اشارت مجلة "إيكونوميست" الى إن القادة الأجانب لم يستمعوا لنداء رئيس حكومة تصريف الأعمال في ​لبنان​ ​حسان دياب​ الذي طلب من العالم المساعدة وحذّر من الكارثة والانفجار الاجتماعي. وأضافت أن نداء دياب في 6 تموز سقط على أذانٍ صماء وسط معاناة البلد من أزمات وفقدان العملة اللبنانية معظم قيمتها بشكل لم يعد الناس قادرين على توفير الطعام والدواء والوقود. وأضاف أن معظم القادة الأجانب لا يثقون بالساسة في لبنان.

ويدير دياب حكومة تصريف الأعمال منذ الانفجار الذي هزّ ميناء بيروت العام الماضي والذي كان نتيجة إهمال الحكومة. وفشل ساسة لبنان الذي تقسمهم الطوائف ويُتهمون بالفساد في تشكيل حكومة، ولم يتفقوا على إصلاحات طلبها القادة الأجانب. وحتى عندما يبدو النواب في البرلمان وهم يعملون شيئا جيدا، فهناك شك بنواياهم. خذ مثلا الخطة التي مررها البرلمان لاستبدال الدعم للمواد الأساسية، الوقود والطعام والدواء، والذي لم تعد الدولة قادرة على تحمله ببرنامج دعم مالي بقيمة 55 مليون دولار للفقراء.

ولفتت الى انه بهذا الحسّ، فالمقترح من البرلمان جاء بعد توصية البنك الدولي في كانون الأول بأن بنك لبنان لن يكون قادرا على تمويل الدعم لنقص الاحتياطي الأجنبي الضروري. وكان البنك الدولي محقا في تحليله، حيث أجبر بنك لبنان على إلغاء أو تخفيض الدعم هذا العام. وكان من الممكن استهداف النظام القديم بطريقة أفضل لأن الأغنياء يستهلكون من البضائع المدعمة أكثر من الفقراء، كما أن النظام الجديد الذي لم تنفيذه بعد، غير شفاف. فليس من الواضح من يستحق الدعم ومن لا يستحقه.

ومهما يكن، فقلّة من اللبنانيين يؤمنون بقدرة الساسة على توزيع المساعدات بطريقة منصفة. فلديهم تاريخ بتقديم المساعدات الحكومية السخية لأقاربهم وأنصارهم (خاصة في ظل التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل). وتذهب العقود لمن لديهم صلات مع الساسة والحكومة بشكل يؤثر على طريقة تقديم الخدمات.

وكان مناسبا أن يمرر النواب البرنامج والعرق يتصبب منهم في القاعة التي لم يكن فيها مكيفات هواء بسبب انقطاع التيار الكهربائي. والسؤال المحير هو: من سيمول برنامج توفير الدعم المالي؟ يمكن للمصرف المركزي تمويله، لكن ينقصه الاحتياطي من العملة الأجنبية وطباعة أوراق عملة جديدة تعني زيادة التضخم. وهناك إمكانية الاعتماد على الدعم الخارجي، فيمكن للبنان مثلا استخدام المساعدات من صندوق النقد الدولي التي يقدمها للدول الفقيرة لدعم اقتصادها ومساعدتها للتغلب على تداعيات كوفيد-19.

وذكرت انه من المتوقع تسليم المساعدات في الخريف، وهناك من يريد تحويل استخدام القروض التي قدمها البنك الدولي لأغراض أخرى. ولن يمانع البنك الدولي لو ذهبت الكثير من أمواله لمساعدة الفقراء مباشرة، ولكن صبره نفد مع الحكومة. ففي كانون الثاني، وافق البنك على إقراض لبنان 24 مليون دولار ومساعدته على توسيع شبكة الأمن الاجتماعي، بما في ذلك تحويلات مالية للفقراء. وربما كان ضخ مال أكثر في البرنامج خيارا، لو نفذته الحكومة. لكنه توقف لعدة أشهر بسبب الخلافات بين البنك الدولي والساسة حول كيفية توزيع المساعدات ومن يحصل عليها. وبالمحصلة لا يحب الساسة اللبنانيون رقابة البنك الدولي عليهم.

ومن المتوقع أن تقدم الحكومة في الأسابيع المقبلة خطة مفصلة حول تمويل وتنفيذ برنامج المساعدة الجديد. لكن اللبنانيين لا يحبسون أنفاسهم، فالفقر يتزايد والخدمات تنهار. ويبدو الساسة حريصين على حماية نظام الحماية والرعاية الذي أسهم بالأزمة، لكل هذا نزلت مناشدات دياب على آذان صماء.