عقب إعلان أثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق، ضمن خططها لبناء «سد النهضة» الذي اعتبرته مشروع الألفية الثالثة بالنسبة لها، خاصة وأن الإعلان جاء عقب أقل من أيام من زيارة للرئيس المصري محمد مرسي لأديس أبابا، للمشاركة في احتفالات الاتحاد الأفريقي...
وبينما نسيت مصر «مؤقتا» خلافاتها السياسية المعقدة، فتح الإعلان الأثيوبي باب التكهنات حول مصير البلاد التى تضم 90 مليون نسمة تقريباً وعجز القيادة السياسية فى التأثير على مجريات الامور.. الرئاسة المصرية، من جانبها حاولت أن تهدئ الأمور، بإعلان المتحدث الرئاسي السفير عمر عامر، الليلة قبل الماضية، أن هناك سيناريوهات متعددة لحل الأزمة، لكن هجوم القوى السياسية لم يتوقف عند حد الطمأنة، متهمة الرئاسة والحكومة بالشلل في التعامل مع التهديدات المرتقبة مع تصاعد الجدل في مصر،.
وأكد عامر، أن القرار الأثيوبي ببدء العمل في بناء سد النهضة، لم يكن متفقاً عليه بين الجانبين المصري والأثيوبي. وأوضح أن الرئيس تلقى تأكيدات من رئيس وزراء أثيوبيا، خلال زيارته الأخيرة بأن «مصالح مصر لن يمسها أي ضرر». معتبراً القضية «حياة أو موت». داعياً وسائل الإعلام المصرية للحفاظ على الأمن القومي المصري، ومراعاة أن قضية مياه النيل لم تنته بعد، لافتا أن السياسات المصرية ستكون على مستوى الحدث، حسب تعبيره...
قال إنه إذا لم نتحرك بجدية سنموت عطشاً أو جوعاً، وأن هناك مستويات كثيرة من التحركات يجب البدء فيها سواء على المستوى الافريقى أو الدولى، وقد نلجأ الى المحكمة الدولية، أو حتى إلى الخيارات العسكرية، مؤكداً على أن المشكلة ليست فى تحويل مجرى النيل ولكن المشكلة فى تجهيزات بناء سد النهضة القائمة الآن على الأرض....
الخوف من الموت عطشاً ..
وتصاعد الأمر بانتقاد حاد من قبل رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشورى، ونائب الحرية والعدالة، السيد حزين، لبيان الرئاسة مؤكداً على ان ما جاء فيه ليس حقيقىا خاصة أن السد يؤثر على مصر. وقال إنه إذا لم نتحرك بجدية سنموت عطشاً أو جوعاً، وأن هناك مستويات كثيرة من التحركات يجب البدء فيها سواء على المستوى الافريقى أو الدولى، وقد نلجأ الى المحكمة الدولية، أو حتى إلى الخيارات العسكرية، مؤكداً على أن المشكلة ليست فى تحويل مجرى النيل ولكن المشكلة فى تجهيزات بناء سد النهضة القائمة الآن على الأرض. وسرعان ما انتشرت اتهامات متبادلة لاطراف العملية السياسية فى مصر، حيث قالت المعارضة ان الحكومة المصرية فشلت فشلاً ذريعاً فى التعامل مع مجريات الامور والتفاوض مع الحكومة الاثيوبية بالثقل السياسي ومكانة البلاد افريقياً، دافعت الجماعة الحاكمة ان خطوة اثيوبيا تأتى فى سياق إهمال الرئيس السابق مبارك لدول حوض النيل وتفتح الجدل بشأن الحل العسكرى كخيار أخير فى حال التأثير بالسلب على التدفقات المائية لمصر.

سيناريوهات الحلول العسكرية
وفي الوقت الذي أعلن فيه مجلس الشورى تخصيص جلسة الأحد المقبل، لعقد جلسة طارئة للجنة الأمن القومي، لمناقشة الأزمة، قال محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والري، إن البدء في إجراءات تحويل الأنهار التي تجري منذ فترة لا تعني موافقة مصر على إنشاء سد النهضة، مؤكداً انتظاره ما ستسفر عنه أعمال اللجنة الثلاثية التى تضم خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب استشاريين دوليين، لبحث آثار سد النهضة على الدول الثلاث، والمزمع الانتهاء منه نهاية شهر مايو الجارى، أكد الوزير أن الجانب المصرى لن يقبل بأى مشروع يؤثر بالسلب على التدفقات المائية الحالية، مشدداً على أن هناك سيناريوهات جاهزة للتعامل مع كافة النتائج المتوقعة والمبنية على التقرير الفني الذي سيقدم ليفتح التكهنات بشأن الحل العسكرى الذى بدأت تطرحه المعارضة.

اسرائيل واللعب من وراء الظهر
من جهته، قال الفريق حسام خيرالله وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، إن إسرائيل تمول مشروعات زراعية لأراضي اثيوبيا من أجل كسب أوراق سياسية جديدة فى المنطقة، وأضاف لـ(اليوم) أن اسرائيل قدمت العديد من الخبراء والمهندسين لخدمة اثيوبيا فى بناء سد النهضة منتهكة الحقوق المائية لمصر. ولمح مصطفى الجندى، مؤسس الدبلوماسية الشعبية لحوض النيل، إلى الدور القطرى فى زراعة الاراضي فى اثيوبيا لافتاً دروها فى تمويل سد النهضة، وأضاف بحسب تصريحات اعلامية ان إسرائيل تتولى إدارة توزيع الكهرباء بالسد لبيعها. وكشف الجندى عن وجود استعداد للتدخل العسكرى حال الاقتراب من حصة مصر فى مياه النيل، والذى يتسبب في عجز في حصة مصر من المياه بنحو 20 في المائة....
