أُثرَ عن القائد الفرنسي الأمبراطور نابليون بونابرت قولاً مشهوراً: فتّش عن المرأة، وهذا إذا أعيتك الحيلة وأُسقط في يدك، وفي أيامنا الغبراء هذه لا تبحث عن المرأة فائقة الحسن والجمال، والمكر والدهاء، ولا عن الرّجل الفذّ الألمعي، فتش عن المال، ودور المال، وسِحر المال، كان أولو الأمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد وضعوا يدهم على سوريا أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد، بواسطة البترول، أي المال، كانت إمدادات النفط الإيراني إلى سوريا بستة عشر دولارا للبرميل الواحد، رغم تقلبات أسعار النفط العالمي، وصولاً إلى المائة دولار وقد يزيد، وتمكّن الحرس الثوري الإيراني من تأسيس ميليشيات عسكرية مُنظّمة في لبنان والمنطقة العربية والخليج بالمال الذي لا ينضب، ولا تنقطع إمداداته، رغم ما يُشاع عن حال الفقر والعوز في المجتمع الإيراني ذاته، ويروي بعض الزوار اللبنانيين إلى إيران، أنّ الإيرانيّين كانوا ينظرون إليهم شزراً، ويقولون لبعضهم تلميحاً وتصريحاً بأنّكم تتنعمون بأموالنا ونحن هنا نتضوّر جوعاً.

 


كل نظريات ماركس وتحليلاته تكمن حول قدرة رأس المال وجبروته ووحشيّته، واعتباره مصدر البؤس والعذاب للعمال والفلاحين الفقراء والمساكين، ويذكر المؤرخ الراحل هشام جعيط وهو يبحث في تاريخية الدعوة المحمدية، الأثر الكبير والحاسم للتجارة القرشية مع اليمن والشام،  ممّا أنتج تفاوتاً بين العشائر والسلالات والأفراد، فعبد شمس، وأمية بالأخص، ومعها مخزوم كانتا تظهران بمظهر الثروة والزعامة بالنسبة للكلّ، بالتجارة تغيّر مفهوم الشرف، فلم يعد يعني فقط القِدم في الجاه، أو اكتساب وظائف دينية أو قيادية في الحرب، ولا التّحدر من رجلٍ عظيم، بقدر ما صار يعني الثروة الجديدة من التجارة، التي أتت لتُعزّز الشرف التليد، أو لتؤسّس شرفاً جديداً، الوليد بن المغيرة، شيخ قريش زمن الدعوة هو أخو هشام بن المغيرة، وقد أثرى من تجارة الرقيق مع اليمن، ويبدو أنّ هيبة العاص بن وائل السهمي( والد عمرو بن العاص) ارتكزت أساساً على المال، وواضحٌ أن أبا سفيان وهو ما زال شاباً، جمع بين عراقة المحتد والثروة والمقدرة فيما بعد، وعندما تقول المصادر أنّ خديجة( زوج النبي) شرُفت في قومها، فيعنون بذلك المال، وهذا ما يُفسّر مثلاً أنّ النّحام بقي سيد عُدي، عوض عمر بن الخطاب، بالرغم من شرف عمر وكثرة حلفائه ومواليه، لأنّ النّحام كان  هو "المُطعم"، أي مطعم الفقراء والمحتاجين.

 


ما زالت الأمور على حالها منذ مبعث الرسول حتى اليوم، لذا لا تعجبوا من سرّ جبروت حزب الله وتنظيمه وعُلوّه في الأرض، فها هو كبيرهم الحاج محمد رعد يستعلي على الجميع من على منبر قصر بعبدا: نحن أسياد البلد، وغيرنا همجٌ رعاع، وفي أحسن الأحوال صيصانٌ لا جرذان حسب قول معمر القذافي، وهذا بحمد الله تعالى بفضل المدد الإيراني، ادامه الله وأبقى ذخره.