لم يتوقع الطبيب الدكتور عماد الحسيني أن تكون زيارة ابنه محمد الى لبنان هي الأخيرة، وهو الشاب الذي يدرس الطب في سنته الخامسة في أوكرانيا. كأن محمد الحسيني جاء ليودع والده لتنتهي حياته في شكل مأسوي أمام البناية التي يقطنها أهله على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت. توفي محمد في الثاني من شباط الجاري، ولم يجر تحقيق جدي حول ملابسات وفاته المفاجئة، إذ وفقاً للطبيب الشرعي الذي كشف على الجثة تبين وجود كدمات في الرأس أدت الى الوفاة. وللذين لا يعرفون والده الأستاذ الجامعي الدكتور عماد الحسيني، فهو الطبيب الذي تعرض للكثير من التهديدات في وقت سابق وهو الذي يكشف للمرة الأولى أمام زائريه انه تعرض للاعتداء بالضرب وفقد احدى عينيه. والحسيني الأب استمر في حمل ملف له علاقة بشهادة الدكتوراه في الطب الشرعي لرئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب، مشككاً بصحتها، وقد حكم عليه أخيراً في الدعوى المقدمة ضده من ايوب بالسجن أو دفع مبلغ 20 مليون ليرة تعويضاً.

القصة لا تتعلق بالدكتور عماد الحسيني الذي تعرض لشتى أنواع الضغوط والتهديدات، وانتهت قصته مع الجامعة بعد الحكم القضائي الأخير. القضية تتعلق بنجله الذي توفي من دون معرفة ملابسات الوفاة، هل هي جريمة أم أنها وفاة عادية؟ وهي قضية لا يمكن كشف ملابساتها الا بالتحقيق الجدي والشفاف، خصوصاً وان محمد عماد الحسيني قد جاء في زيارة خاطفة الى لبنان لمدة 5 أيام وفق ما يقول أهله، وهو كان في اجازة عند والديه حيث جاء لرؤيتهما من أوكرانيا التي يدرس الطب في احدى جامعاتها طالبًا في سنته الخامسة، وكان يتهيأ للعودة سريعاً لاكمال دراسته. وفي المعلومات التي رواها الاهل، أن الطالب محمد تلقى اتصالاً هاتفيًا مساء الثاني من شباط الجاري غادر على اثره منزله. مرت مدة من الوقت قبل ان يصعد سلم المنزل شخص ينادي الوالد والوالدة بأن ابنهما مرمي في الشارع. هرعت الوالدة لتجد ابنها ملقيًا على الأرض ومضرجًا بالدماء، يلفظ انفاسه الاخيرة.

 

نقل الشاب محمد إلى مستشفى السان جورج حيث فارق الحياة قبل ان يصل الى الطوارئ. وعلى الأثر كلفت فصيلة الحدت الطبيب الشرعي ع. ح. الذي نظم تقريرًا طبيًا جاء فيه ان محمد مصاب بتكدم في أنحاء مختلفة من الجسم خصوصاً في الرأس، وأفاد ان لا نزيف داخلياً، علماً أن التحقيق يجب أن يتبع مصدر الشخص المتصل بالضحية لمعرفة ما حصل وما اذا كانت الوفاة مجرد قضاء وقدر. لكن في تقرير الطبيب الشرعي ما يسترعي الانتباه، حيث قال إن المتوفي كان يتلقى علاجاً للكآبة والأمراض العصبية، وأنه عانى من ضيق تنفس جهدي خلال يوم الوفاة وقبل وفاته بعد نزوله من منزله الى مدخل البناء حيث وقع أرضاً ونقل الى الطوارئ ولم تفلح محاولات انعاشه. ورجح بأن المتوفي عانى من أزمة صدرية حادة تمثلت بضيق النفس الشديد والارهاق العام، ما أدى الى توقف القلب والوفاة الحادية عشرة ليل 2 شباط الجاري.


الطبيب الشرعي رجح سبب الوفاة ولم يحسمها على الرغم من أنه يؤكد وجود كدمات في الرأس ومختلف أنحاء الجسم. القضية يجب أن تكشف بكل بملابساتها، وهذا الامر لا يمكن الا بالتحقيق الشفاف وتحرك القضاء للكشف عن خلفيات ما حصل، وما اذا كانت جريمة بشعة!