الكاتب: يوسف حسين
 
في زمن كورونا لم يعد التعليم كما كان سابقا، ولم يتصور أي من الطلاب أو الأساتذة أن يصبح التعليم عن بعد جزءاً من يومياتهم، الذي لم يكن إلى وقت قريب شائعاً أو مفضلاً لدى كثيرين في العالم.
 
إلا أن خطر انتشار فيروس كورونا في لبنان أدى إلى إغلاق المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء البلاد، كغيرها من المناطق حول العالم، كإجراء وقائي لحماية الطلاب والأساتذة من الإصابة بالفيروس.
 
وكان لبنان قد سجل حتى ظهر الجمعة، 391 حالة إصابة بفيروس كورونا.
 
ولجأت المدارس الرسمية والخاصة إلى تقنية "التعليم عن بعد" عبر مواقع تعليمية على شبكة الإنترنت وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، كخطوة ضرورية اتخذتها وزارة التربية لاستمرار المسيرة رغم الظروف الحالية.
 
وبناء على ذلك، فإن قرار التربية اشتمل اللجوء إلى هذه الخطوة من خلال 3 مسارات، تتمثل في البث التلفزيوني وعلى المنصات الإلكترونية فضلا عن إرسال الدروس والمواد التعليمية ورقيا إلى منازل الطلاب.
 
وأوضحت الوزارة أن مسار البث التلفزيوني يستهدف توفير المحتوى التعليمي لأكبر عدد ممكن من التلاميذ والطلاب، وخصوصا من لم يتوافر لديهم الإنترنت، وأضافت أن البث سيكون عبر تلفزيون لبنان والتلفزيونات الخاصة.
 
وتقوم فكرة التعليم الالكتروني على عدة أساليب، منها شرح الدروس عبر المحادثة بالفيديو بين الأستاذ وتلامذته في أوقات معينة، بمدة لا تتجاوز 50 دقيقة لكل حصة تدريسية.
 
أيضا من خلال تقنية التواصل بالصوت فقط، أو عبر إيصال الدروس للتلاميذ عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "واتساب" بملفات PDF.
 
وفي هذا الإطار تقول الطالبة نجية قاسم (تدرس تمريض): "قام المعهد بإنشاء صفحة للدراسة أون لاين، ولكن تبيّن أن الدروس لا تصل لكل الطلاب".
 
** تصوير وإرسال دون شرح
 
وتضيف قاسم في حديثها للأناضول: "أنشأ الأساتذة مجموعات لجميع المواد عبر تطبيق واتسأب، ومن بعدها قرروا بالاتفاق على إنشاء مجموعة واحدة لكل المواد".
 
وتتابع: "لكن بعض الأساتذة لم يلتزموا بقرار المعهد بإنشاء مجموعة واحدة، فعمد كل أستاذ إلى إنشاء مجموعة لمادته".
 
وتلفت قاسم إلى أن "الأقليّة فقط من الأساتذة يقومون بشرح الدروس، فيما يفضل غيرهم تصويرها وإرسالها إلينا دون شرح".
 
من جهته، يقول الطالب حسين ابراهيم (يدرس تدفئة وتبريد): "قامت المدرسة بإنشاء برنامج للطلاب من أجل التعليم عن بعد، ويرسلون الدروس عبر رابط، لكن بسبب الإنترنت الضعيف لا نستطيع فتح الروابط بسهولة".
 
ويشير الطالب أحمد أنطكلي (صف تاسع): "التدريس يحصل بمرحلتين، الأولى عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب ويرسل عبرها مقاطع مصورة وشرح الدروس وملفات".
 
ويكمل: "في مدارس أخرى يطلب من الطلاب تثبيت تطبيق اسمه (Class Room) ولكل أستاذ غرفة يرسل عليها شرح الدروس، ويحصل تواصل بين الطالب والأستاذ، ولكن بالطريقتين لا يمكن التواصل عبر الفيديو".
 
** مدارس لم تبدأ بالتعليم عن بعد
 
أما الطالب محمد فارس (ثالث ثانوي) فيقول: "في مدرستنا لم نبدأ بالدراسة أون لاين بعد، ولكنهم يرسلون لنا الأسئلة ونحن نقوم بحلها ويرسلون إلينا دروس PDF تتضمن شروح للدروس، لا أكثر".
 
في سياق متصل، تعتبر الأستاذة ماريا عواد (مديرة مدرسة)، أن "تجربة التعليم عن بعد أفضل حل الآن، لأنه إذا كان البديل هو ألا نعلّم أبداً فهذا نوع من الاستسلام، وهذا ليس بصالح الطلاب".
 
** صعوبات لوجستية
 
وتوضح عواد في حديثها للأناضول: "هناك صعوبات واجهتنا مثل الصعوبات اللوجستية، لأننا اكتشفنا أن أغلبية الطلاب غير مجهزين بحواسيب، وأغلبهم يتابعون الدروس عبر الهواتف".
 
وتردف: "نحن نستعمل تطبيقات يمكن استعمالها عبر الهاتف، ولكن الصعوبة التي نعانيها هي عندما يرسل الأستاذ ملفا أو وثائق فيرتبك التلميذ قليلاً وتضيع معلوماته ووثائقه بعكس الذي يدرس عبر الحاسوب".
 
