استنكر الوسط الصحافي التونسي منع ممثلي وسائل الإعلام الدولية من تغطية المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس التونسي قيس سعيد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتبروا أن رئاسة الجمهورية تمارس سياسة التعتيم والانتقائية مع وسائل الإعلام.
 
ووصل الرئيس التركي، الأربعاء، إلى تونس في زيارة غير معلنة ولم تتوفر معلومات على الفور من مؤسسة الرئاسة بشأن وصوله، مما أحدث حالة ارتباك لدى وسائل الإعلام المحلية وممثلي وسائل الإعلام الدولية المعتمدة في تونس.
 
كما لم يتسن للعديد من وسائل الإعلام الدولية مواكبة المؤتمر الصحافي في القصر الرئاسي في قرطاج بسبب عدم الإبلاغ عن موعد المؤتمر الصحافي، كما تم منع صحافيين من عدة مؤسسات إعلامية دخول القصر لدى وصولهم لتغطية المؤتمر الصحافي، ومن بينهم مصور متعاون مع وكالة الأنباء الألمانية، ومراسل وكالة رويترز.
 
وقالت نقابة الصحافيين في بيان لها إن المنع جاء بسبب وجود قائمة محددة للصحافيين المسموح لهم بالدخول.
 

وأشارت النقابة إلى مصادرة بطاقات الفريق الصحافي لقناة التلفزيون العربي، وإرغامه من قبل الأمن الرئاسي على تحرير محضر تصوير دون ترخيص بدعوى أن التصوير أمام القصر الرئاسي يخضع لترخيص مسبق، وهو ما تنفيه النقابة.ونقلت النقابة عن مستشارة رئيس الجمهورية المكلفة بالإعلام والاتصال رشيدة النيفر أن منع الصحافيين من تغطية اللقاء يرجع إلى أن الزيارة غير معلنة، وأنه لم يكن متاحا تمكين كل الصحافيين من الدخول لما يتطلبه الأمر من إجراءات أمنية مسبقة.

ونددت النقابة في بيانها “بتواصل سياسة التعتيم التي تنهجها رئاسة الجمهورية منذ تولي الرئيس الحالي قيس سعيد والقائمة على التمييز بين وسائل الإعلام وغياب الشفافية والآنية في الإعلان عن نشاطات رئاسة الجمهورية وغياب التنظيم المحكم للتغطية الإعلامية”.

وأضافت أن رئاسة الجمهورية لم تسمح سوى لوكالة الأناضول التابعة لتركيا بتغطية حدث الزيارة، وبعض الصحافيين المقربين من تركيا وقطر في تونس.

وأفاد نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري في تصريحات صحافية بأن “ما قامت به رئاسة الجمهورية يعد مساسا بحق الصحافيين والجمهور في الحصول على المعلومة، وهو حق يضمنه الدستور التونسي”.

بدورها، قالت رئيسة وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابع لنقابة الصحافيين، فاتن حمدي، في تصريحات صحافية، إنها “اتصلت بمستشارة الرئيس الإعلامية رشيدة النيفر وأبلغتها احتجاج الصحافيين على سياسة التعتيم، لترد النيفر قائلة إن الزيارة غير معلنة ولا يحق للصحافيين التصوير في القصر أو حتى قرب القصر”.

وأضافت حمدي أن وحدة الرصد أبلغت المستشارة الإعلامية بتنديدها بسلوك دائرة الإعلام لرئاسة الجمهورية، كما أبلغتها، حسب قولها، استياء الصحافيين خاصة المحليين لعدم تمكنهم من الحصول على المعلومات في وقتها.

ونبهت نقابة الصحافيين في بيانها إلى خطورة العودة إلى مربع التضييق على حرية الصحافة وحق الوصول إلى المعلومة، و”حرمان المواطن من حقه في المعلومة”.

كما ذكرت نقابة الصحافيين أن التصوير أمام القصر الرئاسي لا يخضع في القانون إلى ترخيص مسبق.

وقد اعتبر عضو نقابة الصّحافيين زياد دبّار في تصريح صحافي أنّ سياسة التعتيم والانتقاء والإقصاء الواضحة غير مقبولة وهي مجرّمة بالقانون وفق المرسوم 115، وأضاف أنّ من حقّ كلّ صحافي مكلّف من مؤسّسته الإعلامية أن يقوم بتغطية نشاط معين.

وأشار إلى أن رئاسة الجمهورية لم تكتف بمنع عدد من الصّحافيين من القيام بعملهم بل وقامت بحجز بطاقة صحافي وهرسلته.

واستغرب دبّار الغياب التّام لمسؤولي الاتصال برئاسة الجمهورية الذّين قاموا بإغلاق هواتفهم، في ظلّ كلّ ما يحدث، معتبرا أن هذا التّصرف مرفوض تماما وغير مهني بالمرّة.

يذكر أن العلاقات ليست في أفضل أحوالها بين وسائل الإعلام ومؤسسة الرئاسة في تونس، بسبب النقص في المعلومات والبطء في الاستجابة لاستفسارات المؤسسات الإعلامية.

وتكررت الحادثة مؤخرا مع مجلس نواب الشعب، حيث قامت إدارة المجلس بمنع وإخراج عدد من الصّحافيين من البرلمان بتعّلة أنّه لا يوجد نشاط برلماني ولكن السّبب الذي كان واضحا حينها هو محاولة التعتيم على اعتصام كتلة الحزب الدّستوري الحرّ.

وعلق دبّار على هذه الحادثة قائلا أن على رئيس البرلمان راشد الغنوشي ألا يتعامل مع البرلمان على أساس أنّه منزله الخاص أو ملكه الخاص، وخاصة أنّ موقف الغنوشي لطالما كان واضحا ومعاديا لحرّية الإعلام وحرّية التعبير، وفق قوله. وقد عبرت نقابة الصحافيين عن رفضها قرار منع الصحافيين من دخول البرلمان واعتبرته خطوة خطيرة إلى الوراء في مجال حرية الصحافة وتكريسا لسياسة التعتيم التي ينتهجها القائمون على إدارة المجلس، وضربا لجوهر حق المواطن في الحصول على المعلومة وإعلان نوايا لضرب حرية العمل الصحافي.

ولاحقا قدم المستشار السياسي لرئيس المجلس جمال العوي اعتذارا باسم رئاسة المجلس للنقابة والصحافيين، وتعهد بتسهيل عملهم وعدم تكرار منعهم من القيام بعملهم، معربا عن استعداد رئاسة المجلس إلى القيام بجلسات مشتركة مع نقابة الصحافيين لتلافي هذه الأخطاء مستقبلا والعمل على مشاريع القوانين المنظمة للقطاع وقد تم في نهاية اللقاء السماح للصحافيين بالدخول إلى المجلس لمواصلة عملهم.

وفي نفس سياق هذه السياسات الجديدة لمراكز القرار بالدولة التونسية فقد تفاجأ عدد من وسائل الإعلام بمراسلة من رئاسة الجمهورية تذكّر فيها الإعلاميين بضرورة احترام التوقيت الإداري، وهو ما علّق عليه زياد دبّار بكونه بدعة جديدة لأنّ الدول التي تحترم نفسها والتي يكون فيها الصحافي حرّا لا يوجد وقت للمعلومة أو للحدث في حدّ ذاته ومن حق الصّحافي إنارة الرأي العام وتمكينه من المعلومة في أي وقت.