدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية، فان الدعم التركي للمتشددين هو خطوة تكتيكية، وأن تركيا قدمت دعمها لهذه المجموعات المتطرفة لانها الاقوى في ساحة القتال. ويبدو ان تركيا تراهن على القوى الاكثر نفوذاً على الارض. لكن في رأي أولجين فان تركيا ستغير سياستها كي لا تعرض للخطر علاقاتها مع حلفائها، لا سيما في ظل شعورها بالخطر الذي يمكن ان يمثله هؤلاء الجهاديون على الامن التركي.