عليكم من أجل السلامة واتّقاء شرّ هذا البلاء، باتّباع إجراءات بسيطة جدّاً، لستم بحاجة لاستعمال الحاسوب ولا الهواتف الذكية، الزموا منازلكم، كما أمرت ذات يومٍ تلك النّملة التي خابت سليمان وجُنده، ونظّفوا أيديكم، وقلّموا أظفاركم، ونقّوا رواجبكم ( فرجات ما بين الأصابع).
 
لم يكن ليتخيّل عاقلٌ أو مخبول، أنّ مسار ثورات المعلوماتية والإتصالات وغزو الفضاء الخارجي، والمضيّ إلى أبعد الحدود في تطوير الأجهزه الإلكترونية والهواتف الذكية، يمكن أن يرُدّها فيروس Corvid-19 إلى ما دون الصفر، أي إلى الحضيض، حتى بات على المرء الذي تمكّن بجُهدٍ جهيد،  من ملاحقة أرقى أشكال التكنولوجيا، أن يرتدّ على عقِبيه، ويتمعّن في مراقبة ومتابعة من يحاول( جاهداً أيضاً) أن يُعلّمه ويُلقّنهُ أصول تنظيف اليدين بالماء والصابون، اتّقاءً لهذا الوباء الخبيث، إلاً أنّ الجديد الذي كان غائباً عن بال الناس أجمعين، ولا يُعيرونه أدنى اهتمام، هو: تنقية الرواجب( أي فرجات ما بين الأصابع)، وتُشدّد الفيديوهات المنشورة على إيلاء تنظيف الرواجب قدراً وافياً من الأهمية في التنظيف والتّعقيم، وإنّنا لنعجب اليوم لكون "تنقية الرواجب" كانت مدار الإهتمام الأول في السلوكيات التي حثّ الإسلام المبكّر عليها " كالخِتان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقصّ الشارب"،ففي الحديث أنّ الالتزام بأحكام السُّنّة هذه يتّصل بالوحي،  حتى أنّ الوحي "يتوقّف" بالمعنى الفعلي على هذا الالتزام، وهذا ما لاحظه الصحابة ذات فترة، ففاتحوا النبي به: قيل، يا رسول الله، لقد أبطأ عليك جبريل عليه السلام، فقال: ولمَ لا يّبطئ عنّي، وأنتم لا تستنّون ( أي لا تُنظّفون أسنانكم)، ولا تُقلّمون أظفاركم  ولا تُنقّون رواجبكم.
 
ومن هذا القبيل، وما يتعلق بالتّشدّد بمسائل النظافة والتعقيم في بواكير الإسلام، ما ورد عن تهكُّم المشركين الذين ظنّوا يوماً أنّهم مُحرجو سلمان الفارسي بقولهم: إنّنا نرى نبيّكم يُعلّمكم كلّ شيء حتى الخراءة، فلم يجد الصحابي الجليل حرجاً في الجواب أن أجل! لقد نهانا أن نستقبل القِبلة لغائطٍ أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو بأقلّ من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيعٍ أو عظم، ويذهب الإمام الغزالي وهو يُلحُّ على وجوب اتّباع النظافة والطهارة، فينسب حديثاً للنّبي (ص) يقول فيه:" بُني الدينُ على النظافة "، وفي حديثٍ آخر " مفتاح الصلاة الطهور"، وكان العرب في الجاهلية، كما هو حالهم في الإسلام، يُعانون من نقصٍ خطيرٍ في الماء بسبب الطبيعة الصحراوية، والغزالي يعذر الخليفة عمر بن الخطاب، الذي مع عُلوّ منصبه توضّأ من ماءٍ في جرّة نصرانية، وقد أصرّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الوضوء قبل الطعام، لأنّه ينفي الفقر وبعده ينفي اللّمم، ومن آداب العرب في الوضوء أن يبدأ صاحب البيت فيغسل يديه قبل الطعام، أمّا الغسل بعد الطعام فكان عند المسلمين أشبه ما يكون بتنظيفٍ حقيقي كما يقول آدم متز( في كتابه الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري)، وأصبح لهذا الإغتسال أدبٌ خاصٌّ من أبرز سماته أن لا يغسل العامّةُ أيديهم ويُنظّفون أسنانهم بحضرة الرؤساء والكُبراء، وذلك لما يحتاج الإنسان من استقصاء الغسل، والمبالغة في التنظيف وإجالة الأنامل في اللهوات والخلال في الأسنان، ممّا لا يشُكُّ أحدٌ أنّ سترهُ عن عين المُحبّ والمُبغض، والرّفيع والمتواضع أحمدُ من اطّلاعه عليه، وحُكي عن الأفشين( وكان قائد جند المعتصم العباسي وحظيّاً عنده)، فكان أول غضبه عليه أنّه أكل عنده يوماً، ثمّ دعا بالطست، فغسل يديه بحيث يراه المعتصم، فقال المعتصم: هذا التّيسُ الطويل اللحية يدعو بالطست حيث أراه،
عليكم من أجل السلامة واتّقاء شرّ هذا البلاء، باتّباع إجراءات بسيطة جدّاً، لستم بحاجة لاستعمال الحاسوب ولا الهواتف الذكية، الزموا منازلكم، كما أمرت ذات يومٍ تلك النّملة التي خافت سليمان وجُنده، ونظّفوا أيديكم، وقلّموا أظفاركم، ونقّوا رواجبكم ( فرجات ما بين الأصابع).