الكاتب: صونيا رزق
 
لم ينته شيء بعد في ما يخص التشكيلة الحكومية، فالكل ينتظر على قارعة التأليف كيف ستكون حصتهم الوزارية؟، وإن كانت مباشرة او غير مباشرة، وأي وزراء اختصاصيّين غير حزبيّين سيكونون من نصيبهم؟، لكن وبحسب الرئيس المكلف حسان دياب سيكون بعض الوزراء من المناصرين لتلك الاحزاب في الكواليس السياسية فقط، اذ لا يوجد في لبنان حياديون كما يقول معظم السياسيّين في لبنان، وكلما تقدمت عملية التأليف عبر المسوّدة التي يقدمها الرئيس المكلف كلما كثرت معالم الرفض من هنا وهناك، ما جعل الرئيس المكلف في وضع لا يُحسد عليه، فهو يريد إرضاء الجميع من دون استثناء الموالاة والمعارضة، والحراك الشعبي في مقدم هؤلاء، وإلا فالعودة الى الشارع ستكون سيّدة الموقف بعد الانتهاء من فترة الاعياد، وكل هذا يضع مطلع السنة على المحك، فإما تكون جبهة مواجهة من الحراك الشعبي واركان المعارضة الجديدة، أي تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، مع الاشارة الى ان تيار المستقبل بزعامة الرئيس سعد الحريري يعارض اليوم ضمن الاطار المذهبي، على اعتبار ان دياب لا يمثل اهل السنّة وغير مُرضى عنه من اكثريتها، وفي مقدمهم دار الافتاء الصامتة لغاية اليوم، ما يجعل المعارضة ضمن خطين لا يلتقيان، فضلاً عن الخلافات العميقة الموجودة ايضاً بين أهل السلطة حول اسماء الوزراء وكيفية توزيع الحقائب، إضافة الى المشكلة الكبرى وهي شكل الحكومة، بحيث يصّر اليوم رئيس الجمهورية على تشكيل حكومة اختصاصيّين، فيما الثنائي الشيعي يفضل الحكومة التكنو- سياسية المطعّمة، ولو بأشخاص غير ملتزمين حزبياً انما محسوبون عليهما ونالوا الحقائب بفضل اختيارهما لهم، إضافة الى موافقتهما على أسماء كل وزراء الحكومة، وكل هذا يجعل مهمة دياب شبه مستحيلة.
 
وتقول مصادر مقربة من الرئيس المكلف ان نفسه طويل وسوف يجاهد لإرضاء الجميع، لانه آت في مهمة انقاذية للبلد مشيرة الى ان المهمة ليست سهلة وهذا ما اعتدناه في لبنان، فكيف اليوم وفي ظل هذه الظروف الدقيقة جداً والمترافقة مع انتفاضة شعبية على خصومة كبيرة بأهل السلطة ؟، اذ يجري التواصل اليومي بالعديد من الشخصيات الاختصاصية غير المستفزة، لجسّ النبض بشأن توزيرها، لا سيّما من الطائفة السنيّة، لكن معظم تلك الاسماء رفضت وفي طليعتها المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص والمهندس حسان قباني، اللذان يفضلان نيلهما الغطاء من دار الفتوى ومن الرئيس سعد الحريري، رفضاً لأي انشقاق قد يحصل داخل الطائفة .
 
الى ذلك، تلفت مصادر سياسية مواكبة للملف الحكومي الى ان التواصل شبه مقطوع بين المعنيّين بتشكيل الحكومة وتيار المستقبل، الرافض تسمية رئيس مكلف للحكومة من قبل الوزير جبران باسيل وحزب الله، بحسب ما عبّر بعض مسؤولي التيار الازرق وجمهوره الذي نزل الى الشارع في المناطق المحسوبة سياسياً عليه، مطالباً بإسقاط الرئيس المكلف لانه اختير من غير طائفته كما قالوا. إضافة الى ان عدد الرافضين الانضمام الى الحكومة يتزايد، وفي مقدمهم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي وصلت علاقته الى تدهور كبير جداً مع الحلفاء والخصوم معاً، لذا بات وحيداً ولم يعد له أي حائط مبكى سوى دار الفتوى، خصوصاً بعد التصريحات التي ادلى بها ضد اهل السلطة والتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، مع ما سبقها من تدهور بين تياره والتيار الوطني الحر، ناقلة استياء كبيراً لدى الحريري من الجميع، وبأن تعبئة جمهوره معنوياً تجري على قدم وساق، على ان يعود هذا الجمهور بقوة الى مطالبه في قلب الشارع بعد الانتهاء من فترة الاعياد، بالتزامن مع تصعيد كبير مرتقب للخطاب المذهبي، سيزيد من التشنّج وسيرفض أي شخصية سنيّة ستنضم الى الحكومة أي ستصبح مرفوضة من اهلها ابناء الطائفة السنيّة، التي سيلعب البعض على وترها المذهبي الحساس جداً في هذه الظروف لتحقيق غاياته.
 
وعلى خط الثنائي الشيعي، تتابع المصادر عينها بأن لقاءً حصل بين الرئيس المكلف والخليلين لم يتوصّل الى نتائج ايجابية، على ان يُستكمل قريباً بلقاء آخر بسبب إصرار الخليلين على تطعيم التشكيلة بأسماء محسوبة عليهما ولو بصورة غير مباشرة، الامر الذي سيفتح ابواب العاصفة على دياب، لان الجميع سيطالب بذلك، مما سيؤخر عملية التأليف وبالتالي سيطيل سلسلة الجوجلة من جديد، فيما الوضع الصعب للبلد على جميع الاصعدة يتطلّب اعلان التشكيلة اليوم قبل الغد، بحسب ما يردّد الرئيس المكلف خلال لقاءاته مع المعنيّين بهذا الملف، فضلاً عن ضرورة الاسراع للحصول على احتضان المجتمع الدولي للحكومة، ضمن مطالب هذا المجتمع المصّر على تشكيلها من اختصاصيّين، والامر مشابه للحصول على الدعم العربي المصّر على تشكيل حكومة متوازنة ، وإلا ستعود الى مرحلة تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي قاطعتها بعض القوى السياسية وضيّقت عليها.