وتتابع المديرة: "ضعف الإنترنت من العوامل التي واجهناها أول أسبوع، فأغلبية الطلاب اشتراكاتهم بالإنترنت على الهواتف كانت محدودة، أما الآن فمعظم التلاميذ قاموا بحل المشكلة".
 
** نقص واختلاف في العملية التعليمية
 
وعن الصعوبات، تقول عواد: "هناك صعوبة تربوية من ناحية التأكد من أن التلميذ موجود ذهنياً معنا بسبب التواصل عن بعد، هناك عوامل مهمة بالعملية التعليمية غير موجودة بالتعليم عن بعد مثل التواصل والحركة ووجوده جسدياً والتركيز والمشاركة".
 
وتوضح: "بالنسبة للأساتذة، بالمرحلة الأولى قمنا بتدريبهم أيضاً عن بعد ولم نجمع الأساتذة في المدرسة لأن التجمعات كانت ممنوعة، وهذا أخذ منا بعض الوقت".
 
وتضيف: "وقد اكتشفت أن تحضير حصة دراسية تعليمية عن بعد مختلفة عن طريقة التحضير في الصفوف الدراسية بالمدرسة".
 
** منح الطلاب الأمل
 
وتشدد عواد: "نحن مستمرون وهدفنا ليس فقط إنهاء المنهج الدراسي، فالصحة أهم، لكن الهدف هو منح الطلاب الأمل".
 
وتتابع: "فبمجرد تواصلهم معنا لمدة 3 ساعات باليوم نشغلهم عن الهموم ونشعرهم أن الحياة مستمرة".
 
وتشير أنه "لا معطيات حتى الآن حول ما إذا كانت الامتحانات الرسمية ستقام أو لا أو إذا ما كان سيتم دمج هذه السنة الدراسية بالسنة المقبلة".
 
وتذكر أن "نسبة الالتزام تزيد مع الوقت، بالبداية كانت خفيفة، ولكن الآن ارتفعت إلى 80 - 90%، وإن حصل غياب فيحصل لأسباب لوجستية كانتهاء باقات الإنترنت لدى التلاميذ".
 
** التعليم الالكتروني ليس بديلاً عن التعليم المباشر
 
الأستاذة هدى خليفة (معلمة لغة عربية)، بدورها تشرح آلية التعليم الالكتروني قائلة: "تلاميذنا معظمهم لديهم إنترنت، قسم منهم يعمل على الهواتف وقسم آخر عبر الحواسيب".
 
وتضيف للأناضول: "أنا أشرح الدرس لهم وهم يرون الدرس وأتشارك معهم بطريقة تفاعلية، البعض منهم يفتح الكاميرا والبعض الآخر لا، هم يروني وأنا لا، هذا يحصل عبر تطبيق خاص بالتعليم، والحصة لا تتعدى 50 دقيقة".
 
وتتابع: "نسبة الحضور بين 80 - 90 بالمئة، يأخذون ملاحظات وأضع المعلومات على الصفحة الخاصة بصفهم، والحصة الثانية أذكرهم بالدرس السابق، ونصحح الوظائف".
 
وتعتبر المعلمة أن "التلاميذ لا يستفيدون بهذه الطريقة كما هو الواقع في التعليم المباشر، هي ليست بديلا عن التعليم في المدرسة، ونحن نضطر لتقليل المعلومات، ونختصر ونعطي المعلومات الأساسية حتى لطلاب الشهادة الرسمية".
 
وحول علاقة وزارة التربية بالتعليم الالكتروني ومصير العام الدراسي، يقول مستشار وزير التربية ألبيرت شمعون: "قرارالتعليم أون لاين هو قرار وزير التربية، وكل القطاع التربية الرسمي والخاص لديهم تطبيقات ووسائل عديدة للتعليم الخاص".
 
ويضيف شمعون للأناضول: "في ظل أزمة كورونا تقرر أن نسير بمجال التعليم عن بعد وحصل تظافر بالجهود، لا لنخلق نظام تعليم بديل وجديد، ولكن لنحافظ على الطلاب وحتى لا يتعرضون للمرض، وايضاً ليستفيدوا من الدروس".
 
ويتابع: "من ليس لديه إنترنت من الطلاب هناك مسار تلفزيوني ونقدم دروس عبر تلفزيون لبنان، ومن ليس لديه تلفاز وهاتف يمكن للمدرسة إرسال الدروس الورقية له".
 
وعن مصير العام الدراسي والامتحانات الرسمية يجيب المستشار: "هذا الوضع سيستمر إلى حين إعلان قرار العودة للمدرسة".
 
ويلفت: "لا تزال الإمتحانات الرسمية قائمة، لكن من المبكر البت بهذا الموضوع".
 
وحتى صباح الأربعاء، أصاب كورونا أكثر من 859 ألف شخص في 201 دولة وإقليم، توفي منهم ما يزيد عن 42 ألفًا، وتعافى أكثر من 178 ألفًا.
 
وأجبر انتشار الفيروس دولا عديدة على إغلاق حدودها، تعليق الرحلات الجوية، فرض حظر التجول، تعطيل الدراسة، إلغاء فعاليات عديدة، منع التجمعات العامة، وإغلاق المساجد والكنائس.