يعتقد كثيرون في خطئٍ شائعٍ أنّ المذهب الشيعي مخالفٌ لمذهب أهل السّنة والجماعة، في حين أنّ ائمة الشيعة، حتى الإمام السادس جعفر الصادق كانوا محافظين وسلفيين و"سنّيين" إن صحّ التعبير، اي متمسّكين بسُّنة النبي"ص"أكثر من منهج الامام أبي حنيفة الفكري والتشريعي. فقد اعتمد أبو حنيفة على قاعدة "تبدُّل الاحكام في كلّ زمان، مما أثار عليه المحافظين، ذلك أنّ هذه القاعدة تعطي العقل سلطةً تشريعية واسعة ،رفضها المحافظون وطعنوا بقياس واستحسان هذه المدرسة. واعتبره البعض "مُخرّبا للدين". في حين أنّ الشيعة الإمامية كانوا ملتزمين بالكتاب والسُّنة، متابعين ما يُروى عن الأئمة، مرفوعاً إلى النبي ص ،وتلك هي أصولهم الثابتة في التشريع والكلام، حتى نُقل عن الإمام جعفر الصادق::حديثي حديثُ أبي وحديثُ أبي عن جدّي، وحديثُ جدّي...إلى أن ينتهي برسول الله. وهكذا فقد اعتمد على الحديث، ولم يُقرّ الاجماع العام ولا القياس. وقاد معركةً قاسية ضد مدرسة الرأي العراقية، وقطع كلّ شك بقوله:وما شيعةُ جعفر؟ إلاّ من كفَّ لسانه، وعمِل لخالقه، ورجا سيّده، وخاف الله. أو: "لا تقبلوا عنّا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسُّنة... ولا تقبلوا علينا ما خالف ربَّنا تعالى وسُّنة نبيّنا". أمّا الإمام محمد الباقر فقد أُثر عنه: "والله ما بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله من حُجّة، ولا نتقرب إليه إلاّ بالطاعة". هذا الفكر الإمامي الذي سيُدعى فيما بعد مذهباً شيعياً، يمتد من علي بن الحسين(ت104هج) صاحب الصحيفة السجادية، المعروف بمحا فظته الصرفة على السّنة، وتعويله على أخبار الآحاد، وكان يتمتع باحترام الجميع. وكان يُطلق عليه مع سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر: السّادةُ الغُرّ الميامين، لِعلمِهم وتُقاهم وأدبهم في المدينة، لا يضاهيهم أحد، وكانت أمهاتهم فارسيات ،وأخوات ، وكذلك الباقر الذي قيل في علمه الكثير، وكذلك الامام جعفر الصادق الذ ي أصبح لشدة التزامه بالسنة زعيم مدرسة المدينة الحديثية.