أثار قرار  الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الانسحاب من اتفاقية دولية لحماية النساء من العنف، بمعارضة شديدة من جانب جمعيات حقوقية، ونواب في البرلمان التركي. 


وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قد أصدر، السبت، مرسوما رئاسيًّا، بانسحاب بلاده من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي المعروفة باسم "اتفاقية إسطنبول"..


وبرر نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، خطوة إردوغان، بأن بلاده لا تحتاج تقليد الآخرين، في حماية حقوق المرأة.

وأضاف أوقطاي في تغريدة على تويتر: "مصممون على نقل نضالنا الذي يهدف إلى رفع مكانة المرأة التركية إلى مستويات أعلى، مع المحافظة على نسيجنا الاجتماعي التقليدي".
 
وبحسب تقرير لشبكة "سي.أن.أن" الأميركية، قوبل القرار باحتجاج شديد من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا.
الحريري التقى اردوغان في اسطنبول
أكسيوس: "إسرائيل" تتجه نحو تحسين العلاقات مع تركيا.. البداية من لهجة أردوغان

وقد تصاعد الجدال حول المعاهدة منذ آب الماضي، بعدما أطلق محافظون ومجموعات دينية حملة ضد الاتفاقية، وانتقادها لإهانة القيم العائلية والدعوة لدعم مجتمع المثليين.

ووصفت عضوة البرلمان المعارضة، غوكشي غوكجن، الخطوة على تويتر، بأنها محاولة لجعل "النساء مواطنات من الدرجة الثانية".

وتعهدت غوكجن، بإعادة تركيا إلى الاتفاقية مرة أخرى، مضيفة أن الحكومة الحالية فشلت في تأمين حقوق النساء والأطفال.
 
وقال ائتلاف من مجموعات نسائية، إن المرسوم الرئاسي بالانسحاب من الاتفاقية بدا وكأنه "كابوس"، وترى المجموعة أن هذه الخطوة تعني أنها لن تحمي النساء من العنف بعد الآن.

وقال بيان التحالف: "من الواضح أن هذا الانسحاب سيمكن القتلة والمسيئين والمغتصبين من النساء".

وقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أحد المنافسين الرئيسيين لإردوغان إن "الإعلان عن الانسحاب من اتفاق إسطنبول في منتصف الليل، فيما نبلّغ كل يوم باعتداء جديد يرتكب ضد نساء، أمر مرير"، وأضاف أنه "ازدراء بالنضال الذي تخوضه النساء منذ سنوات".

ودعت مجموعة "وي ويل ستوب فيميسايد" (سنوقف قتل النساء) إلى "معركة جماعية ضد من تخلوا عن اتفاق إسطنبول" وتظاهرة احتجاجية، السبت، في كاديكوي في الجزء الآسيوي من إسطنبول، في رسالة على تويتر.

وحضت الأمينة العامة للمجموعة، فيدان اتاسيليم، الحكومة على "التخلي عن هذا القرار والتزام الاتفاق".

وليس لدى تركيا أرقام رسمية بخصوص جرائم قتل النساء، إلا أن منظمات حقوقية تقول إنه قتل نحو 77 امرأة في عام 2021، بحسب "سي.أن.أن".

"دوافع سياسية"
من جانبه، رأى الخبير في الشأن التركي، صلاح لبيب أن هدف الحكومة التركية من خلف اتخاذ هذه الخطوة، سياسية في المقام الأول.

وقال لبيب في تصريح لموقع قناة "الحرة": "تقديري أن الحكومة تتعاطى مع التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها والأزمات الكبرى في هذا المجال، بمغازلة التيار المحافظ القومي والديني".

وتابع لبيب قائلًا: "وفي هذا الإطار، جاء الانسحاب من هذه الاتفاقية التي طالما انتقدتها القوى المحافظة الدينية، نظرا لما ورد فيها من بنود اعتبرتها مهددة لتماسك الأسرة منها ما يتعلق بالنوع الاجتماعي".

ولفت لبيب إلى أن "الإشكالية تكمن في أن أنقرة تصاعد فيها العنف الأسري وخاصة ضد المرأة، وأي إشارات نحو الانسحاب من اتفاقيات تتعلق بحقوق المرأة تمنح إشارات سلبية نحو مواجهة هذا العنف".

وتصاعدت في الأعوام الأخيرة معدلات الجريمة في تركيا، وأثارت الانتباه زيادة الجرائم ضد النساء، وأخرى ذات الطابع الاجتماعي مثل الخطف والاغتصاب والتحرش والنصب.

وأشار الخبير في الشأن التركي إلى أن الحكومة التركية لم تعلن أسبابها الموضوعية للانسحاب في هذا التوقيت رغم مرور سنوات على التوقيع على هذه الاتفاقية.

ورأى لبيب أنه "يبدو وأن الانسحاب، جاء متزامنا مع إقالة محافظ البنك المركزي التركي، ليأخذ جانبا من الجدل الذي سيتصاعد حتما لإقالة رجل جرى تعيينه منذ فترة قريبة وهو ما سيؤثر بلا شك على وضع الليرة المتدهور".

وتعتبر جرائم العنف ضد النساء في البلاد من القضايا الحساسة، إذ قال موقع منظمة "جرائم ضد المرأة" إن 1964 امرأة قتلت في تركيا منذ العام 2010.

وسبق وأن أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، "وجوب الوقوف في وجه كل من يستهدف حقوق المرأة، كونه دينا في أعناقنا".

واعتبر  إردوغان، في تصريحات له مطلع العام الحالي، أن حزب "العدالة والتنمية" هو أكثر حزب في تركيا يضم نساء بين أعضائه، وقال إن "حكومات الحزب بذلت جهودا حثيثة لتمكين المرأة من الوصول إلى المستوى الذي تستحقه في كافة مجالات الحياة وليس السياسة فقط".