فتح الرئيس سعد الحريري بالأمس كُوّة أملٍ أمام مُتابعيه ممّن يتوقون بفارغ الصبر لوجود بصيص الأمل بالخروج من الإنسداد السياسي والإنهيار الشامل، حين أعلن استعداده لرئاسة الحكومة العتيدة
 

من مزايا الرئيس سعد الحريري التي لا تتوفّر، وربما لن تتوفّر، عند غيره ممّن يمتهنون السياسة، هي الميلُ الشديد لمُهادنة خصومه وعدم مُشاكستهم، درءاً للتّصدّي لهم، ولربما وصل الأمر عنده حدود " الإنبطاح"، كما ورد على لسانه بالأمس خلال برنامج مارسال غانم "صار الوقت"، ولو اقتصر الأمر على ذلك لهان الأمر، إلاّ أنّ هذا الإنبطاح غالباً ما يترافق مع الميل إلى "مناكفة" حُلفائه، والحطّ من قيمتهم، وبخس حقوقهم، والطلب منهم التهاون والتنازل والإذعان، مقابل تشدُّد "الخصوم" وعُسفهم وبطشهم، هذه هي حال الرئيس سعد الحريري مع خصومه السياسيين والمسؤولين: حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر ومن يدور في فلكهم، كذلك حالهُ مع حلفائه الطبيعيين: القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب ومن يدور في فلكهم، بالإضافة إلى عددٍ لا بأس به من المعارضين السياسيين في تيار المستقبل والمنشقين عنه.

 

إقرأ أيضا : التفاوض مع العدو الإسرائيلي، هل تقع خطوة الثنائي الشيعي لصالح لبنان؟

 


اليوم، أمام محنة اللبنانيين المنكوبين والمفجوعين، والتي بلغت حدود المأساة الفظيعة، بعد الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي في طول البلاد وعرضها، وبعد الإنفجار "النووي" في مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب الماضي، ووأد مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون على يد " خصوم" الرئيس سعد الحريري: الثنائية الشيعية، واستبسالهم في إطالة أمد معاناة اللبنانيين كُرمى لعيون الوليّ الفقيه في إيران، فتح الرئيس سعد الحريري بالأمس كُوّة أملٍ أمام مُتابعيه ممّن يتوقون بفارغ الصبر لوجود بصيص الأمل بالخروج من الإنسداد السياسي والإنهيار الشامل، حين أعلن استعداده لرئاسة الحكومة العتيدة، مع توجيه بعض رسائل التطمين لخصومه التقليديين، ووضع حلفائه المفترضين( القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي) أمام وضعٍ حرجٍ سيضطرهم للقبول بتولّيه منصب الرئاسة الثالثة من جديد، رغم التجارب المريرة معه في تواريخ لم يمُرّ عليها الزمن، أمّا اللبنانيين الصابرين الغافلين الذين أصبحت خلافات الطبقة السياسية الفاسدة برُمتّها وراءهم، بعد أن حاصرهم الجوع والفقر والمرض والهجرة، وانهيار المنظومات التعليمية والإستشفائية والأمنية والقضائية، لا يملكون سوى الرجاء الضعيف جدّاً بالنجاح بمهمته الجديدة في رئاسة الحكومة الجديدة، والتي أعاد بالأمس استعداده لتجرّع " سمّها" مرّةً أخرى، مع أنّ صحّته بدت "هزيلة" بالأمس، ربما من آثار آخر جرعة سُمٍّ تجرّعها بعد  "انبطاحه" الأخير أمام طلبات الثنائي الشيعي التي لا تنتهي.