لفت الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ في كلمة له بمناسبة يوم "شهيد حزب الله" إلى ان "ملف ترسيم الحدود مع اسرائيل هو من انجازات وثمار دماء الشهداء وتضحيات المقاومين، وللتذكير فإن عشية التحرير في 25 أيار 2000 قلت باسم المقاومة بوضوح نحن في المقاومة لا ندخل في مسألة ترسيم حدود لا برية ولا بحرية وليس من عملنا ان نحدد الحدود، قلنا في ذلك الوقت وبشكل واضح ان هذا الامر من مسؤوليات الدولة ومن صلاحياتها"، مشددا على ان "الدولة بمؤسساتها هي التي تقرر أين هي الحدود البرية والبحرية للبنان والمقاومة تلتزم بما تحدده الدولة وتعتبر انه من واجبها إلى جانب الجيش والشعب ان تدافع عن هذه الحدود، هذا ما زال موقفنا، لم ولن يتغير، والدولة اللبنانية هي من قالت ان مزارع شبعا أرض لبنانية محتلة وان هناك جزء لبناني من بلدة الغجر وليس نحن كمقاومة فرضنا هذا الأمر"، موضحا انه "في الماضي لم يكن هناك اهتمام حول الحدود البحرية وعندما بدأ الكلام عن موضوع النفط والغاز والشركات التي تريد ان تأتي وتستثمر بحاجة إلى ضمانات قانونية وأمنية، هذا ما دفع المسؤولين للاهتمام بوضوع ترسيم الحدود البحرية، إلا انه لم يكن هناك موضوع حيوي اسمه ترسيم الحدود البحرية قبل الحديث عن النفط والغاز، ونحن الأمر الوحيد الذي طالبنا به هو اجراء مفاوضات غير مباشرة حول ترسيم حدود فقط لا غير، وبمجرد انه تم الاعلان من قبل رئيس المجلس النواب نبيه بري عن اطار للتفاوض بات واضحا بأن الامور ذاهبة للتفاوض وأن الملف بات في عهدة الرئيس ميشال عون ".

 


ورأى ان "ملف المفاوضات معزول عن مسار التطبيع في المنطقة، وهذا الموضوع لا يحتاج تعليقاً وغير وارد عند حركة "أمل" و"حزب الله"، وكل ما يقال عن مسار للتطبيع هو كلام فارغ"، لافتا إلى ان "الكلام عن مفاوضات بين حزب الله واسرائيل تحت الطاولة وبين إيران واسرائيل وبين الرئيس السوري بشار الاسد والاسرائيليين وحماس، كل هذا مناخ واحد ينبع من غرفة سوداء واحدة هدفها التغطية على المطبّعين، وهذه كلها مجرد أكاذيب وأوهام ولا أساس لها من الصحة، فنحن موقفنا من اسرائيل واضح ودائما نكرره في كل المناسبات فهي وجود غير شرعي سرطاني وشيطاني، هم مجموعة من العصابات المغتصبة لارض فلسطين ولسنا بوارد ان نكون مسهلين لمفاوضات التطبيع معه"، موضحا انه "نقبل بمفاوضات لحل ملفات كتحرير أسرى وترسيم حدود اما مفاوضات ​السلام​ فموقفنا واضح ولا يحتاج إلى مزيد من التفسير".

 

وأكد السيد نصرالله ثقته الكاملة بادارة الرئيس ميشال عون لهذا الملف، "نعرف صلابته وحرصه على تحقيق المصلحة الوطنية وتحصيل حقوق لبنان، ونحن اختلفنا معه على تشكيل الوفد اللبناني المفاوض وقلنا اننا لا نقبل بالوفد الاسرائيلي إلا عسكر من باب الحرص الشديد على ان لا يثير هذا التفاوض اي أسئلة أو شبهات، والرئيس تجاوب مع فكرة ان لا يضم الوفد سياسيين لكن بقي الخلاف حول وجود المدنيين ولم نستطع ان نتفاهم وأصدرنا البيان حول هذا الأمر لتسجيل موقف وهذا البيان حمى الوفد اللبناني". وقال: "من الواضح ان الوفد اللبناني يلتزم بحذر وبشدة وبدقة بالضوابط الموضوعة، وهو ليس بموقع ضعف والتوسل لأحد لا للأميركيين ولا لغير الأميركيين".