قال الدكتور نور أحمد الخبير الاستراتيجى لشئون المياه والأمن القومى بالشرق الأوسط ان الوقت قد فات للتعامل مع سد النهضة لأن الحكومة الإثيوبية قامت ببناء 20% منه حتى الآن كما حذر من النتائج السلبية لبناء السد والسدود الثلاثة الأخرى التى تنوى إثيوبيا بناءها على مجرى نهر النيل الأزرق، الذى يغذى مصر بحوالى 50% من المياه الواردة إليها من مياه فيضان الحبشة بالإضافة إلى طمى النيل الذى يساعد على تقليل تسرب المياه فى جانبى وقاع النهر ويساعد على تخصيب التربة الزراعية ويقلل النحر...
وأشار إلى أن إثيوبيا أعلنت عن تحويل مجرى النيل الأزرق منذ 15 يوماً لكن الاحتفالات الشعبية التى قامت بها هى التى زادت الصخب الإعلامى حولها وأقلقت المصريين والسودانيين ولهم حق فى ذلك مشيراً الى انه فات الأوان على مصر لوقف بناء سد النهضة الأثيوبى حتى بعد تأكيد نتائج اللجنة الثلاثية انه سيؤثر سلباً عليها.
وأشار خلال اتصال هاتفى لبرنامج صباح الخير يا مصر بالتليفزيون المصرى الاربعاء ان هناك مشكلة حقيقية ستظهر عقب الانتهاء من جسم سد النهضة تتمثل فى ضرورة تخزين حجم من المياه يسمى الحجم الميت الذى يستخدم لتشغيل محطات الكهرباء مقداره 25 مليار متر مكعب مرة واحدة سنوياً ومصر حالياً لديها عجز فى مياه الشرب بحجم 20 مليار متر مكعب سنوياً يعاد فيها استخدام مياه الزراعة والصرف الصحى.
وأردف انه فات الأوان ان تتدخل مصر فى انشاء سد النهضة واثيوبيا تهدىء الموقف المصرى وتحاول غض بصر المسؤولين المصريين حتى استكمال بناء السد عام 2015 وبعدها تظهر سلبيات هذا السد مشيراً الى ان هذا سيترتب عليه انخفاض منسوب المياه أمام السد العالى وبالتالى حصة الكهرباء.
من ناحية أخرى قال الدكتور ماهر شعبان استاذ بمعهد الدراسات الافريقية ان أثيوبيا أخذت الخطوات التنفيذية لبناء سد النهضة ضاربة عرض الحائط بكل الإحتياجات مشيراً الى ان دول المصب تعيش حالة من الهياج السياسى وهذا السد سيؤثر على مخزون المياه بالسد العالى والطاقة الكهربائية التى نعانى منها الان ستقل بنحو20%...
وأوضح د.ماهر ان أثيوبيا اذا كانت جادة وتريد الحفاظ على حصة مصر من المياه يجب ان يكون ذلك من خلال معاهدة يوقع عليها الجميع وبخاصة ان اثيوبيا كانت قد أعلنت منذ عام2009 انها تعلن عن عزمها بناء سد وثورة 25 يناير خدمت أثيوبيا وجعلتها تستغل انشغال مصر بالعراك السياسى الموجود وبالتالى بدأت الخطوات العملية التى ترجمتها بتحويل مجرى نهر النيل الأزرق.
وأضاف ان هناك من يفكر لأثيوبيا ويرسم السياسة الخارجية لها ولا شك ان اسرائيل هى من تدعم هذا المشروع بوصفها عدو استراتيجى لمصر وستستفيد من الطاقة الكهربائية الناجمة عن هذا المشروع ويمكن ان تضرب مصر فى العمق مشيراً الى ان هذا المشروع يعتبر قضية أمن قومى مصرى لا يمكن السكوت عليه.....
أراء تشجع بناء سد النهضة 
يرى البعض أنه يجب أن توافق مصروتدعم بناء سد النهضة الأثيوبي، بشرط، عدم تأثير حصة مصر من المياه، ليس من حق مصر الاعتراض على بناء السد، لكنها من حقها الحصول على ما يؤكد أن حصتها المائية وفقا للاتفاقيات المنعقدة لن تتغير، أما دعوات انه يجب اتخاذ إجراءات غير عادية ضد أثيوبيا، هو غرض إسرائيلي إقليمي لدخول مصر في نزاعات إقليمية لن تحقق لمصر سوى الخسائر والقضاء على أي تقدم اقتصادي مخطط للفترة القادمة، ودعكم من نبرات التعالي على الدول الأفريقية كما فعل النظام السابق التي هي بالفعل سبب كل تلك الكوارث، لذا تدرك مصر الهدفين: التعامل السياسي الهادئ بما تملكه من أوراق سياسية ضخمة للضغط على أثيوبيا في عدم التأثير على حصتها المائية، والأخر، عدم الانسياق نحو دعوات داخلية وخارجية غير مسؤولة ولا تقدر تبعات أي قرار ينتظره أعداء مصر خاصة خارجيا لاستغلاله...
فلايزال بأيدي مصر معظم الأوراق التي تستغلها بطريقة دبلوماسية تحافظ على مصلحتها، وتقى الدولة من التدخل الأجنبي، وعلى غير ما يرى الكثيرين، الرئاسة ومجلس الوزراء يقومون بجهد بعضه معلن والأخر لا يظهر حتى تأتى نتائجه، لذا أتوقع أن الموضوع سيتم حله وبطريقة سليمة تحقق الرغبات، وتفشل المخططات التي تنتظر سوء لمصر....