عند تكليفك قلنا لكم يا دولة الرئيس المنتظر، ما هكذا تورد الإبل يا سيد دياب، ونُكرّرها اليوم لا مُعتذرين ولا آسفين، بانتظار قول الكلمة الفصل لثّوار الانتفاضة الشعبية.
 
كان قد انقضى شهران كاملان على اندلاع الانتفاضة الشعبية اللبنانية، بوجه أعتى سلطة فاسدة عرفها لبنان خلال تاريخه الحديث والمعاصر، وآتت تباشير أُكُلها باستقالة رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري، قبل تعيين الدكتور حسان دياب رئيساً مُكلّفاً لتشكيل الحكومة الإنقاذية العتيدة، والتي يسعى ثوار الانتفاضة مع سائر الشعب اللبناني للحصول عليها، ورغم الإطلالات الخجولة للرئيس المكلّف، إلاّ أنّه لم يعدم كلّ ما آتته الفرصة أن يقول بأنّه سيُلبّي طموحات اللبنانيين بتأليف حكومة إنقاذية حيادية من أصحاب الكفاءات الوطنية والتكنوقراطية، مُستقلة عن أركان النظام "الفاسد"، صحيح أنّه لم يُقنع أحداً ممّن خبروا ألاعيب أهل السلطة الفاسدة منذ أكثر من ربع قرن، إلاّ أنّ البعض ذهب إلى وجوب إعطائه الفرصة المناسبة، والوقت الكافي لتأليف حكومة يمكن لها أن تتصدّى لكافة المشاكل والأزمات المتراكمة منذ ما قبل انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الأول عام ٢٠١٩ وبعدها، وهذا ما حصل عليه دياب، ومع غضّ النظر عن الوقت المّبدّد سّدىً وعبثا، تُطالعنا الأخبار هذه الليلة بقرب ولادة حكومة المحاصصات والمواقع الحزبية التابعة للثلاثي الذي عيّن دياب( الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر)، وذلك بعد تدخُلّ القابلة الشرعية الممثّلة ب"الخليلين"، أو "الحسنين" كما قال بعض الظرفاء، على مائدة دسمة للرئيس دياب، إلاّ أنّها وللأسف الشديد لا توحي ببادرة خير أو فألٍ حسن للُّبنانيّين التواقين لولادة الحكومة الإنقاذية.
 
حكومة إذا ما صدرت كما سُرّبت، وبما تضمّه من وزراء تابعين لمرجعيّاتهم الحزبية والطائفية البغيضة، إنّما تؤكّد ما سبق وحذّرنا منه، كغيرنا من المّتوجّسين الخائفين على مصير البلد ومصير أبنائه، من أنّ دياب لن يكون أكثر من صنيعة بين يدي من اختاروه ليُنفّذ أجندات سياسية خارجية مشبوهة، يختلط فيها الإقليمي والدولي، وسيجد نفسه أبعد ما يكون عن امتلاكه بعض صفات رؤساء حكومات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، عندما كان الرئيس المكلف يتوجه بعد استدعائه من القصر الجمهوري بعزّةٍ وكرامة مصحوباً بتأييد وافٍ من أبناء طائفته ومساندة اللبنانيين أجمعين.
 
عند تكليفك قلنا لكم يا دولة الرئيس المنتظر، ما هكذا تورد الإبل يا سيد دياب، ونُكرّرها اليوم لا مُعتذرين ولا آسفين، بانتظار قول الكلمة الفصل لثّوار الانتفاضة الشعبية.