 

وعن المناورة الاسرائيلية الأخيرة، لفت إلى انه "خلال المناورة الإسرائيلية الأخيرة تم الحديث عن جهوزية اسرائيلية لعمل ما في لبنان أو الجولان، ونحن نعرف قيمة لبنان ومقاومتها عندما نلاحظ أن المناورات الإسرائيلية انتقلت للتفكير الدفاعي وبات طموحهم البري محدود، وفي أي حرب مستقبلية مع إسرائيل ستكون القوة البحرية لديهم أعجز من نحقيق أي إنجاز حقيقي"، مشددا على ان "المقاومة في لبنان تنقل الإسرائيلي من موقع الهجوم الى موقع الدفاع، والإسرائيلي كان يتعاطى مع لبنان انه لا شيء وقواتنا غيرت نظرته وهو يتوجس من الهجوم على لبنان". وأكد انه "نحن لا نستهين بالسلاح الجوي الاسرائيلي ونسلم بأنه من أقوى الاسلحة في المنطقة لكن هذا لا يشكل ضمانة ولا يحمي المشروع الصهيوني في المنطقة لأن سلاح الجو وحده غير قادر على صنع الانتصار". وأعلن ان "المقاومة كانت قبل بدء المناورة إلى ما بعد المناورة في حالة استنفار وهذا أمر عرف به الاسرائيلي لأن أهميته هي التأكيد أننا جاهزون وأنه إذا فكر بأن يقوم بأي حماقة سيكون ردنا جاهزا وسريعا".

 

وعن الانتخابات الرئاسية الأميركية، دعا السيد نصرالله للتأمل بالارقام والمعطيات التي قدمت خلال الحملة الانتخابية والتوقف عندها وأخذ العبرة "لأن هناك من يقدم لنا أميركا النموذج الأعلى"، لافتا إلى ان "كل العالم تابع الانتخابات وهذا الأمر طبيعي، ومجريات الانتخابات والخطابات والحملات الانتخابية قدمت صورة عن مجموعة حقائق في اميركا على مستوى النظام السياسي والديمقراطي". ورأى انه "إذا كانت الادارة الأميركية بشكل رسمي أي الحزب الجمهوري تتبنى المعركة التي يواصلها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب ولا تسلّم بالنتائج فأين الديمقراطية؟".وأضاف" ان ترامب يريد ان يصادر أصوات عشرات الملاييين من الأميركيين لاعلان فوزه ولا نعرف إلى اين يريد أخذ أميركا". وقال: " وبالتالي بعد ما رأيناه لا أحد ينظّر علينا بالديمقراطية الغربية والأميركية". واعتبر ان "الأمور لن تتغير مع الادارة الجديدة في منطقتنا، فالأساس هو في ال​سياسة​ الاسرائيلية لأن كل شيء له صلة باسرائيل ولا يهمنا من الرئيس الأميركي فجميعهم يتقاتلون على حماية إسرائيل ودعمها والوقوف معها". ودعا لعدم المراهنة على الادارة الجديدة.


واعتبر انه "من أسوأ الحكومات الأميركية المتعاقبة هي حكومة ترامب وهي الأكثر تكبراً وقبحاً ووقاحة وسيغادر حاملاً حسرة ألا مسؤولاً ادارياً ايرانياً اتصل به، وهو فشل بكسر ارادة الشعب الفلسطيني، ومع خروجه يسقط احد الاضلاع الثلاثة لصفقة القرن التي يمثلها إلى جانب بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان". وقال: "ترامب فشل في فنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية وفشل باخضاع الصين والعنوان العريض له هو الفشل، وانا فرح بسقوطه المذل خصوصا بعد قتله لقاسم سليماني وتفاخره بالأمر". كما رأى انه "في ظل حكومة عدوانية عل هذا المستوى العالي من العنجهية وإمكانيات الذهاب الى الحرب مثل حكومة ترمب، صمدنا ومنعنا بإدارتنا التي تتفوق على طغيانهم انتصارهم". ودعا للحذر واليقظة والانتباه خلال هذين الشهرين، آخر شهيرن من ولاية ترامب".

 

وبما خص السياسة الأميركية في لبنان ومسار العقوبات، قال: "ما يهم السياسة الأميركية في لبنان هو اسرائيل وأمنها وحدود لبنان معها وابعاد أي خطر أو تهديد في لبنان على هذا الكيان مع طموح أخذ لبنان لاتفاقية سلام مع اسرائيل هذا هو الهم الأول والثاني والثالث لها، ومشكلة أميركا في لبنان هي ليست فعلا الفساد فالفساد مشكلة عمرها عشرات السنوات، مشكلة أميركا الاساسية في لبنان هي المقاومة، والمشكلة مع حزب الله ليس انه حزب سياسي بل لها علاقة بالمقاومة، وأنها هي عنصر القوة للبنان، واليوم العدو الاسرائيل يشعر بقلق كبير ويعتبر انه هناك من يدافع عن لبنان عبر معادلة الجيش والشعب والمقاومة وأميركا كل همها خلال السنوات الماضية التخلص من حزب الله". وأضاف "كل المؤامرات التي تستهدف المقاومة منذ عام 2005 إلى اليوم فشلت ومؤامرة الـ 2005 للفتنة والحرب الأهلية فشلت ومن بعدها حرب تموز واغيتال عماد مغنية ومن ثم الحرب في سوريا كل ذلك فشل، فلجأت الى تحريض البيئة الشيعية الخاصة والعامة على حزب الله عبر الحرب الاقتصادية والتهديد بالعقوبات، واخذوا مسارين احدهما العقوبات الاقتصادية والثاني محاولة تحميل حزب الله مسؤولية كل الفساد والانهيار بهدف إيصال رسالة للبنانيين "تريدون ان نساعدكم انهوا حزب الله"، وكل محاولاتهم باءت بالفشل".

