لم تنتهِ بعد مفاعيل قضية تهريب كميات من الكبتاغون الى السعودية، فماذا يجري في كواليس هذا الملف الذي اختلطت فيه قصة الرمانة بالقلوب الملآنة؟

عقب قرار الرياض بمنع استيراد المنتجات الزراعية من لبنان، إثر ضبط شحنة المخدرات المهرّبة، تحرّكت الدولة اللبنانية على مستويات عدة لاحتواء تداعيات الأزمة المستجدة، فعُقد اجتماع «توجيهي» في قصر بعبدا، وتفقّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي المعابر الحدودية لمعاينة الواقع عن قُرب، بينما كانت الاجهزة الأمنية تتشدّد في تدابيرها الاستباقية والوقائية، بالترافق مع التحقيق العاجل في ملابسات الشحنة التي ضبطتها الرياض، وصولاً الى كشف معظم خيوطها تقريباً.

 

على خط آخر، باشر وزير الداخلية في تحضير تقرير مفصّل حول وضع الجمارك التي تقع على خط تماس مباشر مع تحدّي مكافحة التهريب، ويبدو انّ هذا التقرير سيتضمن وقائع صادمة حول الوضع المترهل للجمارك.


 
 

وأبلغ فهمي الى «الجمهورية»، انّه تواصل اكثر من مرة مع وزير الداخلية السعودي منذ نشوب أزمة الكبتاغون المهرّب في شحنة الرمان، لافتاً الى انّه مستعد لزيارة الرياض اذا اقتضت الضرورة ذلك، من أجل معالجة تداعيات ملف تهريب المخدرات وطمأنة السلطات السعودية إلى أنّ الدولة اللبنانية تنكّب بكل طاقتها على منع التهريب وسدّ الثغر في هذا المجال، «وبالتالي فإنّ الزيارة واردة ويمكن ان تحصل بعد عيد الفطر».

 

ويؤكّد فهمي، انّه «لا ينام الليل سعياً الى إيجاد حلّ لهذه الأزمة المستجدة التي يدفع ثمنها المزارعون والتجار اللبنانيون، وسط معاناة اقتصادية غير مسبوقة»، آملاً في التوصل الى المعالجة المطلوبة في أقرب وقت ممكن».

 

وقد تمكنت الاجهزة الأمنية اللبنانية من كشف كل ملابسات شحنة الكبتاغون التي ضبطتها الرياض في الرمان الآتي من لبنان، حيث تمّ إلقاء القبض على اثنين من المتورطين فيها، بينما فرّ واحد الى سوريا وآخر الى تركيا، مع الاشارة الى انّ الأربعة هم من اللبنانيين المجنسين.

 

ويشدّد فهمي، على أنّ التحقيقات اظهرت حتى الآن انّه لا توجد أحزاب خلف تهريب كميات الكبتاغون الى السعودية، وانّ المسألة تتعلق بعصابة من مجموعة أفراد ليست لديهم اي تغطية سياسية.

 

كذلك، يعتبر وزير الداخلية انّ الموقف السعودي بمنع استيراد المنتجات الزراعية لا يندرج في إطار الضغط السياسي على لبنان، وانما يأتي في سياق ما تفترض المملكة انّها اجراءات ضرورية لحماية امنها ومجتمعها، «ونأمل في أن تنتفي الحاجة إلى مثل هذه الاجراءات قريباً».

 

وفي إطار تفعيل التدابير العملانية، استطاعت الاجهزة الأمنية قبل نحو اسبوع، ضبط شحنة من المخدرات تعادل 11 كيلوغراماً من الكوكايين، آتية من البرازيل، وكان يراد إدخالها الى لبنان عبر المطار، ليعاد توليفها ومن ثم تهريبها. وقد جرى توقيف صاحب هذه الكمية، وهو يخضع حالياً الى التحقيق لمعرفة ما اذا كان يوجد شركاء له.

 

ويلفت فهمي الى انّ كثيراً من محاولات تهريب المخدرات من والى لبنان يتمّ ضبطها، على رغم الضعف الشديد في القدرات اللوجستية، مشدّداً على أنّ العمل يتمّ باللحم الحي في احيان عدة.


 
 

ويوضح وزير الداخلية، انّ «هناك من جهة نقصاً في عديد العناصر وفي تأهيل العديد بشكل يتناسب مع تطور التحدّيات، وهناك من جهة أخرى ضعف تقني على مستوى المعدات الضرورية، التي أكاد أشعر بأنّ بعضها يعود الى ما قبل الميلاد، لاسيما بالنسبة إلى السكانر»، متسائلاً: «هل يجوز انّه وبعد كل هذا المال المهدور والمنهوب الذي أوقع الدولة في شبه افلاس، وبعد تراكم دين عام يفوق الـ90 مليار دولار، لا يوجد لدينا سكانر متطور؟ ما هذا الفساد الذي لا يتوقف عند حدود»؟

 

وعُلم انّ وزارة الداخلية ستحاول سدّ النقص في مجال السكانر عبر طريقتين: الأولى وضع دفتر شروط لإجراء مناقصة من أجل شراء معدات جديدة، وهذا المسار يتطلب وقتاً وتمويلاً، والثانية، السعي الى الحصول على مساعدة من الخارج.

وتعليقاً على احتمال اللجوء إلى الخيار الثاني، يقول فهمي: «للأسف لقد حولونا دولة متسولة».