أسأل اليوم: هل يُمكن أن يرتاح مَن تسبّب بتجويع الناس وإفقارهم وافقادهم الامل في الحياة ؟

أقول لمَن نهبوا البلد ان ينظروا الى نتيجة أفعالهم، هناك عائلات تجوع، وشبّان فقدوا آمالهم وينتظرون الهجرة، وناس تعبوا وشقوا وخسروا جنى أعمارهم، وبلد مدمّر ومستنزف. هذه هي نتيجة أفعالكم الواضحة والتي بات الناس يعرفونها جيداً.


 
نصيحتي لمن نهب البلد، أرجعوا ما سرقتموه لكي لا تلاحق هذه الفضيحة اولادكم وذريّتكم من بعدكم.

لا تورثوا أولادكم صيت المال المنهوب فالاعمال السيئة تلاحق أصحابها، والناس ذاكرتها حية خاصة من خسر جنى عمره ومستقبل اولاده، ومن جاع وتم إذلاله بسبب افعالكم.

لا يوجد فعل سيئ او فضيحة تتوارى الى الابد، وخصوصا اذا كانت تتعلق بسرقة الناس وسرقة احلامهم وشبكة أمانهم، فإذا كنتم تعتبرون انكم محميون اليوم بفعل السلطة، فغداً لن تكونوا كذلك وسيتحمل نتيجة افعالكم أولادكم وذريتكم من بعدكم. فهم سيحملون وزر ما فعلتوه، وسيلاحقهم العار ولن يتمكنوا من السير في الشوارع، ولن يتمكنوا من رفع وجوههم لمواجهة الناس الذين أفقرتموهم وجوّعتموهم اليوم.

فانظروا ما حصل لبرنادر مادوف وهو أكبر محتال مالي معترف به في تاريخ العالم والولايات المتحدة. دمّر مادوف حياة عائلات بكاملها حيث أدى احتياله الى أذية المئات من الأشخاص الذين وثقوا به ووضعوا بين يديه كل ما يملكونه من أموال، فخسروا كل شيء ومنهم من انتحر وخسر حياته.

أعمال مادوف أدت ايضاً الى تدمير عائلته، فقد انتحر أحد أبنائه بعد سنة واحدة، إذ وجد مشنوقاً في شقته في نيويورك، وابنه الثاني توفي بالسرطان بعد ان تعرض لانتكاسة في علاجه بسبب حالته النفسية السيئة، اما بقية العائلة من زوجات ابنائه وغيرهم فيعيشون في عزلة تامة، وعمد البعض الى تغيير هوياتهم هرباً من غضب الناس والحقد الذي يكنّه المجتمع لمادوف وعائلته.

ومثال آخر على انّ الافعال السيئة لا تختفي مهما طال الزمن، في 23 حزيران الجاري 2020، قامت مجموعة مناهضة للعنصرية بتشويه تمثال جان بابتيست كولبير Jean-Baptiste Colbert (1619-1683) في فرنسا وسط مطالبات بإزالة تماثيله، وكان بابتيست المراقب العام للمالية في عهد لويس الرابع عشر ومؤلف القانون الاسود CODE NOIR الذي يشرّع وينظّم تجارة الرق في المستعمرات الفرنسية، بعد اكثر من 300 عام على موته، يُحاكمه الشعب بسبب أفعاله المخالفة لحقوق الانسان ويطالبون بمحو الرموز التي يجسّدها.

هذا إثبات على انّ الظلم والسيئات لا تُنسى وتبقى في الذاكرة الجماعية.

هذه عدالة الارض، اما عدالة السماء فهي شيء آخر...

هل ستهربون من عدالة السماء؟ وماذا ستقولون حين تواجهون الخالق للمحاسبة؟

أتذكرون انّ هناك يوم القيامة ويوم الدين حيث الحساب الحقيقي الأبعد من محاكم الارض وعدالتها؟

تذكروا ذلك جيداً.