أولاً: فساد الطبقة السياسية وفجورها..
لم يعرف لبنان في تاريخه المعاصر والحاضر فساداً وفجوراً كالذي ترتكبه الطبقة الحاكمة الحالية منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، فالهدر والسرقات والرشاوى لم تغب عن معظم السياسيين والإداريين والأمنيّين والإعلاميّين، فحتى أموال الهيئة العليا للإغاثة ، والتي يُفترض أن تكون مخصّصة لإغاثة الملهوف، سطا عليها رئيس الهيئة، ووزعها بالملايين على زوجه وأولاده، بعد أن استغاثوا به، وضابط أمن داخلي رفيع، يسطو على أموال المساعدات المرضية العائدة للرتباء والضباط بالملايين. أمّا الرؤساء والوزراء وبعض النواب فأرقامُ حساباتهم فلكية، أمّا الاداريّون، (بعض المحظوظين طبعا) فيتحولون بين ليلةٍ وضُحاها من حال اليُسر إلى حال الثراء الفاحش.
ويطال الهدر والسرقات المرافق العامة بلا استثناء، من المرفأ إلى المطار، إلى المصالح المستقلة، فالوزارات وعلى رأسها الطاقة والمواصلات والأشغال العامة والصحة والخارجية والداخلية، وحتى البيئة والشؤون الاجتماعية، ولم يتمكن أحدٌ من وضع حدّ لظلم آل فتوش في البقاع وعين دارا، وآخر إبداعات هذه الطبقة بواخر وزير الطاقة سيزار أبو خليل التي تُقدّر مبالغ الهدر والسّمسرات فيها بحوالي ثمانماية مليون دولار فقط، في بلدٍ على حافة الافلاس. وهاهو الوزير عينُه وقد تحلّب فوهُ على المليار دولار، المخصصة لبناء سفارة أميركية جديدة، تليق بعظمة الولايات المتحدة الأميركية، فيحضر وضع حجر الأساس بجانب المسؤولين الأميركيين، وهو مغتبطٌ فرحان بصفته وزيراً للطاقة، وصفته الخفيّة كمستشارٍ ومُمثّل لوزير الخارجية جبران باسيل، الذي لا يستطيع أن يحضر بشخصه، مراعاةً لوثيقة التفاهم مع حزب الله ووفاءً لها.
ثانياً: الفجور موصولٌ بفجور قريش...
لا بأس بهكذا فجور، فهذه الطبقة لها في أعزّ القبائل العربية وأشرفها قريش، أُسوةً حسنة، فلطالما مارست قبيلةُ النبيّ مثل هذا الفجور، وقد شهد بذلك شاهدٌ من أهلها، الخليفة هشام بن عبد الملك ، وقيل أنّه لم يكن في ولد عبدالملك بن مروان أكملُ من هشام، وكان ابنُه سعيد عاملاً له على حمص، حتى جاءهُ كتابٌ يرمي سعيداً بالنساء والشراب وفيه:
أبلغ إليك أمير المؤمنين فقد
أمدَدْتنا بأميرٍ ليس عنّينا 
طوراً يُخالفُ عمراً في حليلته
وعند ساحته يُسقى الطّلا دينا.
فلمّا قرأ الكتاب بعث إلى سعيد فأشخصهُ، فلما قدم علاهُ بالخيزرانة وقال: يابن الخبيثة، تزني وأنت ابن أمير المؤمنين! ويلك! أعجزت أن تفجر فجور قريش؟ أو تدري ما فجور قريش لا أُمّ لك؟ قتلُ هذا، وأخذُ مال هذا؛ والله لا تلي لي عملاً حتى تموت.
شروح: العنين: العاجز عن إتيان النساء.
الطّلا: النبيذ الذي اختُلف فيه، وفي جواز شربه.