 

ورأى ان "ما ساعد على فشلها أيضا وعي اللبنانييين عموما"، مشددا على انه "لا يمكن اتهام حزب الله بالفساد فمن لديه ملفا ضدنا ليتوجه به إلى القضاء".

 

أما عن العقوبات فقال: "ان العقوبات هدفها الضغط النفسي والبحث عن عملاء، "ضعوا العقوبات التي تريدون فهي لا تقدم ولا تؤخر، فلا أموال لنا بالمصارف في الخارج، ونحن سكان هذا البلد "على قد حالتنا نعيش وماشي حالنا ولدينا قضية نؤمن بها جاهزون ان نضحي من أجلها". واعتبر ان "الخطوة التي كرهناها حمت أموالنا، فمنعنا من وضع أموالنا في المصارف بسب العقوبات ساعدنا على حمايتها اليوم، ومن كانوا فرحين انهم ليسوا على لوائح العقوبات فأموالهم اليوم مهددة في المصارف".

 

وأوضح انه "تضامنا مع الوزيرين العزيزين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس مع فرض عقوبات عليهما والعقوبات على رئيس التيار الوطني الحر تمت بتحريض لبناني داخلي لحسابات شخصية لها علاقة بباسيل وبحسابات سياسية". وكشف ان "باسيل قال لي أن أميركا تريد منه انهاء العلاقة مع حزب الله وإلا وضعه على لائحة العقوبات لكنه أكد لي انه لن يقبل وسيرضى بوضعه على لائحة العقوبات وأنا قلت له ان العلاقة بيننا قديمة وراسخة، نحن لا نريد ان تتأذوا، اتذخوا أي وقف ترونه لمصلحتكم نتيجة هذه الضغوط ونحن جاهزون للمساعدة".

 

كما توجه نصرالله للحلفاء، قائلا: "أنتم أحرار ونتفهم أي موقف تتخذونه بحال تعرضتم للضغوط الأميركية، كل شخص يرى اين مصلحته ومصلحة البلد ويتخذ القرار الذي يراه مناسبا". وتمنى على كل اللبنانيين "التعاطي مع العقوبات على انه خرق للسيادة، فإذا خرجت وصنفت أحد خصومنا كارهابي لن أقبل بذلك لأنه لا يحق للإدارة الأميركية ان تصنف اي شخص على انه ارهابي أو فاسد فهذا شأن لبناني داخلي". وسأل " بأي حق قانوني واخلاقي يحق للادارة الاميركية ان تصنّف الناس، فهي من تصنّع الارهابيين ومن تقوم بتصنيفهم، واميركا لا يحق لها ذلك، فهي رأس الفساد في الكرة الارضية، ومن الواضح ان الاستخدام هو سياسي، وهل اذا فكّ التحالف مع حزب الله لا يعود فاسدا؟".

 

واعتبر ان "موقف باسيل شجاع ويبنى عليه ونتمنى على الجميع التضامن معه لان استهدافه عام وقد يشمل الجميع، والردّ على العقوبات هو تطوير العلاقة بين "حزب الله" و"التيار" لمصلحة البلد".

 

من جهة أخرى، أشار إلى انه "في كل سنة نحيي ذكرى شهدائنا، للتذكير فقط اخترنا هذا اليوم ليكون يوما لذكرى كل شهائنا باعتبار العملية الكبيرة التي حصلت في مثل هذا اليوم عام 1982 عندما قام الاستشهادي أحمد قصير باقتحام مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور مما أدى باعتراف الاسرائيلي إلى سقوط ما يزيد عن 100 ضابط وجندي اسرائيلي، وهذه ما زالت العملية الاكبر والاضخم في تاريخ ​الصراع العربي الاسرائيلي​، ونأمل ان يأتي يوما ويقوم مجاهد آخر بعملية تكون هي الاضخم والاكبر من هذه العملية"، مشيرا إلى انه اخترنا هذا اليوم ليكون يوما لكل شهدائنا القادة المسؤولين والعلماء في كل المناطق. وفي هذه المناسبة أتوجه غلى ارواح الشهداء الطاهرة بالتحية والسلام، نحن نعترف بفضلهم وعظمتهم و ما قدموه لنا ويجب ان يعرف ذلك الناس وأن نعرف قيمة الشهداء ، وعندما نتحدث عن أمن وسلام واستقرار وسيادة وعزة وكرامة وموقع قوّة فالفضل الأول لذلك كهو لله عز وجلّ ومن ثم لهؤلاء الشهداء لذلك نحن نعترف بهذا الفضل لهم ونشكرهم لأننا ننعم ببركة انتصاراتهم".