لم تساعد زيارة الرئيس فلاديمير بوتين الى مشفى "كوموناركا" المركزي التي تحتضن مرضى الكورونا الروس في موسكو ، ولا الصورة التي انتشرت  مع مدير المشفى" دينيس بوتسينكو" الذي تبين بانه اصيب بالوباء الروس من هلع تفشي الوباء ،منذ بداية الاخبار التي انتشرت حول تفشي الوباء من الصين .


بمعنى بان روسيا لم تكن بعيدة عن خطر الاصابات بالفيروس الذي سيطر على معظم انحاء الكرة الارضية  كونها جانحة عصفت بكل بقاع الدنيا، والدولة لم تتفاعل سريعا مع الحالة. 


اذن المشكلة تكمن في الخطوات الاحترازية الاستباقية التي افتقدتها موسكو في البداية لمكافحة الوباء والحد من انتشاره . لقد كانت روسيا من الدول الاوائل التي اقفلت حدودها البرية والجوية مع مصدر الوباء ، انها حليفة لروسيا التي تتهم عالميا بانها ناشرة للفيروس الاصفر ،  ومن دون الادلاء بتصريحات من هنا او من هناك تتهم فيها دول عالمية باستخدام الوباء، لان الروس دوما يرجحون نظرية المؤامرة الخارجية. 


لكن اقفال الحدود مع الصين لم يمنع انتشار الوباء في العاصمة الروسية ، والعديد من المناطق نتيجة التباطؤ الكبير من الدولة في اتخاد قرارات سريعة للاستفادة من الدول الغربية التي بات الوباء ينتشر فيها  ويهدد سكانها،  لم تضع  الدولة خطة تحمي البلاد من الاصابات التي باتت حاليا تنتشر بسرعة نتيجة الاختلاط  واستقبال الوافدين من الدول الاخرى، كونها ابقت  الجامعات والمدارس تعمل بالإضافة الى وسائل النقل العام وتحديدا متروا الانفاق الذي يعتبر من المحميات المعرضة لانتشار الوباء بل اعتمدوا على نظرية شرب الفودكا تحمي الجميع .


كانت الدولة الروسية تحاول الاخفاء لما يجري في روسيا من نمو سريع للإصابات وبظل سرعتها وانتشارها مما فرض على الدولة نظاما قاسيا طرحه الرئيس للأقفال والحجر الصحي المنزلي او الحبس لمدة خمس سنوات.  فالسر الذي كان يخفيه النظام الروسي بعدم الاقفال والالتزام  بقواعد الصحة العالمية نتيجة نقطتين.


عدم وجود معلومات صادقة من الحليف الاصفر، والثاني رغبة بوتين بعقد استفتاء على تعديل الدستور في نيسان الحالي من اجل وضع مادة جديدة تسمح للقيصر الاحمر بتجديد ولايته مجددا لمرتين جديدتين، اضافة الى ان بوتين كان يحضر لاستعراض عسكري كبير في الساحة الحمراء بمناسبة 75 عام على الانتصار على الفاشية .


فالحجر الصحي سوف يمنع تنفيذ تصوراته وتنفيذها ، لذلك تعمد الانظمة الدكتاتورية في إخفاء الحقائق عن مجتمعاتها ، وعن العالم لأسباب متعلقة بصورتها المريضة التي تعرض شعبها للخطر. 


اما حول الاندفاع الروسي السريع في تقديم مساعدات كبيرة  وسخية للدول الاوروبية وامريكا كان من باب المزايدة العالمية  الموسومة تحت البند الانساني الذي يخفي في طياته العديد من النقاط المهمة ، وقد يمكن تفسيرها بلعب دور قادم  في النظام الدولي القادم اذا تسنى لها.


لقد شاهدنا الاندفاع الروسي بالتوجه نحو ايطاليا من خلال ارسال 14 طائرة عملاقة احتوت على مساعدات كبيرة ، وكان في طليعتها  سيارات الشحن التي افرغت  ،حمولتها بتغطية واضحة من محطات التلفزة العالمية،  وكتيبتين عسكريتين من الضباط الاطباء والممرضين المختصين بالحرب البيولوجية والفيروسية التي تملكها روسيا ولاتزال منذ ايام الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة  للمشاركة في عملية الانقاذ الطبي للذين بحاجة  لها،  وقد فتحت المشافي الميدانية  وقدمت  المساعدة الطبية الانسانية التي تحتاجها ايطاليا تحت شعار "المساعدة الانسانية" .


 لقد ذهب  الروس الى الشمال الايطالي قبل الدول الاوروبية المرتبكة في معالجة الوباء المنتشر في مدنها، ليسجلوا نقاط اعلامية بالدرجة الاولى لناحية المساعدة الانسانية والوقفة المسؤولة من قبل دولة روسيا التي تحاول لعب دور مميز في هذه المعركة  الكونية . روسيا ذهبت من اجل اكتشاف نقطتين هل الصينيون افتعلوا حرب بيولوجية فعليا، وخاصة بان الروس لأول مرة لم يطلقوا تصريحات تحمل في طياتها اتهامات واستخدام نظرية المؤامرة بل كانوا من الدول الأوائل الذين اقفلوا الحدود مع الصين،  وخاصة بانهم يملكون حدود كبيرة معها، وينتشر على اراضيها اعداد كبيرة من الصينين العاملين في مناطق الشرق الاقصى الروسية حيث تملك اكبر حدود برية معها.


فاذا كانت الصين نفذت هجوما بيولوجيا  حقيقيا  فيعني ذلك بان روسيا في صلب اهدافها ولذلك يجب فك هذه الشيفرة التي يمتلكها هذا الفيروس ، بالإضافة الى ان روسيا تعمل على ايجاد لقاح سريع لهذا الوباء علها تتمكن من تفكيك الشيفرة الطبية ويمكنها تصنيع لقاح سريع  سيقدم لها حلاً سريعا لحصارها الاقتصادي والذي يفك علتها دون أي قرار دولي من خلال تواجدها في ايطاليا في قلب القارة الاوروبية .


فكان الاجدى بروسيا مساعدة نفسها حيث بات خطر الفيروس كبير ويهدد مواطنيها ومدنها او اللجوء الى مساعدة اوكرانيا الدولة الفقيرة التي تحتاج للمساعدة او دولة صربيا الطفل الغير شرعي لروسيا او مساعدة الحليف الايراني الذي يعيش شعبه في كارثة حقيقية .

خالد ممدوح العزي .

صحافي كاتب لبناني